تعتبر مسألة خلافة قائد الجيش من المسائل الخلافية، على ضوء الخلافات السياسية من جهة، وعلى ضوء الاجتهادات التي تُسرّب أحيانا بناء لتجارب سابقة في عهود غابرة، علماً أن قائد الجيش العماد جوزف عون حدّد السبل الآيلة إلى خلافته عبر تعيين رئيس الأركان.
التمديد للهراوي - لحود
هذا الخلاف، دفع البعض إلى التذكير بمرحلة التسعينيات عندما تم التمديد المزدوج آنذاك لرئيس الجمهورية الراحل الياس الهراوي وقائد الجيش العماد إميل لحود في جلسة واحدة. وهذا التمديد حصل عبر قانون صدر في مجلس النواب.
اما في ما خص قائد الجيش السابق جان قهوجي على سبيل المثال فتم التمديد له بناء على طلب من وزير الدفاع الوطني آنذك واستنادا إلى قانون الدفاع. إلا انه رغم ذلك، تم الطعن بالتمديد من قبل أحد الضباط امام المجلس الدستوري، الذي عُلم وقتذاك بأنه أصدر قراراً باعتبار التمديد غير قانوني، إلا أنّ القرار لم يُطبّق بسبب وفاة الضابط الذي تقدم بالطعن قبل صدور قرار المجلس الدستوري.
خيار واحد لمجلس النواب
أما اليوم، يفرض الخلاف بين قائد الجيش جوزف عون ووزير الدفاع موريس سليم نفسه على المشهد الداخلي للمؤسسة العسكرية. إذ بحسب متابعين، من المستبعد أن يعمد سليم، وهو المحسوب على رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل إلى طلب التمديد للعماد عون، ومعلوم أن خلافات عميقة تجمع بينهما.
من هنا، ذكّر بعض أصحاب النية الحسنة والخائفين على مصير المؤسسة العسكرية بوجود طريق يكون ربما عبر مجلس النواب ليأخذ المبادرة من تلقاء ذاته ويمدّد لقائد الجيش في حال وصوله إلى نهاية خدمته من دون وجود بديل عنه.
مالك
الخبير القانوني سعيد مالك شدّد في حديث لـ"النهار" على أنّ قرار التمديد لقائد الجيش يكون من خلال قانون الدفاع، وعبر الحكومة بناء على طلب وزير الدفاع، ولا علاقة لمجلس النواب بهذا الموضوع إطلاقاً استناداً إلى مبدأ الفصل بين السلطات، ولا يحق لمجلس النواب التعاطي بالأمور التنفيذية التي تعود صلاحياتها إلى مجلس الوزراء.
وأوضح أن الدور الوحيد الذي يمكن أن يلعبه مجلس النواب في هذا الخصوص هو عبر تعديل قانون الدفاع، بحيث يُصار إلى تمديد مهلة تسريح قائد الجيش ضمن إطار قانون لهذه الغاية.
مصدر نيابي يقول: "يستطيع المجلس النيابي "أن يعمل الأبيض أسود"، لأنه المؤسسة الأم، إلاّ اذا كان القانون مخالفاً لنص دستوري، عندها للمجلس الدستوري الحق بإيقافه اذا تم الطعن فيه، لأن القانون لا يعلو فوق الدستور".
خلف
النائب ملحم خلف يرى أن هناك حالة من الحالات يمكن لمجلس النواب ان يمدّد لأي موظف عام كأن يتقدم أي نائب أو تكتل باقتراح قانون للتمديد لهذا الموظف، لكن خلف يشدد على أن أي قانون يجب ان يكون مجردا، بمعنى ان لا يحمل أي صفة أو خلفية شخصية.
ويقول لـ"النهار": "الاستحقاقات لها مواعيدها، فهل يجوز مثلا تعديل ولاية موظف وتبديل سن التقاعد لشخص دون آخر؟، مشددا على أن الوصول إلى الأجل، أي إلى موعد الاستحقاق، هو حدّ كالسيف لا يمكن التعاطي معه بأي مقاربة من نوع تمديد او تجديد".
عقيص
النائب جورج عقيص بدوره، يوضح لـ"النهار" أنه يستطيع مجلس النواب أن يبادر للتمديد لقائد الجيش من خلال اقتراح قانون موقّع من نائب أو عدد من النواب، يعرض الأسباب الموجبة لإجراء تمديد استثنائي لمصلحة موظف عام معيّن. وبالتالي، مجلس النواب لا يستطيع أن يخترع أموراً لا أبوة لها، هو إما يناقش اقتراح قانون موقّع من نواب او مشروع قانون محال من الحكومة، ولا شيء آخر".