النهار

3 سنوات على جريمة 4 آب... الحقيقة الشهيدة
المصدر: النهار
3 سنوات على جريمة 4 آب... الحقيقة الشهيدة
أهالي ضحايا انفجار المرفأ في صلاة لراحة أنفسهم اليوم في كاتدرائيّة مار جرجس. (تصوير حسام شبارو).
A+   A-
لا تبلسم عقارب الزمن جراح الرابع من آب. اليوم الذي يحفر عميقاً في ذاكرة اللبنانيين. اليوم الذي أريد له أن يتحوّل ذكرى عادية تطوى بشكل خاطف في حمأة موسم صيفي نشط سياحياً، ولاهب باستحقاقاته المالية المعقدة، ومؤخراً الأمنية التي فجّرتها أحداث مخيم عين الحلوة.
 
صور الضحايا التي ملأت مواقع التواصل، وفيديوهات الجريمة نكأت الآلام، من دون أن تقوى على تغيير معادلة تمييع الحقيقة والإمعان في محاولات دفنها مع التحقيق. انقلاب على المحقق العدلي وتنحيته جانباً، وإطلاق سراح الموقوفين على ذمة التحقيق بغطاء داخلي وخارجي، حدثان طبعا عاماَ آخر، في ظل محاولات حقوقية مستمرة للمضي بالملف القانوني في محاكم خارج لبنان.
 
بدأ اليوم بدخول عدد محدود من الناشطين قصر العدل، واضعين صور مسؤولين سياسيين وأمنيين على الأرض في باحة القصر المؤتمن على العدالة الضائعة، ومطلقين الهتافات ضد المنظومة المتواطئة لاغتيال الحقيقة ودفنها. 
 
من القداس لراحة أنفس الضحايا. (تصوير حسام شبارو) 
 
وأطلقت عشية 4 آب مواقف، منها للبطريرك الماروني بشارة الراعي خلال قداس لراحة أنفس الضحايا في بيروت كنيسة مار جرجس في بيروت.
وقال الراعي: "ما يؤلم هذه العائلات ويؤلمنا بالأكثر هو عدم إكتراث المسؤولين في الدولة المنشغلين بمصالحهم وحساباتهم الرخيصة. فهم بكلّ أسف غير معنيّين بالذين ما زالوا على فراش الألم في المستشفيات أو في منازلهم، وبعض منهم في حالة غيبوبة منذ ثلاث سنوات، وآخرون يحتاجون إلى عمليّات جراحيّة وعلاجات دائمة لا يقدرون على حمل عبئها المالي. وما القول عن المباني والبيوت المتضرّرة التي تُشرد أهلها وهم غير قادرين على إصلاحها؟". ليستطرد: "الله لا يترك أبناءه الذين في العالم فريسة الظلم والأفعال التي تعيق وتوقف عمل المحقّق العدلي بردود شكليّة متتالية وموسّعة كبّلت يديه منذ ثلاث سنوات. فلا بدّ من فتح كوّة في هذا الجدار".
 
من القداس لراحة أنفس الضحايا. (تصوير حسام شبارو) 
 
وأيّد الراعي مطلب أهالي الضحايا بلجنة دوليّة لتقصّي الحقائق تساعد المحقّق العدلي في إنجاز مهمّته، وحثّ الدول على تسليم لبنان ما لديها من معلومات وتحقيقات وصور التقطتها الأقمار الإصطناعيّة، وطالبها بوضع حدّ للتدخلات السياسيّة في ملفّ التحقيقات.
وقدّر الراعي عمل مكتب الإدعاء في نقابة المحامين الذي منذ ثلاث سنوات يعمل ويُصرّ على متابعة قضيّة كارثة تفجير المرفأ، وصولًا إلى الحقيقة والعدالة والحكم بتعويضات عادلة للمتضرّرين، متحدّين كلّ العراقيل، وذكر من بينها: تثقيل الملفّ بطلبات ردّ ونقل ومخاصمة؛ صعوبة وحرمان الحصول على أذونات إداريّة ونيابيّة ونقابيّة لملاحقة بعض المشتبه بهم؛ قضيّة طرح القاضي البديل؛ قرار المحقّق العدلي باستئناف مهامّه لكسر محاولات عرقلة التحقيقات والممارسات القضائيّة والقرارات بالمقابل التي اتخذها النائب العام التمييزي.
 
