فتح رئيس "التيار الوطني الحرّ" جبران باسيل بازار المقايضة من جديد منطلقاً من الجمود الذي يسود الملف الرئاسي. وأعلن في عشاء قضاء المتن الشمالي للتيار الوطني الحر أن "التيار لن يحمل ميليغراماً واحداً معكم من دون مقابل"، مشيراً إلى "أننا لن نكون جزءاً من دعم أي برنامج فاشل. وأي دعم تطلبونه منا نريد له مقابلاً، ليس لجبران باسيل، ولا للتيار الوطني الحر، بل للدولة اللبنانية، لن يكون أقل من لامركزية موسّعة يدفع ثمنها سلفاً عبر إقرارها بقانون، وصندوق ائتماني يدفع ثمنه سلفاً أيضاً عبر إقراره بقانون، وبرنامج بناء الدولة".
وشدد على انه "من دون هذه، سنترككم تفشلون لوحدكم، فهذه المنظومة لا تريد اقرار القوانين لأنها تريد البقاء بالفساد ونحن لن نغطيها ولن نساعدها"، مضيفاً: "أعطونا سلفاً اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني وخذوا أكبر تضحية منا على ست سنوات".
ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل ذهب إلى وضوح أكثر، كاشفاً ما يُعرض عليه من مقايضات للسير بسليمان فرنجية قائلاً: "نحن لن نغيّر موقفنا من دون مقابل وطني كبير يستفيد منه كل اللبنانيين. لن تغرينا لا قيادة جيش (جرّبنا) ولا حاكمية مصرف لبنان، ولا كامل الحكومة، ولا كل الإدارات. لن يغرينا إلاّ ما هو أهم من اسم الرئيس، وهو مشروع الدولة في لبنان". وبموازاة التأكيد أن "العناد يقابله عناد، والتمسك بمرشحهم يعني التمسك بمرشحنا جهاد أزعور"، لفت باسيل إلى أن "المرونة تقابلها مرونة. ويجب أن ينتصر العقل خاصةً ممن هم معروفون برجاحة العقل، ولا يجب توقف البلد على كلمة أو موقف شخصي أو مراعاة".
وقال: "الحوار ليس مجانياً ولسنا مستعدين لمنح وقت لأحد ليهدره ولا ليتلذّذ بالحوار أو يترأسه وأي حوار لإضاعة الوقت مرفوض من قبلنا".
المواقف الجديدة والواضحة وعالية السقف استتبعت بردود سريعة، بداية من أهل البيت أي من فريق 8 آذار.
وكشفت مصادر مقربة من حركة "أمل" أن طرح موضوع اللامركزية الموسعة بما يعني اللامركزية المالية التي يطالب بها التيار منذ مدة، سيقابله كلام عن المناصفة، فاللامركزيّة المالية تقابلها أسئلة عن تقسيم موارد الدولة المركزية في الوظيفة العامة وفي الخدمات وفي توزيع الثروة لاحقاً، إذ لا تصح اللامركزية الموسعة مع لاعدالة في التوزيع، أو أن يحصل فرد في مكان ما على حقوق فردين من مكان آخر".
وتختم بالإشارة إلى أن اتفاق الطائف لم يتحدث عن اللامركزية المالية أو الموسعة، وإذا أردنا فتح الموضوع فليفتح على مصراعيه وبكل تفاصيله، مع العلم أننا لهذه اللحظة نطالب ونتمسك بتنفيذ اتفاق الطائف كاملاً من دون أي تغيير.
أما تيار "المردة"، فأشارت أوساط مقربة منه الى أنه لا مكان للحديث عن أي شرط يخرج عن اتفاق الطائف الذي حصر اللامركزية بالإدارة ولم يتحدث عن أي نوع من اللامركزية المالية.
وأضافت: "أما موضوع الأثمان والصفقات وسواها من تعابير تُذكر في "اتفاق معراب" فلا علاقة لها بطبيعة ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يرى أن الحوار والتلاقي وتحمّل المسؤولية بشكل مشترك هي خارطة الطريق لبداية وضع البلد على السكة الصحيحة".
في الجهة المقابلة تبدو المعارضة حذرة في الرد على مواقف باسيل، ففي تعليق أولي وسريع على الموقف سأل مرجع معارض، وهل يؤتمن باسيل على الصندوق الائتماني؟.
ولفت إلى أن سياسة المقايضات يدركها جيداً، ونحن منذ اللحظة الأولى في موقع حذر، مشدداً على أن موضوع اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني هما من مطالبنا، ومرحب بهما، لكن هذه المرة لن نقبل بإعادة مقايضة الاستراتيجيا بالتفاصيل الداخلية، خاتماً بالسؤال عن أي دولة ستستقيم بوجود السلاح وأي عدالة ستكون بالأمر؟.
من جهته، رأى عضو كتلة الكتائب النائب سليم الصايغ أن "الابتزاز لا يؤدي إلى استرداد الدولة ولو أدى الى انتخاب رئيس، مشيراً إلى أن المقايضة لتنفيذ الدستور استسلام لمن يمنع تنفيذ الدستور".
وأضاف: "ما كتب في الدستور وفي الطائف واجب التنفيذ من دون منّة. اللامركزية الموسعة ليست سلعة للمقايضة وهي أساس الشراكة بعد الحرب، سائلاً ما الذي منع تنفيذ اللامركزية حتى الآن؟".
وقال لـ"النهار": "تغييب موضوع السلاح عن أي حوار هو دليل على أننا نتلهى في التفاصيل فيما المطلوب هو استرداد الدولة، وأي كلام آخر يؤدي إلى واقع مؤذٍ يضرب لبنان لصالح الفوضى العبثية ويقضي على ما تبقى من دولة".
وتابع: "هم يبحثون عن رئيس ونحن نبحث عن دولة. هم يريدون رئيساً للاستمرار بعبثيتهم، ونحن نريد دولة لنا ولأبنائنا لا تستقيم مع وجود سلاحين، وما بدأنا نسمعه حديثاً يشي بأن همهم الأساسي مصالحهم والاستمرار بسياسة النزف التي أدت بنا إلى المجهول".