بعد 6 أيام من انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، وبعد مرور أيام عدة على فتح الساحة الجنوبية على مصراعيها في الحرب الدائرة في غزة، وبعد صواريخ أطلقت من وإلى لبنان، وبعد كلّ المخاوف الداخليّة والدوليّة وردود الفعل المختلفة، قرعت حكومة تصريف الأعمال جرس انطلاق جلساتها التي لم تخصصها للوضع الأمنيّ المستجد فحسب إنما وسعّت جدول أعمالها ليطال البحث ملفَ النزوح السوريّ، الذي، وفي كلّ الأحوال، لا يقلّ أهميّة وخطورة عن ملف "وحدة الساحات" التي دخلها لبنان تحت مسمّيات مختلفة.
في هذا الإطار، يشرح مصدر حكومي لـ"النهار" سبب تأخّر الدّعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء، مؤكداً أنّ "رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، كانت لديه الرغبة في الدعوة إلى جلسة حكومية منذ اللحظة الأولى لاندلاع حرب غزة، لكن الواقع الحكوميّ المتخبّط إلى حدّ ما، وسياسة المقاطعة التي ينتهجها "التيّار الوطني الحر" حالت دون الدعوة المباشرة، وبالتالي فتح المجال للتوافق نظراً إلى خطورة المشهدية التي يعاني منها لبنان".
وأضاف "تبدو المقارنة بين الداخل اللبناني والحراك الحكوميّ الذي تقوم به إسرائيل محزنة إلى حدّ كبير. فإسرائيل التي شهدت في الآونة الأخيرة انقساماً قضائيّاً عمودياً وغير مسبوق سرعان ما وحّدت صفوفها للدخول في الحرب، أما لبنانياً فبتنا كمن يستهوي لعبة الوقت الضائع والتلهّي، من دون أن يتحلّى بعضنا بأدنى مستويات المسؤولية والحكمة".
وفي سياق الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، ستفتح السرايا الحكومية أبوابها قرابة الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم لمختلف الوزراء المقاطعين وغير المقاطعين. وحتى الساعة، ووفقاً لمعلومات خاصة بـ"النهار"، لم يحدد "التيار الوطني الحرّ" قراره النهائي في ما يتعلق بجلسة اليوم.
وبحسب المعلومات "لم يتبلّغ الوزراء المحسوبون على "التيار" أي جواب نهائي يحسم مشاركتهم من عدمها، وهم حتى الساعة "لا إيه ولا لاء"، مما دفع بعضهم إلى العودة من السفر خلال ساعات مساء الأمس المتأخّرة، وبعضهم الآخر إلى التوجه إلى مكاتب وزاراتهم منذ الصباح الباكر لانتظار كلمة السرّ التي قد لا تأتي إلا قبل وقت قليل من انعقاد الجلسة الحكومية".
ومتابعة للقرار الذي قد يصدر عن "التيار الوطنيّ الحرّ" يؤكد مصدر حكومي لـ"النهار" أنّ "اللعبة السياسية تسيطر على توجّهات "التيار"، والحسابات الرئاسيّة وغيرها من الحسابات الداخليّة تلعب دورها في هذا المجال".
ويضيف: "في كلّ الأحوال قد تكون مشاركة "التيار" في جلسة اليوم أو عدمها مؤشراً واضحاً إلى طبيعة العلاقة التي باتت تربط "التيار" بـ"حزب الله"، الذي بشكل أو بآخر يحتاج إلى التفاف داخليّ حوله لا بدّ من ترجمته حكوميّاً قبل أيّ شيء آخر".
في المُحصّلة، ستجتمع الحكومة اليوم بحضور قادة الأجهزة الأمنيّة، وقد يحضر "التيار" الجلسة وقد لا يحضرها، وقد يصدر عنها قرارات لجهة مواكبة ما يحصل على الساحة الجنوبية وقد لا يصدر، لكن المؤكّد في ظلّ الضبابية المشار إليها هو أنّ اللعبة اللبنانية باتت في مكان آخر بعيد كلّ البعد عن المقارّ الرسمية؛ وعودة هذه اللعبة إلى قواعدها السليمة لن يتم إلا عبر إنجاز الاستحقاق الرئاسيّ الذي من الواضح اليوم أنّه ضرورة ملحّة أكثر من أيّ وقت مضى.