من القداس لراحة أنفس الضحايا. (تصوير حسام شبارو) 
 
ونوّه بما قام به مكتب الإدّعاء في الخارج كمثل إستصدار حكم نهائي من محكمة العدل العليا في بريطانيا بإدانة شركة SAVARO حول مسؤوليّتها المدنيّة بين آخرين عن تفجير مرفأ بيروت، وإلزامها بالتعويض للضحايا وذويهم المدّعين. وقد حدّد الحكم مبالغ التعويضات المستحقّة لهم. أقرّت المحكمة مسؤوليّة الشركة هذه في شهر شباط من العام الحالي.
وخلص الراعي الى الآتي: "هذا لا يعني أنّ تحقيقات تفجير المرفأ قد انتهت أو أنّ المسؤولين عن هذا الإنفجار سوف يبقون من دون عقاب، أو أنّ المجتمع اللبنانيّ لن ينال العدالة، ولن يعرف الحقيقة. فلا العدالة ينتصر عليها الظلم، ولا الحقيقة تفنيها الظلمة".
 
وفي الذكرى الثالثة للانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، أعرب أعضاء "مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان" عن "تضامنهم مع عائلات الضحايا وكل الذين تأثرت حياتهم ومنازلهم وسبل عيشهم بشدة جراء هذا الحدث المأسوي".
 
وقالت المجموعة في بيان: "ثلاثة أعوام مرّت على هذا الانفجار المميت الذي أدّى إلى مقتل أكثر من 220 شخصاً وإصابة وتشريد الآلاف، وما زال أهالي الضحايا والشعب اللبناني ينتظرون الحقيقة والعدالة والمساءلة".
 
من القداس لراحة أنفس الضحايا. (تصوير حسام شبارو) 
 
وأضافت: "إنّ مجموعة الدعم الدولية إذ تأسف لعدم إحراز تقدم في المسار القضائي، فإنّها تدعو السلطات اللبنانية إلى ازالة جميع العقبات التي تحول دون تحقيق العدالة، وتسهيل استكمال تحقيق نزيه وشامل وشفاف".
 
وتابعت في بيانها: "إنّ ضمان المساءلة القضائية ومكافحة الإفلات من العقاب جزء لا يتجزأ من استعادة مصداقية مؤسسات الدولة اللبنانية. والجمود الذي يكتنف التحقيق في انفجار #المرفأ يؤكد على الحاجة الملحة لحماية استقلالية القضاء اللبناني وحياده ونزاهته".
 
كما دعت المجموعة مجلس النواب اللبناني إلى "الإسراع في سن التشريعات الكفيلة بتعزيز استقلال القضاء بما يتماشى مع المعايير الدولية"، مؤكدةً على وقوفها إلى جانب لبنان وشعبه.
في السياق نفسه، لفتت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في "#منظمة العفو الدولية" آية مجذوب، إلى أنّه "أُتيحت للسلطات اللبنانية ثلاث سنوات للتحقيق في أسباب الانفجار المدمر الذي وقع في مرفأ بيروت ولإخضاع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية للمحاسبة. ومع ذلك، فإنه لغاية اليوم، لم يُحمَّل أحد بتاتاً المسؤولية عن المأساة التي وقعت في 4 آب 2020".
 
من القداس لراحة أنفس الضحايا. (تصوير حسام شبارو) 
 
وأضافت: "بدلًا من ذلك، استخدمت السلطات كل السّبل التي في متناولها لتقويض التحقيق المحلي وعرقلته بـ(وقاحة) لحماية نفسها من المسؤولية – وترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في البلاد".
 
وأكدت أنّ "المجتمع الدولي ندّد مراراً وتكراراً بالتدخّل السياسي السافر للسلطات في التحقيق المحلي، بما في ذلك في بيان مشترك صدر في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في فترة سابقة من هذه السنة".
 
 
كما أشارت مجذوب أنّه "اليوم، تناشد أكثر من 300 من منظمات المجتمع المدني اللبنانية والدولية والأفراد والناجين وأسر الضحايا، مجلس حقوق الإنسان مجدّداً بالمبادرة على وجه سرعة إلى إنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق للتحقيق في أسباب انفجار مرفأ بيروت وتحديد هوية المسؤولين عن وقوع هذه الكارثة".

اقرأ في النهار Premium