تحوّل اجتماع الحكومة المنتظر لتعيين حاكم مصرف لبنان في السرايا الحكومية إلى لقاء وزاريّ ودردشة، جمع فقط 7 وزراء من أصل 24 وزيراً.
الاجتماع الذي أعلن عنه رئيس مجلس النوّاب بعد لقائه رئيس الحكومة لم يحمل مفاجآت، وكانت نتيجته متوقّعة، نتيجة ظروف عدّة وعوامل سياسيّة ومصالح وتحالفات أفضت إلى هذا الواقع.
فمنذ الأربعاء، بدأت المواقف المُعلنة تشي إلى إمكانيّة السير بتعيين جديد لو رغب في ذلك رئيس مجلس النوّاب، وكان الاعتراض من حليفَيه تيّار المردة و"حزب الله" اللذين قاطعا الجلسة، ليلتحق بهما النائب السابق طلال إرسلان ووزير السياحة وليد نصّار، هذا بالإضافة إلى المقاطعة المستمرّة لوزراء "التيّار الوطنيّ الحرّ".
وفيما بدا واضحاً أنّ الهدف من الدعوة إلى الجلسة كان تحت شعار "اللهم أشهد أنّي بلّغت"، لرفع المسؤوليّة عن كاهل رئيسَي الحكومة ومجلس النوّاب، لفت موقف ميقاتي بعد الاجتماع الذي حمّل الأحزاب السياسيّة والجهات الراعية للوزراء المتغيّبين المسؤوليّة عمّا يجري، وبالتالي تكون هذه الخطوة قد أدّت مبتغاها بعد رميها على القوى السياسيّة حليفة كانت أم معارضة.
وفي هذا الإطار أشارت مصادر عين التينة لـ"النهار" إلى أنّ "لكلّ طرف وجهة نظره، وعلى الجميع أن يتحمّل مسؤوليّة وتبعات المواقف التي اتّخذها".
وأضافت: "الرهان في النهاية على تحمّل الجميع مسؤوليته، والمدخل إلى حلّ هذه الأزمة انتخاب رئيس، ومن اليوم حتّى الاثنين سيتمّ البحث في المخارج الممكنة، وما يمكن أن يطرحه ميقاتي".
واستغربت مصادر رئيس الحكومة ما حدث مشيرة إلى أنّ الأسماء المطروحة لمنصب الحاكم كانت مطروحة منذ أشهر، وهي محصورة باسمَين أو ثلاثة، والجميع يتداولها، وكان المطلوب أخذ القرار بالتشاور، لكنّ المزايدات السياسيّة تقدّمت على مصالح الناس ومحاولات الحلّ.
وأشارت إلى أنّ "على جميع القوى من الآن وصاعداً تحمّل مسؤولياتها، فالحكومة لم تترك فرصة ولا وسيلة إلّا واستعملتها لمحاولة إيجاد حلّ، والآن المسؤوليّة لدى مجلس النوّاب، وجميع قواه التي عليها التحرّك لتأمين ما هو لازم لاستمراريّة الدولة، وإلّا نحن ذاهبون نحو المجهول، والكرة منذ الآن أصبحت في ملعبهم".
في الجهة المقابلة، تشير المعلومات إلى أنّ "حزب الله" أبلغ الجميع منذ مدّة طويلة رفضه قيام حكومة تصريف الأعمال بتعيينات بشكل عامّ.
وتلفت المعلومات إلى أنّ "حزب الله" غير مستعدّ لفتح معركة جديدة مع المسيحيّين، وخصوصاً بعد التوتّر الحاصل على انتخابات الرئاسة، كما أنّ المطروحين هم البعيدون جدّاً عن الحزب وعن خطّه السياسيّ بالكامل، وبالتالي لا شيء يستدعي المعركة بشأنهم".
وبهذا يكون "حزب الله" قد قدّم هديّة أخرى لـ"التيّار الوطنيّ الحرّ" الذي أعاد فتح الخطوط معه، وبدا حريصاً على موقع رئاسة الجمهوريّة على عكس ما يتمّ اتّهامه به، كما أضحى في إمكانه طلب ردّها له، عبر المشاركة في الجلسات التشريعيّة المزمع عقدها لتغطية نوّاب الحاكم.
وعن تعارض الموقف مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، تشدّد المصادر أنّ الحزب أبلغ رئيس المجلس موقفه، وهو يؤيّد استلام نائب الحاكم الأوّل مهامَه، وتجنّب الدخول في عمليّة تعيين جديدة تزعج المسيحيّين وتكبّل الرئيس المقبل في حال تمّ انتخابه، وهذا الأمر لا يفسد في الودّ قضيّة، وهو ليس الموقف الأوّل الذي يجري التباين حوله.
أمّا بالنسبة إلى موقف "تيّار المردة" فهو يشبه إلى حدّ بعيد موقف "حزب الله" في عدم الاشتباك مع شبه الإجماع المسيحيّ الحاصل على رفض التعيين، بالإضافة إلى اعتبار أنه يجب تعيين حاكم مصرف لبنان بعد انتخاب رئيس للجمهوريّة، وأن يكون للرئيس المقبل الكلمة الأولى في تعيينه، لأنّه يشكّل حجر أساس للحكم.