استحوذت اللقاءات المستجدة بين قائد الجيش العماد جوزف عون ووزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم على الاهتمام، وخصوصاً أنها أتت بعد قطيعة طويلة تخللتها إشكالات عميقة بين الرجلين لم تحلّ حتى اللحظة، رغم تأثيرها على سير المؤسسة العسكرية.
وعلى الرغم من حصر الجهتين اللقاء في إطار التعازي ورد التعزية بعد استشهاد الضابطين الطيارين في حمانا، بحيث عمد وزير الدفاع الى زيارة قائد الجيش لتعزيته فما كان من الأخير إلا رد الزيارة لشكره على التعزية، فإن هذه اللقاءات الشخصية تكسر الجفاء الذي تراكم منذ أشهر عديدة بين الرجلين، ويمكن أن يفتح أبواباً لإعادة التواصل من جديد خصوصاً أن وزير الدفاع هو ابن المؤسسة العسكرية، ويعلم جيداً الأوضاع التي هي فيها نتيجة الانهيار الاقتصادي المستمر منذ سنوات.
ولكن ما يسترعي الاهتمام هو تزامن هذه اللقاءات مع الحراك السياسي المستجد على الساحة الرئاسية، وخصوصاً الحراك الإقليمي الدولي عبر الزيارات المفاجئة التي قام المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين وتعميم الصورة الشهيرة في اللقاء الذي جمعه مع عون، بالإضافة الى الحراك القطري المعروف التوجّه والداعم لعون الذي استعاد نشاطه عبر زيارة جديدة للموفد القطري لبيروت، وجميع هذه التحركات أعادت عون الى موقع المنافسة الجدّية على الرئاسة بعد تراجع في الأشهر السابقة.
ورافق هذا الحراك، كلام عن سعي جهات أساسية في البلاد الى إيجاد إخراج معيّن يقضي بتمديد ولاية القائد بشعار معلن يتمثل "حفاظاً على عدم الشغور في المؤسسة العسكرية" وخصوصاً أن موقع قائد الأركان الذي يتولى القيادة في غياب قائد الجيش قد طاله الشغور أيضاً، وآخر مخبّأ يقضي بالحفاظ على حظوظه الرئاسية، والطريق الأسهل لهذا الأمر هو بطلب من وزير الدفاع كما حدث مع سلفه العماد جان قهوجي، ومحاولة الهروب من دخول دهاليز مجلس النواب وعقباته بين الرفض لتناول شخص واحد في مشروع قانون ومقاطعة الكتل المسيحية للمجلس في الفراغ الرئاسي.
ولكن في الجهة المقابلة، يبدو أن هذا الحراك لم يؤثر في موقف "التيار الوطني الحر" الراعي السياسي لوزير الدفاع، لا بل زاد هجومه عليه وهذه المرة من باب جديد هو موجة النزوح غير الشرعي الجديدة التي يشهدها لبنان، فحمّل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مسؤوليتها لقائد الجيش ليضيف ملفاً جديداً على ملفات هجوماته السابقة، بما يؤكد عدم تراجعه عن مواقفه، واستمرار حملة الرفض، ما يجعل من حركة وزير الدفاع حركة مشلولة وخصوصاً أنه أضحى واقعاً التزام سليم بتوجيهات الرئيس السابق ميشال عون، والتيار الوطني الحر.