كثيرة هي القواسم المشتركة التي تجمع بين لبنان والأرجنتين من بوابة الازمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالبلدين، فكانت أوجه الشبه في مرحلة الانهيار هي ذاتها ان على مستوى انهيار العملة الوطنية او الارتفاع الهائل في نسب التضخم وتراجع النمو. وشكل هذا التشابه مادة دسمة للخبراء لدعوة السلطات اللبنانية الى الاتعاظ من التجربة الأرجنتينية، مع فارق ان الارجنتين نجحت في الخروج من ازمتها فيما لبنان لا يزال غارقاً فيها.
عن هذه التجربة، حرص سفير الارجنتين موريسيو اليس ان يستعرضها خلال غداء دعا اليه جمعية الإعلاميين الاقتصاديين برئاسة رئيسة الجمعية سابين عويس، وذلك بهدف تبادل الرأي واستعراض الازمة وصولاً الى البحث عن القواسم المشتركة التي يمكن للبلدين الإفادة منها في سبيل تعزيز اطر التعاون والتبادل التجاري والاستثماري.
وبحسب الأرقام التي أوردها اليس، فإن السوق الأرجنتينية تشكل سوقًا واعدة للبنان في ظل وجود جالية لبنانية كبيرة، فضلاً عن ملايين الرعايا من أصول لبنانية المنتشرين في دول اميركا اللاتينية. وإذ اعرب عن اسفه للعجز عن تأمين خطوط طيران مباشرة رغم الجهود التي بذلت في هذا الشأن، اكد ان القواسم المشتركة التي تجمع بين أوضاع البلدين يجب ان تشكل حافزا لتشجيع الاستثمارات وتعزيز التبادل التجاري. والواقع ان قيمة التبادل التجاري بين البلدين لا تزال ضعيفة وثمة فجوة كبيرة بين ما يستورده لبنان من الارجنتين ويصدره اليه، علما ان الحركة كانت تحسنت كثيرا وزادت ما بين الأعوام ٢٠١٠-٢٠١٧ بحوالي ٧ مرات لتقارب ٨٠٠ مليون دولار. في حين ان صادرات لبنان لا تتجاوز بضعة عشرات الملايين.
تشكل الارجنتين اكبر اقتصاد في دول اميركا اللاتينية، وقد تمكنت اعتباراً من العام ٢٠٢١ بدء مسار التعافي بعد الازمة المالية التي عصفت بها. واستكملت هذا المسار في ٢٠٢٢ حيث حقق النمو نسبة ٥،٢ في المئة على مدى عامين متتاليين. وبلغ حجم التصدير ٨٨،٤ مليار دولار يضاف اليها نحو ١٤،٤ ملياراً مجموع الصادرات الخدماتية ليحقق التصدير رقمًا تاريخياً تجاوز المئة مليار دولار.
ابرز الصادرات الأرجنتينية تتمثل في الطاقة المتجددة والمعادن والطاقة النووية للاستعمال السلمي والزراعة حيث تشكل الأراضي الزراعية نحو نصف مساحة الارجنتين. كما تشتهر البلاد بإنتاج الحبوب والنبيذ ومنتجات الحليب واللحوم والمعادن الثمينة وقد توسع الآن انتاج الليثيوم والأدوية.
يأمل السفير الارجنتيني فتح الآفاق مع لبنان، كاشفاً ان مساعي تعزيز التعاون لا تزال مستمرة على خطين، احدها عبر المفاوضات الجارية لدرس إمكانية التوقيع على اتفاقية مع مجموعة دول السوق المشتركة الجنوبية "Mercosur"، وهي لا تزال جارية وانما بوتيرة ابطأ، فضلاً عن البحث في توقيع مذكرة تفاهم ثنائية.
وقد شكرت عويس السفير اليس على مبادرته التي تنطلق من الحرص على تعزيز العلاقات مع لبنان والإفادة من المصالح المشتركة في سبيل تنمية تلك العلاقات وتعزيزها.