النهار

اجتماع المعارضة الموسّع... أولى خطوات المواجهة بعد الانكسارات
اسكندر خشاشو
المصدر: "النهار"
اجتماع المعارضة الموسّع... أولى خطوات المواجهة بعد الانكسارات
اجتماع المعارضة الموسّع (حسام شبارو).
A+   A-
نجحت الكتل المعارضة الجمعة في تقديم صورة جامعة، بعد التخبّط الذي مرّت به في الأسابيع القليلة الماضية والخلافات على عدد من الملفات، التي أثرت كثيراً على حركتها، وطفت على السطح في أكثر في ملف، أظهرت تشرذماً كبيراً بدءاً من الملفات الاقتصادية كالكابيتال كونترول الى الملفات السياسية من رئاسة الجمهورية ونصاب الجلسات وكيفية المواجهة، في مقابل منظومة سياسية أعادت ترتيب نفسها وتحالفاتها بما يشبه تحالف سنة 2016 الذي أتى بالعماد ميشال عون رئيساً الى الجمهورية، فأقدمت على إقفال التحقيق في الانفجار، وغطّت قرارات أقل ما يقال أنها اعتباطية تجافي القانون وحتى المنطق.

هذه الصفعة للتحقيق، أظهرت أن هناك من لا يأبه لردود الفعل وخصوصاً أن الشارع بدا هامداً، والناس أُنهكوا بسبب الانهيار الاقتصادي المستمر منذ 4 سنوات، بالاضافة الى البروفا الأولى التي أجرتها السلطة عبر استدعاء وترهيب أهالي الضحايا لم ترافق بالدعم والزخم الشعبي اللازم، فأقدمت على خطوتها الثانية، كل هذه الأمور مجتمعة أوصلت الى قناعة لدى عدد من الكتل والنواب المعارضين بأن المعارضات بالمفرّق لن تصل الى نتيجة.

اجتماع اليوم لم يكن الأول، بل سبقته عدة لقاءات واجتماعات حصلت ليلة إصدار المدعي العام التمييزي غسان عويدات مذكّرات إخلاء السبيل للموقوفين، بحيث عُقد لقاء عاجل عبر تطبيق زوم شارك فيه عدد من النواب وممثلي الكتل، واتفق على مشاركة واسعة في التحركات في اليوم الثاني، وقد دخل النواب في اليوم التالي متعاضدين مكتب وزير العدل، أُتبع باجتماع تنسيقي في بيت الكتائب المركزي في الصيفي الخميس، حضره بالإضافة الى نواب التغيير والمعارضة نواب القوات اللبنانية، حيث كُسر الجليد بشكل كبير مع الصيفي بعد الخلاف الذي وقع بين الفريقين على قضيّة نصاب جلسة انتخاب الرئيس وأعاد الافتراق بين الفريقين.

اللقاء الذي حصل في المجلس الخميس هو الأكبر، بحضور 42 نائباً معارضاً من "القوات" والكتائب والمستقلين والتغييريين، كان الاتفاق فيه شاملاً على أهمية المواجهة خصوصاً في الملف القضائي، والمواجهة الموحّدة في وجه عملية طمس التحقيق التي تجري، عبر استخدام الوسائل الديموقراطية والشعبية والنقابية والسياسية كافة من دون تراخٍ، وخصوصاً أن هذا الامر قد تأمنت له التغطية القانونية اللازمة عبر بيانات نقابة المحامين ونادي القضاة، فيصبح الهيكل القانوني صلباً، وهذا ما يؤكد النبرة التصعيدية في البيان المشترك الذي طالب بمحاسبة المدعي العام التمييزي.

وكان واضحاً لدى النواب والاحزاب أن هناك من يرى في الكتلة المعارضة مجموعة معارضات يسهل تشتيتها وضربها وتوزيعها وإلهاؤها وبالتالي أصبح التعامل معها باستخفاف، وهذا ما ظهر في مكتب وزير العدل عندما استسهل العناصر الأمنيون ضرب النواب، وهم لم يميّزوا بينهم فضُرب غسّان حاصباني، وأديب عبد المسيح ووضّاح الصادق، وبالتالي أضحى لزاماً الاجتماع لمواجهة هذا الأمر.

يدرك المجتمعون جيداً مدى صعوبة المواجهة وخصوصاً أن هناك من بدأ يأخذ الأمر الى مواجهة طائفية، فكان من الضروري الاجتماع بصورة جامعة للتأكيد أن الجريمة التي حصلت في مرفأ بيروت تعني اللبنانيين بمختلف أطيافهم وطوائفهم، وأن معرفة الحقيقة لها أهمية وطنية تاريخية إنسانية فوق الطوائف والمذاهب جميعاً.

الى ذلك لا بد من تسجيل أن الصورة الجامعة تركت ارتياحاً شعبياً خصوصاً من الفئات التي شاركت في 17 تشرين والتي تحمل قضيّة انفجار مرفا بيروت، بالإضافة الى أن العدد الكبير من النواب أعطى جواباً على عدم إمكانية تخطي هذه المجموعة في أي استحقاق إذا حافظت على تماسكها وتنسيقها.

هنك من شبّه ما جرى في مجلس النواب باجتماعات البريستول التي حصلت قبل ثورة الاستقلال، إلّا أنه لا يمكن توصيف الذي جرى اليوم بهذا الشكل، فالأمور لا تزال في بداياتها وهناك طريق شائك مليء بالفخاخ، وأهمها استحقاق رئاسة الجمهورية الذي لم يصلوا فيه حتى الآن إلى رؤية موحدة، ومن المبكر الحكم إن كانوا سينجحون، لكن أضحى من المؤكد أن الناس تاقوا الى قيادة موحدة لهذه المعارضة، تحاكي جميع الملفات من قضائية واقتصادية واجتماعية وسياسية، وتواجه المنظومة التي تجدّد نفسها.

وفي السياق يؤكد عدد من النواب المشاركين لـ"النهار" أن لا إشكالية مع الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي له ظروفه وطروحاته الخاصة لعدم المشاركة بالاجتماع لكن التنسيق معه مستمر وهو غير بعيد عن المجتمعين بالنسبة الى انفجار المرفأ وهم يتفهمون حساسية زملائهم في التكتل الوطني، وما زالوا يرحّبون بالتعاون معهم، مع تلقي إشارات إيجابية في بيانهم الأخير الذي صدر تعليقاً على أحداث المرفأ.

اقرأ في النهار Premium