اتّفق لبنان وقبرص على تسريع محادثاتهما لإزالة الخلافات العالقة في شأن الحدود البحرية، غداة إبرام اتّفاق ترسيم الحدود البحريّة الجنوبيّة مع إسرائيل. فقد أطلق رئيس الجمهورية ميشال عون قبل ظهر اليوم مسار التفاوض مع قبرص، معتبراً أنّه "لا حاجة لوجود وسيط بين البلدين، لأنّنا مجاوران وصديقان، وهذا ما يجعل مهمّتنا سهلة في إزالة الالتباسات الناشئة".
من جهته، قال المبعوث الرئاسي القبرصي تاسوس تزيونيس عقب اجتماع مع عون: "يحدونا أمل كبير في أن يكون لدينا اتفاقيات جديدة من شأنها أن تجعل تعاوننا أكثر سهولة"، مؤكّداً أنه "لا توجد مشكلة بين لبنان وقبرص لا يمكن حلّها بسهولة".
وأضاف تزيونيس: "أجرينا مناقشات ودّية وبنّاءة للغاية حول اتّفاقية ترسيم الحدود والمسائل البحرية ذات الصلة"، معتبراً أنّ "التوقيت الآن جيّد جداً ونحن متفائلون للغاية، وهذا ما نحتاجه لبدء عمليات الطاقة في البحر".
وقّع لبنان وقبرص اتفاقاً في العام 2007 حول حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، لكن لم يتمّ إبرامه في البرلمان على خلفية التباين بين لبنان وإسرائيل حول مساحة المنطقة البحرية المتنازع عليه.
ومع إبرام لبنان وإسرائيل أمس اتفاق ترسيم الحدود البحرية، تأمل قبرص - التي تسعى بدورها لتكون لاعباً إقليمياً على صعيد موارد الطاقة - "تسوية القضايا البحرية" مع لبنان.
(دالاتي ونهرا)
ونهاية الأسبوع الماضي، أرسلت الحكومة القبرصية كتاباً عبر سفارتها في بيروت إلى الخارجية اللبنانية، رحّبت فيه بالاتفاق بين لبنان وإسرائيل، وأبدت رغبتها بإجراء مشاورات مع لبنان لمعالجة تأثير اتفاق الترسيم مع إسرائيل على الحدود البحرية بين قبرص ولبنان.
من جانبه، أشار نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب إلى "نقاط أخرى ستبقى عالقة، تتعلّق بالحدود التي تفصل بين لبنان وسوريا شمالاً"، مؤكّداً توافق لبنان مع الجهة القبرصية على "عدم تحديد الحدود من جهة واحدة"، ومضيفاً: "لن نرسّم النقطة وتحديدها مع قبرص قبل التواصل والتفاهم مع سوريا، وهذا ما يجب أن يحصل بين بلدين صديقين ومتعاونين. ومع إنجاز هذا الملف، يبقى أمامنا التواصل مع سوريا للاتفاق على الحدود الشمالية للمنطقة الاقتصادية".
وبعد ظهر اليوم، عقد وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميه اجتماعاً مع الوفد القبرصي استكمالاً للقاء مع عون"، لافتاً إلى أنّ الاجتماع جاء "بعد توقيع رسائل الأمس واعتماد النقطة 23 التي كانت قد وردت في المرسوم رقم 6433 الصادر عن مجلس الوزراء في العام 2011".
وأوضح حميه أنّ "النقاش كان بنّاءً وإيجابياً جداً حول اعتماد النقاط 1 و24 و25 و23، وتطرّق إلى النقطة رقم 7"، مشيراً إلى "التوصل إلى قواسم مشتركة مع قبرص"، ولافتاً إلى أنّه سيُطلع الرئاسات الثلاث على النتائج "ليُصار بعدها إلى الاتصال مجدّداً بالوفد القبرصي بحلول منتصف الأسبوع المقبل كي يُصار إلى الانتهاء من الملف وعلى كامل النقاط بين البلدين".
(مارك فياض)
في السياق، أكّد حميه الاتّفاق على "إعادة الحدود من النقطة 1 إلى النقطة 23"، مضيفاً: "تبقى تفاصيل معينة سيجري النقاش حولها لاحقاً وفق الأصول القانونية المُتّبعة بين البلدين".
وفي وقت لاحق، قرّر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تشكيل لجنة برئاسة وزير الأشغال العامة والنقل علي حميه مهمّتها إجراء ما يلزم في سبيل التحضير والإعداد لمشاريع تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة من الجهتَين الغربية والشمالية مع كلّ من قبرص وسوريا.
وتضمّ اللجنة ممثّلين عن وزارتَي الطاقة والدفاع، بالإضافة إلى ممثّل عن هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان.
وبعد وثيقة ميقاتي، أعلنت رئاسة الجمهورية تلقّي الرئيس عون مساءً اتصالاً هاتفياً من بو صعب أبلغه فيه أنّه "استكمالاً للاجتماع الذي عُقد قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، زار الوفد القبرصي وزير الأشغال علي حميه حيث عقد اجتماع بحضور أعضاء هيئة قطاع النفط وضباط من مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش نوقشت فيه المسائل التي أُثيرت في اجتماع بعبدا وتم التوصل إلى صيغة اتّفقوا عليها لتنفيذها وفق الإجراءات القانونية المُتّبعة والمُتعلّقة بتعديل الحدود البحرية وفق المرسوم 6433 واعتماد النقطة 23 جنوباً".
وأوضح بو صعب أنّ "الصيغة تعتمد شمالاً خط الوسط بين لبنان وقبرص، على أن تُحدّد نقطة الالتقاء بعد أن يتّفق عليها لبنان وسوريا".