قد لا تكون الأجواء المتعلقة بالملف الرئاسي ومجرياته مريحة لأي طرف من الأطراف اللبنانية كما الخارجية على حدّ سواء.
وقد تكون البلاد دخلت في مرحلة من شدّ الحبال، بعد مرحلة طويلة من الشغور الرئاسي، الذي ترافق مع انقسام لبنانيّ عمودي، خلّف الشلل على صعيد مفاصل الدولة اللبنانية لا على صعيد الانتخابات الرئاسيّة فحسب.
وفي المشهدية الرئاسيّة العامة الحالية، تبدو عملية البحث عن إطلاق مبادرة أو حراك دوليّ جديد بحثاً عن "المرشح الثالث" قريبة؛ لذلك لا بدّ من التساؤل عن كيفية تعاطي الداخل اللبنانيّ بتناقضاته المتعددة مع أيّ طرح دوليّ جديد.
في هذا الإطار، تحدّث عضو "كتلة الجمهورية القوية"، النائب غياث يزبك، لـ"النهار" مؤكداً أن "الملف الرئاسيّ لا يمرّ بمرحلة من الجمود المطلق، إنما في مرحلة من المراوحة، إذ إن الأفرقاء الدوليين لم يعلنوا انتهاء مساعيهم ومبادراتهم التي تهدف إلى وضع حدّ للشغور الرئاسي في لبنان".
وأضاف: "مررنا بمرحلة من إضاعة الوقت المتمادية، بسبب أداء بعض الفاعلين في الملف اللبناني، لاسيما الطرف الفرنسي، الذي اعتمد أساليب معاكسة للمنطق السيادي والدستوري، وعمد إلى محاولة إقناع القوى السيادية في لبنان بضرورة الخضوع لمنطق "حزب الله" وانتخاب مرشحه رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية.
ورأى يزبك أنه "بعد التصريح الأخير للموفد الفرنسي الرئاسي إلى لبنان جان إيف لودريان، يبدو أن مجموعة الدول الـ5 دخلت مرحلة من إعادة جوجلة أفكارها، وتقييم مسعاها تجاه لبنان، وهذا ما ظهر من خلال اللقاءات التي حصلت في السعودية في الأمس، ومن خلال الحراك القطري الأخير في لبنان. وبناء على هذا، يمكن القول إننا قد نكون أمام مسعى دوليّ جديد تجاه لبنان بغضّ النظر عن تسمياته وآلياته".
وعن الحراك الرئاسيّ الداخلي أكد النائب يزبك أن "الخط المعارض في لبنان هو الذي يتحرك ويسعى لإيجاد الحلول الممكنة على خط الانتخابات الرئاسية، وذلك عبر مقاومته وسعيه إلى رصّ الصفوف ومنعه محاولة الانقلاب وتجاوز الدستور التي يعتمدها الفريق الممانع في محاولة منه لإخضاعنا ودفعنا لانتخاب مرشحه الرئاسي".
ويتابع: "وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أننا، ومنذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، ذهبنا مباشرة إلى المرشّح الثالث الذي تنادي به الدول الـ5 المهتمّة بالمسألة اللبنانية اليوم. فبنظرنا تنطبق على رئيس "حركة الاستقلال" ميشال معوض صفة المرشح الثالث، أقلّه بنسبة 50 في المئة. أمّا الوزير السابق جهاد أزعور ففيه كلّ المواصفات التي تجعله مرشّحاً ثالثاً بامتياز. لذلك، الدعوة اليوم يجب أن تكون إلى الفريق الآخر حتى يلاقينا في المرونة التي نظهرها، إذ إننا لن نقبل باعتبار الوزير فرنجية مرشّحاً ثالثاً، ولا مَن تنطبق عليه مواصفات فرنجية".
وشدّد على أنه "حتّى السّاعة مستمرون بترشيح أزعور الذي لم نجد مرشحاً ثالثاً أفضل منه لغاية اليوم، علماً أننا لا نرفض البحث في أسماء جديدة لها نفس مواصفات المرشح الثالث".
وعن التطمينات التي يطلبها "حزب الله" من أي مرشح ممكن لرئاسة الجمهورية، قال يزبك إن "الدولة اللبنانية هي من يجب أن تطلب التطمينات من الحزب ومن المحور الذي ينتمي إليه. فعادة، المُعتدى عليه هو من يطلب التطمينات.
لذلك لا بد لـ"حزب الله" من أن يطمئن الدولة اللبنانية إلى هوية لبنان واتفاق الطائف وإلى أنّه لن يبتلعها، فضلاً عن طمأنة الدولة إلى كلّ ما يتعلق بسلاحه غير الشرعيّ وبضرورة وضعه في كنف الدولة".
وعن اتهام الرئيس السابق لـ"الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط " القوات اللبنانية" بتعطيل مجريات الانتخابات الرئاسية، قال يزبك: "مقاربتنا الرئاسية مشتركة مع "الحزب التقدمي الاشتراكي"، وهذا ما تجلّى من خلال تصويتنا سوياً لميشال معوض، ثم لجهاد أزعور. أما الدعوة إلى التسوية والحوار مع منطق حزب الله فيشجّع الحزب على المزيد من التصلّب؛ وما يقوله وليد جنبلاط يصبّ في هذا الاتجاه عن دراية أو من غير دراية، إذ إنه يوحي إلى الحزب بأنه قادر على فكّ الرباط القائم بين جنبلاط والسياديين، وهذا ما لا يعود بالفائدة لا على "الاشتراكي" ولا على القوى السيادية في لبنان".