النهار

"حوار المقايضة": توقيت يُعيد خلط الأوراق؟
المصدر: "النهار"
"حوار المقايضة": توقيت يُعيد خلط الأوراق؟
مسيرة في الضاحية الجنوبية إحباء لذكرى عاشوراء (حسام شبارو).
A+   A-
بعد خطابَين لرئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في المتن والشوف عرض فيهما عنوان مقايضة رئاسية، وخطاب للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أشاد فيه ضمناً بالحوار المستأنف بين الحزب وباسيل، بدا واضحاً أنّ الفريقَين الحليفَين عادا إلى طرح عنوان "الحوارات الثنائية " شعاراً للمرحلة الفاصلة عن أيلول بمعزل عمّا يُنتظَر من الحوار الذي طرحه الموفد الفرنسي جان إيف لودريان.

معالم اندفاع شريكَي "تفاهم مار مخايل" الذي كان تعرّض لانتكاسة كادت تسقطه تماماً منذ شنّ باسيل الحرب بلا هوادة على مرشح الحزب والثنائي الشيعي سليمان فرنجية، أبرزت معطىً جديداً في مسار المشهد الرئاسي واكتسبت دلالات يصعب القفز فوقها وتجاهلها في ظل نقطتين أساسيّتين مهمّتين: الأولى ان باسيل بدا كأنّه تعمّد التوقيت للكشف عن مضمون طرح المقايضة التي يحاور الحزب عليها والتي تتناول إقرار اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة والصندوق الائتماني وأمور أخرى مقابل "الست سنوات " من عهد الرئيس المقبل، من دون أن يكشف ما اذا كان يوافق على انتخاب فرنجية أم لا في ظل هذه المقايضة، وهو توقيت جاء غداة زيارة لودريان رأساً للبنان. والثانية، إبراز شعار الحوارات الثنائية بمعزل عن مواقف القوى الأخرى جميعاً إذ بدا الفريقان كأنّهما يحاولان تعمّد تعميم الانطباع بأنّ حوارهما بات عنوان المرحلة المقبلة أولاً.

هذا الأمر يبدو واضحاً أنّه سيؤدي إلى خلط أوراق وخصوصا لجهة انعكاسه على ما سمي "التقاطع" بين قوى المعارضة والتيار العوني على ترشيح جهاد ازعور في مواجهة فرنجية. فما أعلنه باسيل، وإن لم يتنصّل بعد من ترشيح أزعور، من شأنه أن يقطع مجدّداً كل صلة بينه وبين المعارضة ما دام اندفع مجدّداً في خيار تقديم تحالفه مع "حزب الله" والسعي إلى تجديد التفاهم معه بمقايضة يسعى من خلالها الى الانقضاض على القوى المعارضة المسيحية واستعادة أيام عهد ميشال عون في السلطة بشراكة مع الحزب. لذا ستكون الأسابيع المقبلة محفوفة بكثير من السخونة لهذه الجهة مع عودة الواقع المأزوم الى المربع الأول أقلّه في انتظار أيلول.

وكان السيد نصرالله تناول في خطبته أمس، في ذكرى عاشوراء، الموضوع الداخلي، ومسألة الرئاسة فقال: "من الواضح وبعد كل الجهود وكل المبادرات أن هناك قوى سياسية ترفض الحوار الذي يجمع الجميع في مكان واحد وعلى طاولة واحدة بمعزل عمن يرأس هذا الحوار. ومن الواضح أيضاً أنّ الجميع سينتظر شهر أيلول لعودة الموفد الفرنسي ومبادرته التي يتحدث عنها. إنّنا نعتقد في هذه الفرصة المتاحة إلى ذلك الوقت أن فتح الباب لحوارات ثنائية جادة، حوارات جادة ودؤوبة وليس لتقطيع الوقت، قد يفتح أفقا في جدار الانسداد القائم في مسألة الانتخابات الرئاسية، وهذا ما نعمل عليه ونتعاون عليه ونأمل أن نصل فيه إلى نتيجة وسنرى ما نصل إليه في قادم الأيام. حكومة تصريف الأعمال أيا تكن الصعوبات يجب أن تواصل تحمل المسؤولية ضمن الحدود الدستورية المسموح بها، وتواصل تحمل المسؤوليات تجاه أوضاع الناس، أيا تكن كما قلت الصعوبات أو التشكيكات أو الظروف أو الضائقة القائمة. لا يجوز تعطيل مجلس النواب أيا تكن الذريعة والحجة وبالحد الأدنى في التشريعات الضرورية واللازمة، وخصوصا كل ما يمس حياة المواطنين".

وفي الوضع الحدودي الجنوبي، قال نصرالله: "إنّ العدو الإسرائيلي، أعاد في الأسابيع الماضية احتلال جزء من بلدة الغجر، "وبكل وقاحة يتحدث عن استفزازات المقاومة على الحدود". وهدّد نصرالله رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومعه القادة الاسرائليين، قائلاً: "انتبهوا من أي حماقة لأن المقاومة في لبنان لن تتهاون ولن تتخلى عن مسؤولياتها في الحماية أو الردع، وستكون جاهزة لأي خيار، ولمواجهة أي خطأ أو حماقة".

