الجميع كان مستعدّاً للسير في بدء إعادة محاكمة الموقوفين التسعة في ملفّ حادث خلده عام 2021. وحصل ما لم يكن في الحسبان، ما استدعى إرجاء الجلسة إلى 16 تشرين الأوّل المقبل. فقرابة الأولى من بعد الظهر التأمت هيئة محكمة التمييز العسكريّة برئاسة القاضي جون قزّي في حضور ممثّل النيابة العامّة لدى المحكمة القاضي غسّان الخوري، وفريق الدفاع عن المتّهمين الممثّل بالمحامية ديالا شحادة والمحامي محمّد صبلوح والمحامي أنطوان سعد الذي تأخّر وصوله إلى مبنى المحكمة العسكريّة لارتباطه بملفّ يتّصل بموقوفين. وصرّح رئيس المحكمة بأنّ الهيئة ستتأخّر في النظر بعدد من الملفّات المدرجة على جدول الجلسات، باعتبار أنّ ملفّ أحداث خلده هو الأخير على هذا الجدول. ولكنّ الهيئة المؤلّفة من القاضي قزّي رئيساً والمستشارين من الضبّاط العسكريّين، فرغت من النظر في هذه الملفّات في جلسات متتالية عقدتها في مكتب رئيس الهيئة، وعندما حان دور ملفّ خلده، عقدت الهيئة الجلسة في قاعة المحكمة نظراً إلى عدد الموقوفين في هذه القضيّة. وأفهم رئيس المحكمة الموقوفين الأصول القانونيّة التي تقضي برفع الجلسة إلى موعد آخر لعدم حضور وكيل الدفاع، فالتمسوا منه الانتظار بعض الوقت، بعدما نقل أحد موكّليه تأكيده الحضور في وقت سابق للجلسة، فنزل رئيس المحكمة عند طلبهم وأعلمهم بأنّ المحكمة كانت قرّرت السير في استجواب الجميع في هذه الجلسة، وقال: "علينا الانتظار بعض الشّيء، وهو الأمر غير المسبوق. لقد حصل تأخير لا أعرف سببه والغائب عذره معه، وينبغي التعاطي إيجاباً مع الموقوفين الذين تمّ إحضارهم الى المحكمة". اغتنم القاضي قزّي وقت الانتظار وشرع بتحضير المتّهمين في محضر الجلسة وفقاً للأصول. هي المرّة الأولى التي يقابل فيها المتّهمون أعضاء الهيئة التي ستُصدر حكماً مبرماً في قضيّتهم. وما لبثت سمات التوتّر أن غابت عن وجوه الموقوفين حين بادر القاضي قزّي بأسلوب مرن في التعاطي معهم أثناء عمليّة تحضيرهم، فترك شعوراً بالاطمئنان لديهم. كلّ الذين تُعاد محاكمتهم من الوجوه الشبابية من أبناء خلده في الغالب، وجميعهم يقيمون فيها ويعملون. أحدهم صيّاد سمك، وهناك شقيقان يعملان في محلّ تجاريّ في المدينة، وآخر "خاطب" ولا يزال. وبدا رجل الدين في جلبابه الأبيض الأكبر سنّاً بينهم، وهو الذي التمس مع غيره من الموقوفين انتظار حضور وكيله. جميعهم امتثلوا بهدوء في القفص الذي كان بالكاد يتّسع لهم، ينتظرون استجوابهم، ويستبشرون خيراً في إعادة محاكمتهم علّها تعيدهم إلى الحياة وتخرجهم من وراء القضبان. وبادر رجل الدين الشيخ عمر موسى بالقول: "لجأنا في الطعن إلى أعلى محكمة لرفع الظلم عنّا، وهو طعن بالحكم الصادر عن محكمة البداية التي حكمت على الموقوفين بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، وجرى تمييز الحكم الذي وافقت عليه محكمة التمييز العسكريّة، وقرّرت إعادة المحاكمة. وردّ القاضي قزّي بأنّ العدالة هي التي ستحكم في هذا الملفّ، والبريء سيبرأ والمتّهم سيُدان. استفسر أحد المتهمين من رئيس المحكمة عن رفاقه المحكومين غيابيّاً بالإعدام فأوضح له أنّ هيئته معنية قانوناً بالموقوفين التسعة الذين جرى قبول الطعن المقدّم منهم فحسب. ومعلوم أنّ القاضي قزّي لا يبتّ طلب تخلية سبيل إلّا بعد استجواب الموقوف. وبعد مرور حوالى نصف ساعة، قرّرت الهيئة رفع الجلسة إلى 23 تشرين الأوّل المقبل، فاعترضت جهة الدفاع طالبة تقريب موعد الجلسة، فعُدّل تاريخها لتعقد بعد ثلاثة أسابيع. وبعد رفع الجلسة حضر المحامي سعد متمنياً بدوره عقد الجلسة الأسبوع المقبل، فأبلغه رئيس المحكمة تعذّر ذلك بسبب عدد الجلسات المدروجة على جدوله. وعلم أنّ القاضي قزّي أخذ وعداً من الموقوفين بعدم لجوء أبناء خلده إلى قطع الطريق. كما لوحظ في السياق ذاته عدم حصول التجمّع الذي كان مقرّراً على مسافة قريبة من المحكمة العسكريّة. وبعد رفع الجلسة أذن لأحد نجلي الشيخ الموقوفَين معه بمقابلة والدته وزوجته في مبنى المحكمة.