يعيش النازحون السوريون أسوة باللبنانيين في بعلبك الهرمل قلقاً كبيراً جراء الحرب المحتملة بين "حزب الله" وإسرائيل وسيناريواتها المختلفة، حيث يقيمون في مخيّمات، يبلغ عددها 235، وتضمّ أكثر من 3600 خيمة ضمن نطاق المحافظة، إضافة إلى مَن يعيشون في منازل مستأجرة وفق ما يفيد مصدر أمنيّ "النهار".
وفيما نفت الأجهزة الأمنية الإشاعات التي تتحدث عن تلقّي العديد من المواطنين والنازحين السوريين اتصالات من أرقام مشبوهة مفادها تقديم مساعدات وإغاثة وتأمين منازل، علمت "النهار" بأن العديد من رؤساء البلديات المسيحيين، وآخرين من أنصار بعض الأحزاب السياسية في داخل هذه البلدات، اتخذوا قراراً بمنع دخول أيّ نازح سوري إلى النطاقات العقارية والبلدية التابعة لهم، بل سمح البعض من هذه البلديات بالمبادرات التطوعيّة الهادفة إلى إقامة حراسة ليليّة من أبناء البلدة.
في المقابل، لم تمنع الأحداث الأمنية على الحدود الجنوبية عناصر "حزب الله" والأجهزة الأمنية من تكثيف مراقبتهم لمخيمات النازحين السوريين، خصوصاً في اليومين الأخيرين، تحسّباً لأيّ طارئ أمنيّ قد تشهده المنطقة.
في بعلبك، تختلف الآراء تجاه النازحين السوريين، حيث هناك من يعتقد بأن النازح السوري سيكون كالمواطن اللبناني إذا ما وقعت الحرب، فيما أعرب آخرون عن اعتقادهم بأن النازح السوري سيكون في الحرب أفضل حالاً من المواطن اللبناني، فيما تخوّف عديدون من تحوّل النازح السوري إلى أداة للقضاء على المقاومة.
لجهة النازحين السوريين، يبدو واضحاً من خلال أحاديثهم إلى "النهار" ارتفاع منسوب الخوف لديهم بسبب اتّهامهم بأنهم أساس المشكلات الكبرى التي يعاني منها لبنان، لا سيما مشكلتي الجريمة والاقتصاد؛ وهو ما أدى إلى زيادة العداء الشعبي تجاههم. وقد عمّمت الأحزاب هذه الأجواء العدائية، فتحوّلت المناسبات الحزبية أو السياسية إلى منصة للإدلاء بمقترحات متشدّدة لمكافحة النزوح والنازحين، بالرغم من الظروف الاقتصادية والأمنية المعقّدة التي تعاني منها البلاد، في وقت أصبح من الصعب جداً على المواطنين توفير معظم الضروريات الأساسية.
ويرى العديد من النازحين أن سوريا لا تزال بلداً غير آمن، وبالتالي فإن العودة الجماعية إليها لن تكون سهلة في ظل غياب شروط الحماية الأساسية ووجود صعوبات اقتصادية تجعل من العودة الدائمة مستحيلة بالنسبة إلى الكثيرين منهم.
ويؤكد هؤلاء أنهم سيعيشون الحرب وشدّتها لاعتقادهم بأنه لا يوجد بديل آخر، فيما يرى بعضهم أنه لا يختلف عن اللبنانيين لجهة الحاجة اليومية إلى تأمين قوتهم ومعيشتهم، مثل النازحين فيصل وأبو عماد، اللذين يرفضان المنطق الذي يعتمده البعض تجاههم والعناوين المروّجة بشأن النازحين السوريين كحماية مفوضية اللاجئين لهم، ومدّهم بـ"الفريش دولار"، والتأمين والطبابة وغيره...
يتخوّف رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر من أن يصبح النازحون السوريون خلايا أمنية وأداة لأجندات خارجية في لبنان، خصوصاً النظام السوري فيحرّكهم لتهديد الأمن اللبناني وتنفيذ عمليات أمنية مع أو ضدّ حماس، أو أي طرف آخر، وهذا أمر مخيف وعبء على الدولة والجيش. ويلفت مطر إلى أن مثل هذا الوجود السوريّ سيزيد من الأزمة الاقتصادية إلى جانب العامل الأمني، ولن يكون هناك موادّ غذائية كافية للمواطن نفسه، ووجودهم عملية مشبوهة، بعيداً من العامل الإنساني.
من جهته، يعتبر ممثل بلدية مجدلون لدى اتحاد بلديات بعلبك ياسر خير الدين أنه بالرغم من تفهّم خطورة ما يحدث على الحدود اللبنانية الجنوبية، فإن السؤال الذي ينبغي طرحه هو "هل يحظى اللبنانيون من المجتمع الدولي بنفس الحماية والرعاية التي سيتم توفيرها للنازحين السوريين؟". ويتخوّف من أن يتحوّل النازح السوري إلى "داعش" لضرب "حزب الله".
وأضاف: "لا تشغلونا بأسطوانة الإنسانية المشروخة، فالأسلحة التي تمّت مصادرتها من داخل المعسكرات، وانتشار الجرائم التي يرتكبها السوريون دليل على ما نقوله. هذه المخيمات اليوم ليست آمنة، وهي مرتع للسلاح والإرهاب والمخدرات وغيرها من الجرائم التي أكّدتها بيانات الأجهزة الأمنية. من هنا، يجب على الجيش وجميع الأجهزة الأمنية تشديد القيود المفروضة عليهم، وحماية ظهر الحزب، والتشديد على تنفيذ قرار المجلس الأعلى للدفاع الصادر في أيار 2019، والذي نصّ على الترحيل الفوري لجميع النازحين السوريين الذين دخلوا البلاد بطريقة غير نظامية بعد نيسان 2019".
على الصعيد الصحي، يرى الدكتور علي حمزة أنه بمجرد وقوع الحرب سيصبح النازحون السوريون أكثر أهلية من اللبنانيين للحصول على الخدمات الإنسانية من المنظمات الدولية، حيث ستكون خدماتها مفتوحة لجميع السوريين، خصوصاً خدمات الرعاية الطبية، بغض النظر عن وضع المواطن اللبناني الذي يعاني بالفعل من صعوبة تلبية احتياجاته الصحية كافة من دولته؛ ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر جسيم بتوفر الرعاية الصحية المناسبة التي يحتاجها المواطنون في حالة الحرب.