النهار

"جبران" رئيساً للتيار... الثالثة ثابتة بدفع شعبي وسياسي
اسكندر خشاشو
المصدر: "النهار"
"جبران" رئيساً للتيار... الثالثة ثابتة بدفع شعبي وسياسي
جبران باسيل. (أرشيفية- "النهار").
A+   A-

تقدّم رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بترشّحه لرئاسة التيار ضمن الانتخابات الحزبية التي ستجري في 10 أيلول المقبل ليترأس ولاية ثالثة، رافعاً شعار استكمال النضال، داعياً أي منتسب تتوافر فيه الشروط القانونية ويتمتع بالأهلية وغير راضٍ عن قيادته للتيار السياسية أو الإدارية، ويملك مشروعاً أفضل للمنافسة الديموقراطية، إلى الترشّح، معتبراً أن التزكية السابقة أتت بديموقراطية وبنتيجة حاسمة لصالحه.

تحدث باسيل عن تزكيات سابقة مستبقاً ما يمكن أن يحدث في هذه الانتخابات، لكنه ابتعد عن الحقيقة في تشبيه التزكية الأولى بأي من التزكيات اللاحقة. وبالعودة سريعاً إلى انتخابات عام 2015 كانت المعركة حامية جداً على موقع الرئاسة بينه وبين النائب آلان عون، وكان هناك شبه إجماع من المراقبين في ذلك الوقت إلى تقدّم عون عليه إلى أن تدخّل العماد ميشال عون وحسمها لصالح باسيل، طالباً بالمباشر من آلان الانسحاب وهكذا كان.

خلال السنوات اللاحقة وبغض النظر عن الكلام عن قانون الانتخاب وتطويعه لصالح باسيل في مرات عديدة، إلّا أن جبران خطا خطًى ثابتة في تثبيت نفسه في موقعه حتى أصبح الآمر الناهي.

حتى في الولاية الثانية، ولولا لم تفرض الظروف نفسها بحكم تولّي العماد عون موقع رئاسة الجمهورية، لكان يمكن أن تجد من يعترض على جبران ويتجرأ على الترشّح ضده ويخوض معركة، مستغلاً بعض الأخطاء التي حمل مسؤوليتها لوحده، لكن الظروف فرضت نفسها حماية للرئيس.

من المنصف القول إن لهذه الانتخابات طعماً مختلفاً، فجبران الدورات السابقة مختلف عن جبران الدورة الحالية، فشعبيته داخل "التيار" متفوقة جداً على أي شخص غيره، وبغض النظر عما إذا ترشّحت لائحة منافسة كما يقال أو لم تترشّح، فالرئاسة محسومة لعدد من الأسباب أهمها: إنه لم يخسر دعم مؤسِّس "التيار" ومن كان في الـ2015 لا زال موجوداً ربما زاد.

في المقلب الآخر وعلى مستوى القاعدة، بدأ ينظر أعضاء "التيار" إلى جبران كقائد خاض معارك كبيرة وصمد في عزّ الهجوم على "التيار" منذ 17 تشرين 2019، واستطاع إنقاذ "التيار" بعد هجمة لم يتعرض لها أي حزب بتاريخ لبنان الحديث بحسب ما يقول أنصار "التيار الوطني الحر".

نجح جبران في الانتخابات النيابية في مكان كانت أكثر التوقّعات تفاؤلاً تتحدث عن عشرة نواب، فاستطاع خلال قيادته هذه الانتخابات العودة بكتلة وازنة فاقت كل التوقّعات.

بنى جبران علاقات مع جميع المسؤولين الحزبيين على كافة الأراضي اللبنانية، وهو لم يهدأ في زيارتهم بشكل دوري ودائم، وبهذا يكون عزّز شعبيته من خلال التعاطي المباشر مع أكبر عدد من الحزبيين، فيما اكتفى غيره ممن يمكن أن يكونوا منافسين بالعمل في مناطقهم وشدشدة قواعدهم في المنطقة الصغيرة، مع عمل ضئيل خارج المناطق.

لم يستطع المعترضون عليه وعلى مدى سنوات وعبر استحقاقات كثيرة من تشكيل أي قوة حقيقة رغم تاريخهم النضالي. ورغم تجمعهم في أكثر من استحقاق، بقوا بما يشبه نادياً سياسياً ضيقاً وصغيراً.

شهدت الأشهر القليلة السابقة بروفا صغيرة، حملت محاولة رفض أو تمرّد منقوص قاده عدد من النواب الصقور في "التيار"، من آلان عون إلى ابراهيم كنعان وسيمون أبي رميا وأسعد درغام، إلّا أن نتيجته كانت حاسمة لصالح جبران، ولم يلقَ أي تأييد حزبي يُذكر، وانتهى بعودة النواب إلى قواعدهم، وعبره عاد واستطاع باسيل أن يحصد تعاطفاً شعبياً جديداً، باعتبار أن هناك ضباطاً ينقلبون في عز المعركة، فشكّل التوقيت السيئ خسارة للمتمايزين وربحاً صافياً للرئيس.

وفي هذا الإطار، يقول مصدر قيادي في "التيار الوطني الحر" إن آلان عون أو ابرهيم كنعان أو سيمون أبي رميا يستطيعون أن يفوزوا حزبياً ضمن مناطقهم وبأريحية على أي مرشح منافس على مقاعدهم النيابية، لكنهم حكماً يخسرون أمام جبران إذا كان هو المنافس وفي مناطقهم أيضاً.

واما الضربة الأهم التي حققها باسيل، فهي تحدّي "الثنائي الشيعي" ضمن الملفّ الرئاسي، ما شدّ العصب "اليميني" داخل التيار، وهو العصب الذي كان يتّكل عليه معارضوه الذين يعتبرون أن "حزب الله" والتحالف كانا سبباً في خسارة "التيار" جمهوره والرأي العام المسيحي الذي سيطر عبره العماد ميشال عون على 70 بالمئة من المسيحيين، وشكل تسونامي تاريخياً في هذا الصدد. أما اليوم، فاستطاع جبران إعادة هذا العصب. ومن يراقب وسائل التواصل الاجتماعي يعرف مدى التأييد الذي يحظى به باسيل في هذا الشارع بالذات الذي كان مقموعاً لسنوات عديدة.

هذه الأسباب مجتمعة، تجعل جبران رئيساً حتمياً للتيار، وهذه المرة بدعم عمه وبقاعدة كبيرة، وأي ترشّح في وجهه يكون على سبيل المزحة و"اللعبة الديمقراطية الهزيلة".

 

اقرأ في النهار Premium