يُخرج رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مع كلّ إطلالة تلفزيونية معلومةً جديدةً أو "خبريةً" جديدةً تخلق بلبلة على الساحة السياسية، بما يفضح تقدّم النقاشات في ملف الرئاسة، وأن هناك حلولاً في الأفق، بل إمكانية للوصول إلى اتفاقات تغيّر الواقع الحالي، وليس بعيداً أن تملأ الفراغ السّائد منذ ما يُقارب العشرة أشهر.
وفي جديد باسيل حديثه عن اتفاق أوّلي مع "حزب الله" على السير باسم توافقيّ مقابل مطالب وطنية، بالرغم من تعليقه بالقول "إننا ما زلنا في بداية الحوار مع الحزب، وتقدّمنا بأفكار ننتظر ردّه عليها".
يُفهم من تصريح باسيل للوهلة الأولى أنه تم الاتفاق مع "حزب الله" على النقاش حول اسم توافقيّ بما يعني تخلّي الحزب عن مرشّحه الأوحد سليمان فرنجية، والشروع في عملية بحث بأسماء أخرى، من دون أن تتوقّف الأمور عند هذا الحدّ، إذ هناك بحث في مطالب "وطنية" تقدَّم بها باسيل، ويجري البحث فيها أيضاً؛ وهذه المطالب كان سبق لباسيل أن أعلنها، وهي اللامركزية الإدارية والمالية والصندوق الائتمانيّ.
وبحسب المعلومات الشحيحة المسرّبة من الطرفين، فإن الحوار بين الجانبين يسير ببطء شديد، والأسماء تُختصر بمرشّح واحد هو سليمان فرنجية، والحزب لا يزال على موقفه بتبنّي فرنجية مرشّحاً أوّلاً وأخيراً، ولم يفتح أيّ مجال للبحث في أسماء أخرى تقدّم بها جبران باسيل.
وما يجري حالياً هو طلب حزب الله من جبران باسيل ما يُشبه ورقة عمل، تتضمّن تصوّره للّامركزية الموسّعة، ورؤيته التفصيلية للصندوق الائتماني، لتجري مناقشتها، ووضع الملاحظات عليها، والتحاور بشأنها، علّ الاتفاق على هذا الأمر يؤدّي إلى موافقة التيار على انتخاب فرنجية؛ وذلك يعني بصريح العبارة القول "سنرى ماذا نعطيك مقابل انتخاب فرنجية"، فيما أيّ حديث آخر في هذا السياق غير واقعيّ وغير موجود.
وبحسب المعلومات أيضاً، فإن "حزب الله" يشدّد خلال النقاشات والحوار على أن بحث هذه الأمور محصور به وبـ"التيار"، وأنّ أيّ نتيجة يُمكن أن تصل إليها النقاشات، خصوصاً تلك المتعلّقة بمطالب باسيل، لن تكون ملزمة لأيٍّ من حلفاء "الحزب"، ولن يتعهّد الحزب بتسويقها لدى باقي الأطراف؛ وما تصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري عن نتائج الحوار بين "الحزب" و"التيار" وانتظاره النتائج إلا خير دليل على عدم سيره بأيّ توجّه لا يُقنعه، خصوصاً أن الطرف السنيّ في مجلس النواب، وحتى الدرزي، يتطلّع إلى طروحات اللامركزية بعين الريبة والرفض أيضاً، ولا يستطيع "حزب الله" المونة عليهما فعليّاً، وأن على باسيل تدبّر أمره معهم.
وفي المقلب الثاني، حاول باسيل خلال الأسابيع السّابقة، وعبر لقاءات مع المعارضة، طرح اسمين هما زياد بارود وناجي البستاني، وانتزاع الموافقة عليهما تحت حجّة الذهاب بهما إلى "حزب الله"، لحشره، والمفاوضة بهما على اعتبار أنهما لا يشكّلان تحدّياً له، لا بل إن البستاني يُعتبر من المقرّبين منه، وبالتالي يكون باسيل في هذه الحالة متسلّحاً بعدد كبير من الأصوات، وبشبه إجماع مسيحيّ عليهما، إلّا أن هذه المفاوضات لم تنجح مع تمسّك المعارضة بموقفها بالنسبة إلى اسم جهاد أزعور وإصرارها على أنّه التنازل الأخير الذي أقدمت وعليه ولا تنازلات أخرى.
وبحسب ما علمت "النهار"، فإنّ المفاوضات انتهت عند هذا الأمر، ولم تُعقد جولة جديدة، مع اتّجاه أكثريّ في المعارضة إلى تجميد هذه اللقاءات باعتبار أن عملية الابتزاز التي يُمارسها باسيل مع "حزب الله" لن تكون المعارضة شريكة فيها، وهي على يقين من أن باسيل سيبيعها عند أوّل مفترق أو اتفاق مع الفريق الآخر، وبالتالي لا داعي للاستمرار في مرافقة باسيل في لعبه على حبال الطرفين.