ماذا يجري في هيئة "أوجيرو"، ولماذا يغيب مديرها العام الدكتور عماد كريدية عن السمع منذ الاسبوع الماضي؟ التسريبات تؤكد ان كريدية يتقصد الغياب وإقفال خطه الخليوي كي يتجنب الضغوط التي قد تمارَس عليه من السياسيين على خلفية القرارات التي اتُّخذت في مجلس ادارة الهيئة وأعفت المديرين كافة من مهامهم على أن يصار الى تكليفهم مهام جديدة من المدير العام، وذلك بغية تطبيق خطة استراتيجية وضعتها الهيئة تحت عنوانOGERO Streamlining Plan. وتهدف الخطة كما ورد حرفيا فيها الى "زيادة الحصة التجارية للهيئة في السوق اللبنانية وتفعيل Service Delivery بالسرعة المناسبة لتأمين أفضل الخدمات للمواطن... بما في ذلك مواكبة وتنفيذ المشاريع المتطورة التي تسمح لـ "هيئة أوجيرو" باستعادة دورها المرموق والريادي في قطاع الاتصالات".
تبدو عناوين الخطة في غاية الجاذبية، وتحقيق أهدافها يتطلب الكثير من العناصر التي ينبغي توافرها قبل الشروع بالتنفيذ، وأهم هذه العناصر إثنان:
- إبعاد التدخلات السياسية والحزبية في اختيار المديرين والاستناد فقط الى الكفاية والخبرة لتعيين المدير المناسب في المركز المناسب.
- تأمين الأموال المطلوبة لتوفير الخدمات الجديدة.
هل من السهل تأمين هذين الشرطين لنجاح الخطة؟
تقول مصادر متابعة إن التجارب السابقة لا تشجع على التفاؤل إطلاقا، إذ لدى تسلم الإدارة الحالية للهيئة مهامها في بداية عام 2017، حصل العكس تماما، إذ قامت الإدارة باستبعاد المديرين الكفوئين والذين يتمتعون بالخبرات والإنجازات، وعينت مكانهم موظفين محسوبين على جهات سياسية وحزبية، ما أوصل عمل الهيئة الى ما وصلت اليه من تردٍّ في تأمين الخدمات والصيانة والتصليحات، إضافة الى غياب تام لتوفير خدمات جديدة. وتدرج المصادر مثالين اثنين على ذلك، إذ تم استبعاد مدير الشبكات في الهيئة المهندس جورج إسطفان، ومديرية الشبكات هي من أكبر المديريات في الهيئة وتُعنى بتأمين الخطوط الهاتفية وصيانتها وتصليح الأعطال، وتم تعيين عضو مجلس الإدارة هادي بو فرحات المحسوب على "التيار الوطني الحر" مكانه، وهو غير تقني، إذ إن طبيعة عمل مديرية الشبكات تتطلب اختصاصا تقنيا في هندسة الإتصالات. كما تم استبعاد المدير الإداري جبران الخوري الذي يتمتع بخبرات واسعة، خصوصا لجهة قيادة فريق العمل الذي قام بإدارة وتسلّم وتركيب وتشغيل الشبكة الثالثة للخليوي التي أوقفها لاحقا الوزير شربل نحاس، اضافة الى مهام أخرى قام بها الخوري بنجاح، ولا سيما تمكين "أوجيرو" من إدخال خدمة إنترنت الأشياء IoT والقيام بالتجارب الميدانية مع كبرى شركات القطاع الخاص، بعد إجراء الدراسات اللازمة لاختيار أفضل التكنولوجيات في هذا الإطار.
اما لجهة تأمين الاموال اللازمة، فقد يتوافر ذلك الآن ضمن الموازنة الجديدة، وبعد الثبات النسبي لسعر الدولار الأميركي، علما أن ثمة الكثير من الإجراءات التي لا تتطلب أموالا وكان يتوجب اتخاذها لتحسين نوعية الخدمة وإيصالها بفعالية الى شرائح واسعة من المستخدمين، لاسيما الى الشركات المتوسطة والكبيرة بما في ذلك المصانع التي ازدهرت خلال الأزمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها لبنان.
"النهار" تحاول منذ أيام الاتصال بالمدير العام لـ"هيئة أوجيرو" الدكتور عماد كريدية لسؤاله عن الاجراءات الادارية والخطة التي سينفذها، ولكن لم توفّق ربما لوجوده خارج البلاد، علما أنها كانت قد تناولت في 20 آذار الماضي إمكان تقديم خدمات جديدة من "أوجيرو" كحلول بديلة لزيادة الإيرادات غير استسهال رفع التعرفة وذلك تحت عنوان "زيادة التعرفة الحل الاسهل لزيادة الايرادات، فهل من حلول أخرى؟". أما وقد عزمت "أوجيرو" على تنفيذ خطتها الاستراتيجية، فعسى ألّا يكون قد فات الأوان لتطبيقها بحرفية عالية فتأتي وفقا لمقولة too little too late.
وبالرغم من رهان البعض على حظوظ نجاح هذه الخطة في حال تنفيذها بفعالية وشفافية بعيدا عن التدخلات السياسية والحزبية، ثمة رأي آخر لا يستبعد أن ما تقوم به الإدارة حاليًا هو محاولة للسيطرة الكاملة على كل مفاصل "أوجيرو" من خلال إعادة هيكلة المديريات ووضع مديرين محسوبين على الإدارة شخصياً بحجة حسن تنفيذ الدراسة الجديدة. يبقى للمستقبل القريب وحده إثبات مدى صدقية هذه الدراسة والنزاهة Integrity في تنفيذها. وعندها فقط، سيلمس المشترك التحسن الفعلي للخدمة واستعادة دور "أوجيرو" المرموق والريادي في قطاع الإتصالات.