النهار

جلسة انتخاب الرئيس الصّورية... نواب لبنان ينتخبون "لا أحد"
اسكندر خشاشو
المصدر: "النهار"
جلسة انتخاب الرئيس الصّورية... نواب لبنان ينتخبون "لا أحد"
صندوق الاقتراع في مجلس النواب (نبيل اسماعيل).
A+   A-
أسقط رئيس مجلس النواب نبيه بري "ورقة التوت" التي تستّرت فيها جميع الكتل النيابية والنواب الذين ما فتئوا المطالبة بها، وهي استعجال انتخاب رئيس جمهورية جديد، يكون نقطة أساس في وقف الانحدار الهائل الذي يحدث في لبنان وانطلاقة نحو بداية جديدة ينتظرها اللبنانيون لتوقف مآسيهم المستمرة منذ ثلاثة أعوام.
 
فعلها واستجاب للنواب والكتل ودعاهم لانتخاب الرئيس الذي يريدون، ليفضح نهار الأربعاء الطويل مدى التخبّط والعقم السياسي الذي يضرب جميع المخولين في اختيار رئيس.
 
اتصالات مكثّفة ولقاءات واجتماعات وجولات مكوكية بدأت منذ الصباح، وخلصت إلى لاشيء، لم ينجح طرفان اثنان في الاتفاق على اسم واحد، أيّ اسم.
 
كل انطلق من ذاتيته، وحاول أن يسوّقها لدى الجميع، من دون أن ينجح، ولو بشكل جزئي أو طفيف.
 
وفي الحسابات المعلنة والمخفية،  , بعد أن  ان تثّبت من غياب فرص رئيسه جبران باسيل أعلن "التيار الوطني الحر" أنّه سيقترع بورقة بيضاء، ومثله فعل النواب السنة وكتلة عكار، وتتجه حركة "أمل" إلى الخيار نفسه.
 
"حزب الله" الضائع بين حليفَيه اللدودين، لم يحلّها بعد بينهما، وبالتالي سيلجأ الى نفس الخيار الذي اتخذه حلفاؤه بالمحور، أي لا أحد.
 
هذا على جانب 8 آذار، أمّا على المقلب الآخر، فالوضع ليس أفضل، بل أسوأ، خصوصاً أنّ جهاتها وأحزابها يعتبرون أنفسهم "أمّ الصبي" وأول المطالبين بإنتخابات رئيس، فبحسب المعلومات، لم تنجح الاتصالات حتى ساعات متأخّرة من الليل من الوصول إلى اسم تتبناه "القوات" والكتائب والاشتراكي وحلفاؤهم من قوى 14 آذار السابقين، ولو لم يكن له فرصة بالفوز إنّما فقط من أجل تقديم صورة وحدوية ترضي جمهورهم المعبّأ والمنتظر أيّ شخصية تحل مكان العماد ميشال عون.
 
وليلاً، لاذ الجميع بالصمت، بعضهم تذرّع بالاجتماعات المفتوحة، وآخرون أرجأوا الحسم إلى الصباح في محاولة لإبعاد الكأس المرّ ولو لساعات، وأضحوأ يتمنّون طول ساعات الليل حتى لا يكشف ضوء الشمس عجزهم.
 
وأيضاً، على ضفة النواب التغييريين، فالوضع يُشبه إلى حدّ بعيد زملاءهم في المنظومة ومعارضيها. ثلاثة تيارات تتنافس في مجموعة الـ13، مجموعة أولى ترفض الدخول في مفاوضات ونقاشات مع أحد وتتّجه نحو الورقة البيضاء على اعتبار جميع المطروحين هم كانوا جزءاً من المنظومة ويفضلون استكمال النقاشات بين بعضهم للوصول إلى اسم. المجموعة مؤلّفة من الثلاثي إبراهيم منيمنية الذي أنقذه كورونا الليلة وأبعده عن جلسة الغد ومع حليمة قعقور وسيينتيا زرارزير، ومجموعة أخرى دخلت في نقاشات مع نواب المعارضة وعقدت اجتماعات عدة للاتفاق قبل صباح الغد على اسم جامع لهذه القوى تسير فيه، تضم مارك ضو ونجاة صليبا وياسين ياسين ورامي فنج ووضاح الصادق، ومجموعة ثالثة واقفة في الوسط بين المجموعتَين وغير متّفقة مع بعضها البعض وتضم كل على حدا الياس جرادي، وفراس حمدان، وبولا يعقوبيان وملحم خلف وميشال الدويهي.
 
وفي المحصّلة، قبيل ساعات قليلة من جلسة الانتخاب، ستُحقق الورقة البيضاء فوزاً كبيراً في جلسة النصاب الأولى، قبل أن يُفقَد النصاب في الجلسة الثانية ويعود الكلّ إلى متراسه، يناور ويحاور ويقدم أوراق ومواصفات، لن تُغيِّر في واقع اللأمور شيئاً.
 
لا الانهيار ولا الانحدار ولا الثورة والثورات نجحت في تغيير بواقع الأمور، وبقيت الرياح الخارجية تتحكم في الأشرعة المشلعة للقارب اللبناني، ونظرية الديموقراطية والسيادة والقرار الحرّ وغيرها بقيت شعارات تستخدم للإطلالات الاعلامية والتغريد على وسائل التواصل، و"الضحك على الذقون".
 
وفي انتظار هذه الرياح لتحديد وجهة المركب، يبقى الأمل أن لا ينتهي الحال كما انتهى بالمركب الاخير الذي انطلق من شواطئ الوطن.

اقرأ في النهار Premium