النهار

اقتراح "القوّات" التمديد لقائد الجيش يُضرَب من "بيت أبيه"... "غير منسّق ولن نسير به"
اسكندر خشاشو
المصدر: "النهار"
اقتراح "القوّات" التمديد لقائد الجيش يُضرَب من "بيت أبيه"... "غير منسّق ولن نسير به"
قائد الجيش جوزف عون.
A+   A-
يستمرّ التخبّط السياسي ويتصاعد يوماً بعد يوم، في موضوع قيادة الجيش الذي شارفت ولاية قائده على الانتهاء من دون الوصول إلى أيّ حلّ حتى هذه اللحظة على الرغم من الوضع الأمني المتدهور وحالة الحرب التي يقع فيها لبنان.
وفي عزّ التطورات العسكرية في المنطقة طرح ملفّ قيادة الجيش على طاولة البحث. وفي البلدان الطبيعية يكون هكذا ملفّ بعيداً عن أيّ تجاذبات باعتبار أنّ البلد في حالة الحرب، ولا يمكن تغيير الضباط قبل انتهائها. إلّا في لبنان، فقد دخل الملفّ في مسار التجاذبات السياسية والحسابات الرئاسية والفئوية ما ينذر بخطر كبير على المؤسسة الوحيدة التي لا زالت فاعلة في دولة متكسّرة الهياكل.
 
حرّك طرح "القوات اللبنانية" لناحية التمديد حصراً لقائد الجيش أو ما أسموها لرتبة عماد لسنة واحدة مسار الأمور، وردّه إلى مجلس النواب في ظلّ عجز الحكومة اتّخاذ أيّ إجراء نتيجة مقاطعة وزير الدفاع لمجلس الوزراء والخلاف السياسي المستحكم بين الأفرقاء داخل الحكومة، ما يجعلها عاجزة عن اتخاذ أيّ قرار في هذا الشأن.
 
ولكن ما يجري في الحكومة يبقى أقلّ وطأة عمّا يجري في البرلمان، حيث لا أكثرية واضحة لأيّ جهة، كما أنّه يبدو أنّ حسابات القوات "ضُربت من بيت أهلها" قبل الآخرين، فمعلوم أنّ "التيّار الوطنيّ الحرّ" ورئيسه يقاتلان لعدم التمديد لقائد الجيش، و"حزب الله" جاراهما وفق ما أعلن النائب السابق وليد جنبلاط صراحة عن تلقّيه اتصالاً من رئيس جهاز الأمن والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا طالبه فيه بعدم السير بالتمديد، أمّا حركة "أمل" فقد صرّح رئيسها ورئيس مجلس النواب نبيه برّي أنّه لا يعمل لدى "القوات" ولن يقبل بتحديد جدول أعمال جلسة تشريعية، وبالتالي لن يسير بطرحها.
 
هذا من ناحية الخصوم، أمّا لجهة الحلفاء فالوضع ليس أفضل، فالاقتراح لن ينال موافقة أعضاء تكتّل الـ33 أو تكتل المعارضة، فلا زال حزب الكتائب على موقفه بعدم التشريع في ظلّ غياب رئيس جمهورية، ويعتبر أنّ موضوع قيادة الجيش هي من مهام الحكومة ووزير الدفاع، وعليهم تحمّل مسؤولياتهم، وهي لن تذهب إلى مجلس النواب للتشريع من دون انتخاب رئيس جمهورية مهما كانت الظروف، وهذا الموقف يجاريها فيها النواب التغييريّون ضمن التكتل، وبعض النواب المستقلين، فيما كتلة "تجدّد" لم تأخذ قرارها بعد بحسب مصادرها.
 
ومن ناحية الحزب التقدمي الاشتراكي الوضع ليس أفضل كثيراً، فبحسب النائب بلال عبدالله أنّ "اللقاء" قد سبق "القوات" منذ ثلاث سنوات وكان يرى هناك خطورة على المؤسسات وتقدّم بمشاريع قوانين رفضتها "القوات" وغيرها من الكتل.
ويقول لـ"النهار": "تقدّمنا بمشاريع أكثر شمولية تُبقي كلّ الرتب لسنتين اذا أرادت، وكافة الأجهزة والمؤسسات الرسمية حفاظاً على استمراريتها في هذه الظروف وهو لا زال مطروحاً، ومن همّه على المؤسسات عليه الشروع فوراً ومساندتنا به".
 