في المقابل، كانت لرئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع مواقف جديدة من الأزمة، فشدّد على "أنّنا في مواجهة مشروع محور الممانعة المهيمن على الدولة، باعتبار ان "لبنانه" ليس "لبناننا"، فنحن نريد دولة فعلية، قرارها في يدها، تسهر على نمو شعبها وتطوره ورقيّه وبناه التحتية ومدارسه ومؤسساته، لذا المواجهة كبيرة بين فريق المعارضة ومحور الممانعة حول مشروعين يتعلقان بكل فرد منا وبمستقبلنا ومستقبل اولادنا، خلافا لما يروّج له البعض بانهما يختلفان على المكاسب والسلطة فقط". وجدّد التذكير بأنّ "الجمهورية القوية" هو التكتل النيابي الأكبر وحزب القوات هو الممثل الاول للمسيحيين، ورغم ذلك لم نفكّر يوما بطرح اي مرشح منا الى سدة الرئاسة لان هدفنا ملء سدة الرئاسة بالرئيس المناسب، "نحنا منضحّي بحالنا كرمال الشأن العام ومش العكس". وأكد انه "لم يعد مسموحا تدوير الزوايا او المسايرة في خضم تفاقم الازمة، لذا نحن مستمرون في المواجهة السلمية الديمقراطية السياسية حتى تحقيق ولادة لبنان الذي نحلم به". انطلاقا من هنا، شدد على "رفض عهد جديد لمحور الممانعة، على خلفية "نجاحاته السابقة الباهرة"، الذي تسلم زمام السلطة حين بلغ احتياط مصرف لبنان نحو 70 مليار دولار قبل تبخرّه اليوم، وبالتالي خطوة التجديد ستسمح له ببيع ثلاثة ارباع لبنان". وختم: "سنتابع في نضالنا وعملنا والمواجهة لايصال الرئيس الملائم الى بعبدا كي يقوم بالاستشارات النيابية الملزمة من اجل الاتيان برئيس حكومة ينجح في تشكيل حكومة جديدة تنجز الاصلاحات المطلوبة لاستعادة عافية لبنان".

وفي الأصداء لحوار "التيار" و"الحزب"، قال النائب سيمون أبي رميا إنّ "الحوار ايجابي وجدي مع حزب الله بعد مرحلة اعتراها العديد من الشوائب، حوار يتناول هواجس وبنودا اصلاحية وملفات استراتيجية، وبدأ من دون شروط مسبقة حول اسم رئيس الجمهورية، اذ ان الأهم من الاسم هو برنامج عمل الرئيس، ومن هذا المنطلق كان قد وضع التيار الوطني الحر ورقة الاولويات الرئاسية". ورأى في "الاتفاق على بنود حيوية اصلاحية اولها اللامركزية الادارية المالية الموسعة والصندوق الائتماني، ضرورة. ومن ثم يتم الانتقال الى مرحلة مواصفات الرئيس ثم الدخول في الأسماء".ودعا الى "عدم استباق الامور"، رافضا مقولة ان "التيار يقوم بتنازلات ومقايضات، فالأولوية لدى التيار بناء الوطن".

وفي المقابل اعتبر النائب بيار ابو عاصي أنّ "القاعدة - وليس الاستثناء - أن يكون "التيار" عند "الحزب"، موضحاً: "منذ العام 2006 "التيار" في فلك "حزب الله" كما كان عدد من السياسيين في فلك الاحتلال السوري قبل العام 2005. تفاهمهما ليس شراكة بل هناك طرف يدور في فلك الطرف الأقوى. علاقتهما مبنية على امرين: مناصب ومكاسب لا تخدم المصلحة الوطنية العليا. أي أن تأخذ مناصب في الدولة لا سلطة وتحصل على مكاسب كما في ملف الكهرباء حيث هدر "التيار" 30 مليار دولار من دون أن يوجه له الحزب سؤال".

تابع: "يطرح باسيل اليوم المقايضة بين الرئاسة واللامركزية الادارية والمالية الموسعة. لكن لماذا لم يطرحها ولم يحققها خلال 6 سنوات من عهد عون أو 17 سنة من ورقة "مار مخايل" أو يطالب "حزب الله" بها؟ إنه يسحب هذا "الارنب" ليمهد لتبرير قفزته السياسية. نحن مع اللا مركزية ولكن لا ثقة لنا بصدقية دعوة جبران باسيل لها اليوم. كما لا ثقة بباسيل وهو الذي انقلب على نقاط معراب العشر في اليوم الثاني على إعلانها ولا بوجود نية فعلية لدى "التيار" بإيجاد حلول مستدامة للبلد".


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium