أكّد وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض أن "النزوح السوريّ الكثيف يؤثر على النظام الصحيّ اللبنانيّ ويعرضه لضعف بنيوي، الأمر الذي يشكل خطرا داهما على لبنان لن يكون الإقليم بمنأى عنه"، مشددا على أنّه "من حق لبنان ولا سيما نظامه الصحيّ الحصول على ما يحتاج إليه من دعم حقيقي ليتمكن من الإستمرار في تقديم الخدمات الصحية والطبية ذات الجودة".
كلام وزير الصحة، جاء خلال متابعته لقاءاته في نيويورك على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وبحث مع نظيره الهولندي إرنست كويبرز، في الأعباء الهائلة الملقاة على عاتق النظام الصحي في لبنان. ونوه الأبيض بما تقدمه هولندا والإتحاد الأوروبي لمساعدة هذا النظام على مواجهة التحديات المتراكمة في ظل الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية.
نائبة وزير الصحة في أرمينيا لينا نانوشيان
كذلك إلتقى وزير الصحة نائبة وزير الصحة في أرمينيا لينا نانوشيان وتناول البحث تبادل الخبرات بين البلدين نظرا للتشابه الحاصل في النظام الصحي في كلا البلدين، ولا سيما لجهة إعادة توجيه النظام للإستناد للرعاية الأولية كخطوة ضرورية تؤسس لبلوغ التغطية الصحية الشاملة، فضلا عن الإستفادة من الخطوات الكبيرة التي قطعتها أرمينيا في تنظيم العلاقة مع أبنائها من الجاليات المنتشرة في دول العالم.
علاجات سرطان الأطفال
وشارك الدكتور الأبيض في ندوة نظمت لمناسبة مرور خمس سنوات على إطلاق المبادرة العالمية لعلاج سرطان الأطفال وما حققته من نتائج جيدة وذلك بحضور رئيسة جمهورية سلوفاكيا ووزراء الصحة من عدة بلدان، ومدير مركز سرطان الاطفال في لبنان الدكتور حسان الصلح. وأكد وزير الصحة في كلمته أن "موضوع سرطان الأطفال يحتل أولوية في الخطة الوطنية للسرطان التي أقرتها وزارة الصحة العامة"، مبديا ارتياحه لما يقدمه لبنان من خدمات متطورة في علاج السرطان، مشددا في الوقت نفسه على "ضرورة تفعيل التعاون مع الشركاء الدوليين بما يضمن المحافظة على مستوى هذه الخدمات ودعمها".
كما حضر الدكتور الأبيض لقاء وزاريا دعت إليه بعثة قطر بمشاركة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس ووزيرة الصحة في قطر الدكتورة حنان الكواري ووزراء صحة وخبراء، خصص للبحث في موضوع الحماية الصحية ولا سيما في مسألة مقاومة المضادات الحيوية وضرورة التعاون بين مختلف دول العالم لمواجهة هذه المشكلة التي توصف بأنها مشكلة صامتة وشديدة الخطورة.
ولفت الأبيض خلال الاجتماع إلى "أن لبنان يعاني من نسبة عالية من الجراثيم المقاومة للمضادات" مضيفا أن وزارة الصحة العامة تسعى لتقليص مخاطر هذه المشكلة بالتعاون مع وزارة الزراعة ومصلحة الطب البيطري.
اليونيسف وUNHCR
كذلك تابع وزير الصحة العامة مع نائب المدير التنفيذي لليونيسف تيد شيبان، المشاريع المشتركة ولا سيما المتصلة بموضوع الرعاية الصحية الأولية وتزويد مراكز الرعاية بالأدوية وبرامج التحصين. ومن لقاءاته أيضا اجتماع مع مساعد المفوض السامي لشؤون العمليات في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين رؤوف مازو . وقد استعرض الجانبان الاعباء الكبيرة التي ينؤ تحتها النظام الصحي في لبنان بسبب النزوح، وخاصة مع الموجة الاخيرة المستمرة، وحذر الابيض من ان "النظام الصحي، والذي يعاني تحديات متعددة، لن يكون بوسعه تحمل اعباء جديدة"، وطالب المفوضية ب"تكثيف جهودها لتسهيل عودة النازحين الى بلادهم، كحل امثل لتخفيف الضغط الحاصل على لبنان".
اختتام الاجتماعات المخصصة للصحة في الجمعيّة العموميّة للأمم المتحدة
وألقى الأبيض كلمة لبنان لقاء رفيع المستوى حول الرعاية الصحيّة الأولية وأهميتها في بلوغ التغطية الصحية الشاملة، واستهلها بالتأكيد أنّ "التغطية الصحية الشاملة ليست مجرد هدف، بل خطوة مهمة في سبيل تحقيق حق أساسي من حقوق الإنسان وهو الصحة، وتوفر التغطية الشاملة لكل فرد أيا كانت ظروفه وأوضاعه الاجتماعية والقدرة على الحصول على الخدمات الصحية التي يحتاج إليها من دون كلفة مالية كبيرة".
أضاف: "أمام البرلمان اللبناني مشروع قانون للتغطية الصحية الشاملة ولكن إقرار القانون عملية غير سهلة، بسبب الأزمة غير المسبوقة والمتعددة الأبعاد التي يواجهها لبنان والتي تؤثر بشكل كبير على النظام الصحي اللبناني"، مردفا "يعاني أكثر من 80% من القاطنين في لبنان من الفقر، منهم عن أكبر عدد من النازحين في العالم بالنسبة إلى عدد السكان. وقد تدنت الميزانية المخصصة لوزارة الصحة العامة بنسبة كبيرة مما كانت عليه قبل الأزمة نظرا للتراجع المؤسف الذي أصاب عملتنا الوطنية".
ولفت الى أن "التحديات المذكورة لم تدفع الوزارة إلى الإستسلام أو التراجع"، مضيفا "نجحنا في إقرار سلة من الإصلاحات بهدف معالجة ثغرات سابقة. وأطلقنا في بداية السنة الحالية الاستراتيجية الوطنية للصحة التي جعلت الرعاية الأولية مدماكا أساسيا للمضي قدما في إرساء التغطية الصحية الشاملة. وعمل لبنان على حصول النازحين المقيمين على أرضنا على الخدمات الصحية الأساسية رغم شح الموارد".
وقال: "مع ذلك، يشكل التمويل التحدي الأكبر الذي يواجهنا. فالنتائج الاقتصادية الايجابية للاستثمار في التغطية الصحية الشاملة تظهر على المدى الطويل، لكنها تحتاج لتمويل فوري ونحن نعاني بشدة في ظل واقعنا القاسي من ضيق شديد في مواردنا المالية حيث يضطر العديد من مواطنينا لأن يتكبدوا تكاليف باهظة من جيوبهم الخاصة للحصول على الخدمات الصحية. ومما لا شك فيه أن بلدنا، ورغم كل الجهود التي يمكن بذلها، يبقى في حاجة أكيدة لدعم تمويل التغطية الصحية الشاملة أو تأمين استدامتها".
وختم وزير الصحة:"إن أزمة اللجوء تتجاوز حدودنا الوطنية. إنه تحد مشترك ويتطلب حله مسؤولية مشتركة مع المجتمع الدولي. إن الشعب اللبناني أثبت قدرته على التأقلم والصمود، ولا بد من التضامن الدولي الإلزامي مع هذا الشعب. وإننا ندعو المجتمع الدولي لمد اليد إلى لبنان تجسيدا لمبدأ الدفاع عن الحق العالمي في الصحة".