وإذ يؤكد عبدالله أنّ اقتراح مشروع القانون المقدّم من "اللقاء الديموقراطي" لا يتعارض مع اقتراح "القوات"، ويعتبر أنّ اللقاء يؤيّد فكرة التمديد لقائد الجيش الحالي ولكنّ التشريع لا يكون بشخصانية ولا يتعلّق بأشخاص محدّدين وعلينا توسيع الدائرة".
 
ويدافع عبدالله عن اقتراح كتلته بوجه المقترحات الأخرى، مشيراً إلى "أنّنا لا يمكن أن نضع شروطاً خاصة على أحد وخصوصاً في وضعنا الراهن، ويجب النظر إلى المؤسسات كافة وأهمية استمرارها، مشدّداً على إبعاد ملفّ الجيش عن النكايات التي تضرّ بالبلد والجيش في آن واحد".
 
وعن إمكانية قبولهم بصفقة تقضي بتعيين رئيس أركان للجيش مقابل عدم التمديد لقائد الجيش، يجدّد عبدالله تأكيده أنّ الأمور لن تحلّ بهذه الطريقة، وعلى السلطات الرسمية العمل بطريقة مؤسساتية وليس بالشخصنة والنكايات لأنّ الوقت ليس مناسباً، وعلى الحكومة والسلطة السياسية في البلد أن تبادرا وتنهيا الموضوع لحماية نفسيها وحماية المؤسسة العسكرية".
 
أمّا عضو تكتل الاعتدال الوطني النائب وليد البعريني فقد شنّ هجوماً على "القوات" معتبراً أنّ طرحها "تمييزي، فوقي لن نسير به".
ويوضح البعريني لـ"النهار": "أن لا مشكلة مع قائد الجيش وهي تؤيّد التمديد له، لكن ضمن اقتراح شامل يجمعه مع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان".
ويقول: "يتمّ التعامل معنا بفوقية، وبعدم تنسيق وكأنّه علينا فقط أّن ننفذ وهذا لن يمرّ، لم يسألنا أحد أو يتكلم معنا أحد، لن نرضى بهذا الأسلوب أبداً، لا بل سنعترض عليه بلهجة قاسية، ولن ندعه يمرّ بغضّ النظر عن تأييدنا التمديد لقائد الجيش".
 
ويتابع البعريني هجومه القاسي على "القوات" مذكّراً بمرحلة ما أسماها طعن "القوات" للرئيس سعد الحريري، مضيفاً: "كنّا قد قرّرنا فتح صفحة جديدة معهم، والتحاور من جديد على المواضيع كافّة إلاّ أنّهم بتصرّفاتهم وبتفرّدهم يجعلوننا نعيد النظر في هذا الأمر".
 
ويختم حديثه بالإعلان عن تعليق الحوار مع "القوات" في الوقت الحاضر، مؤكّداً أنّه على الجميع الخروج من الترقيع والشروع فوراً لانتخاب رئيس للجمهورية، وعندها ينتظم عمل المؤسسات تباعاً، لأنّ سياسة "التزبيطات" لن تنجح دائماً".
 
اعتراض الكتلة الاشتراكيّة واعتراض الكتلة "السنّية" تتبعهما أيضاً الكتلة التغييرية، بعدم السير في المقترح "القوّاتي"، فقد ذكر النائب ملحم خلف بالعريضة التي تمّ توقيعها في 11 شباط 2023 وكانوا نواب "القوات" أوّل الموقّعين عليها، وتقضي برفض التشريع في غياب رئيس جمهورية، وفيها رفضوا التمديد لمدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم".
ويقول لـ"النهار": "لن نغيّر مبادئنا من أجل أشخاص، ولن نكسر الدستور في سبيل القبول بقانون يتناول شخصاً واحداً".
 
وإذ يعترف خلف بالوضع الأمني المستجدّ والذي يرقى إلى حالة حرب، يشدّد على أنّ هكذا أوضاع توجب على الحكومة ووزير الدفاع ممارسة عمليهما اللذين يفرضهما الدستور والقانون، وإيجاد حلّ سريع لهذه القضية.
 
ويضيف: "هناك من يريد أن يقنعنا أنّ قيادة الجيش حاجة ماسّة جدّاً، إنّما رئاسة الجمهورية ليست كذلك، مؤكّداً أنّ انتظام الحياة السياسية والدستورية يكون بانتخاب رئيس جمهورية، وعلى النواب والكتل السياسية بمختلف تلاوينها وضع البوصلة في المكان الصحيح".
 
ويختم بمطالبة الجميع بعدم التفلّت من القيود السياسية، فللبلد دستور وقوانين تحّل الإشكالات كافة، مشيراً إلى أنّ التخبّط الذي تشهده الساحة السياسية يكون فقط على حساب الدستور.

اقرأ في النهار Premium