أثارت عبارة "بشخطة قلم"، التي وردت على لسان وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، في معرض مناشدته دولة الكويت إعادة بناء أهراء القمح التي دمّرها انفجار مرفأ بيروت، استياءً كويتيّاً، دفع بوزير خارجية الكويت الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح إلى وصفه بالحديث الذي "يتنافى مع أبسط الأعراف السياسيّة".
من جانبه، شدّد الوزير سلام، في مؤتمر صحافيّ اليوم، على أنّ عبارة "بشخطة قلم" تُستخدم في لبنان "للدلالة على أنّ الأمر قابل للتنفيذ بسرعة"، مؤكّداً أنّه "لم يكن يقصد منها الإساءة أو تجاوز الأصول والآليّات الدستوريّة والقانونيّة الكويتيّة واللبنانيّة".
أمّا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي فأكّد في وقت لاحق "عمق العلاقة بين الدولتَين والشعبَين الشقيقَين، ومتانتها، والتي لن تشوبها شائبة"، مشيراً إلى أنّ "الكويت لم تتوانَ، ضمن الأصول، عن مدّ يد العون لإخوانها في لبنان على مرّ العقود".
وشدّد ميقاتي على "احترام لبنان مبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول كافة"، خصوصاً "إذ تعلّق الأمر بدولة الكويت التي تخضع آلية اتخاذ القرار فيها لضوابط دستورية وقانونية ومؤسساتية تعكس حضارة سياسية عميقة ومتجذرة في المجتمع الكويتي".
في حديث سابق لموقع "سبوتنيك"، كشف سلام أنّه أرسل رسالةً منذ ثلاثة أسابيع إلى أمير الكويت نواف الأحمد الصباح، طالب فيها "باسم الشعب اللبنانيّ" بإعادة بناء صوامع القمح "حفاظاً على الأمن الغذائيّ"، قائلاً إنّ "القرار ببناء الأهراء يُمكن أن يُتَّخذ بشخطة قلم".
حديث سلام لاقى صدًى سلبيّاً في الكويت، واعتبر وزير الخارجية الكويتيّ أنّ "التصريح يعكس فهماً قاصراً لطبيعة اتخاذ القرارات في الكويت، والمبنيّة على الأسس الدستورية والمؤسساتيّة بما في ذلك المنح والقروض الإنسانية التي تُقدّمها الحكومة للدول الشقيقة والصديقة". وإذ حضّ سلام على سحب التصريح، "حرصاً على العلاقات الثنائيّة الطيّبة القائمة بين البلدين الشقيقين"، أكّد أنّ "دولة الكويت ترفض رفضاً قاطعاً أي تدخل في قراراتها وشؤونها الداخلية".
على خطّ الأزمة، اعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة الكويتي عبد الله المضف أنّ "الكويت بلد مؤسسات، وأموال الشعب الكويتيّ لا تدار بجرّة قلم أو باتصال هاتفي".
كما علّق النائب في مجلس الأمة سعود العصفور قائلاً: "لمثل هذه الأمور، والتي تحدث فعلياً بـ(شخطة قلم) تقدّمنا قبل فترة مع عدد من النواب بتعديل يُلزم الصندوق بالحصول على موافقة مجلس الأمة قبل اعتماد القروض الخارجية".
بدوره، أشار النائب في مجلس الأمة جراح الفوزان إلى أنّ "ما ذكره وزير الاقتصاد اللبنانيّ يحتاج لتوضيح وردّ عاجل من وزارة الخارجية، وهذا يُعتبر تجاوزاً على بلد المؤسسات"، مضيفاً: "سندعم تشريعاً قانونياً يتطلب موافقة مجلس الأمة في المنح، وسوف أوجّه يوم الأحد أسئلة برلمانية عن صندوق التنمية وعن التمويل وتصريحات الوزير".
من جهته، أعرب رئيس مجلس رجال الأعمال اللبناني الكويتي أسعد صقال عن أسفه الشديد لتداعيات التصريحات. وشدّد على "ضرورة التزام المسؤولين اللبنانيين القواعد والأعراف الديبلوماسية التي تنظم العلاقات بين الدول وقواعد التخاطب والعمل المؤسساتي واحترام القوانين والأنظمة المرعية الأجراء المعمول بها في تلك الدول، والتي تعتبر قاعدة جوهرية يجب أن لا يحيد عنها أيّ مسؤول لبناني في العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة لا سيما الكويت".
وأكّد أنّ كلّ اللبنانيّين يرفضون أيّ إساءة للكويت الشقيقة التي كانت على الدوام داعم أساسي للبنان وشعبه، داعياً سلام إلى "تصحيح هذا الخطأ البروتوكولي سريعاً احتراماً لعلاقاتنا التاريخية والأخوية".