حذّر الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله إسرائيل من ارتكاب ما سمّاه "الحماقة" بشن عملية عسكرية في لبنان أو تنفيذ ضربة استباقية، مبيّناً أن الحزب لم يكن يعلم بعملية "طوفان الأقصى" التي وصفها بـ"العظيمة والمباركة"، وبرّرها في سياق ما تعرّض له الشعب الفلسطيني من حصار وظلم واضطهاد.
واتّهم الجيش الاسرائيلي بقتل مدنيين إسرائيليين في 7 أكتوبر عن طريق الخطأ بسبب "حالة الجنون التي أصابته"، كما قال.
وأشار الى أن "كل الاحتمالات مفتوحة على الجبهة الجنوبية"، مضيفاً أن "ما يجري كبير جداً ولن يتم الاكتفاء به في أي حال". وجاهر نصرالله باستخدام الوضوح والغموض في آن واحد في توجيه رسائله الى إسرائيل، مؤكداً الجهوزية لأي احتمال، وكاشفاً عن أن "رسائل نُقلت إليه وتتضمّن تهديداً بقصف الطائرات والأساطيل الأميركية لبنان في حال دخول الحرب". واستخدم نبرة شديدة اللهجة حيال أميركا وأساطيلها، قائلاً إن حزبه أعدّ العدة للتعامل معها حين يلزم الأمر.
نصرالله أطلّ للمرّة الأولى منذ بدء الحرب في غزّة في احتفال تكريمي لـ"الشهداء على طريق القدس"، وتحدّث عن الصراع الحاصل وآفاقه، ونقلت كلمته غالبية الشاشات العربية المؤثرة، ونظمت مهرجانات جماهيرية في مناطق لبنانية عدة لمتابعة الكلمة.
وتوجّه نصرالله بالعزاء لعوائل شهداء الحزب وشهداء غزة، وأشار إلى أن "معركة "طوفان الأقصى" أصبحت ممتدّة في أكثر من ساحة وأكثر من جبهة"، معتبراً أن "معركة فلسطين هي معركة كاملة الشرعية من الناحية الدينية والأخلاقية والإنسانية".
ثم توجّه بالتحيّة للشعب الفلسطيني "العظيم الذي لا مثيل له، وقد شاهدنا كيف يخرج الرجل والطفل من تحت الأنقاض، ويصرخ بأن كل ما قدّمه فداء لفلسطين".
وخصّ نصرالله بالتحية "السواعد اليمنية والعراقية التي شاركت في هذه المعركة، ولكل من شارك ودعم".
وتحدّث نصرالله عن الأسباب التي دفعت إلى تنفيذ عملية طوفان الأقصى، ولفت إلى أن "مخاطر عديدة تتهدّد الضفة الغربية نتيجة الاستيطان، وأكثر من مليوني إنسان يعيشون منذ 20 عاماً حصاراً خانقاً من دون أن يحرّك أحد ساكناً".
إلى ذلك، شدّد نصرالله على أن "عملية "طوفان الأقصى" العظيمة والمباركة والواسعة كان قرارها فلسطينياً مئة في المئة، وتنفيذها فلسطينياً مئة في المئة. "القسام" أخفت تفاصيل العملية عن الفصائل المقاومة وذلك لم يزعجنا، ولن يكون له أي تأثير سلبي على أي قرار يتخذه فريق في محور المقاومة، وقد أثنينا على ذلك بسبب الحاجة الى السرية".
ثم أكّد أن "عملية "طوفان الأقصى" قرارها فلسطيني، وليس لها علاقة بملف إقليمي أو دولي، وهذه الحادثة تؤكّد مصداقية ما كنا نقوله في السنوات الماضية بأن القرار لدى حركات المقاومة هو لدى هذه الحركات".
أما في ما يتعلّق بإيران، فقال نصرالله إن "إيران تتبنّى وتدعم وتساند عمل حركات المقاومة، ولكنها لا تمارس أي وصاية عليها ولا على قراراتها".
في الشق اللبناني، أشار نصرالله إلى أن "حزب الله" دخل المعركة في 8 تشرين الأول، وقال: "الذي يتوقع أن يدخل "حزب الله" في حرب شاملة، قد يبدو له أن ما يجري على الحدود متواضع، لكن ما يجري على الحدود الجنوبية كبير جداً، ولن يتم الاكتفاء به في أي حال".
واعتبر أن "ما يجري على الحدود الجنوبية غير مسبوق، باستهداف المواقع والتجهيزات الفنية بمختلف الأسلحة، ومنذ 8 تشرين الأول نخوض معركة حقيقية مختلفة عن كل المعارك التي خاضتها المقاومة في السابق، وهي مختلفة بعناوينها واستهدافاتها وإجراءاتها، ولذلك تقدّمت فيها هذه الكوكبة من الشجعان المضحّين المصرّين على البقاء في الخطوط الأمامية".
وأعلن سقوط "57 شهيداً إضافة إلى شهداء "سرايا المقاومة" و"القسام" و"سرايا القدس" والمدنيين".
ورأى أن "الجبهة اللبنانية خفّفت من القوات التي كانت تُسخّر لغزة، وجذبتها باتجاهنا، والبعض يقول إننا نغامر، لكننا نغامر ضمن حسابات صحيحة".
ولفت إلى أن "نزوح عدد كبير من المستوطنين وإخلاء المستطونات، وهؤلاء الذين تم إخلاؤهم من الشمال والجنوب يشكلون ضغطاً نفسياً ومالياً ويخدم المعركة".
ثم أكّد أن "العمليات على الحدود وفي مزارع شبعا أوجدت الخوف لدى العدو والدول العربية، وخلقت قلقاً من أن تتدحرج الجبهة الشمالية الى حرب واسعة، وهو احتمال واقعي وعلى العدو أن يحسب له حساب، وهو أمر نقرأه في رسائل أميركية وفرنسية وعربية تصلنا كل يوم".
وحذّر إسرائيل، وقال: "إذا فكّر العدو في عملية استباقية فسترتكب حماقة كبرى"، مضيفاً: في 8 تشرين الأول، قيل لنا إن دخلتم الحرب، فستقصفكم الأساطيل والطائرات الأميركية".
وأشار إلى أن "تطوّر جبهة الجنوب مرهون بأحد أمرين أساسيين، الأول مسار وتطوّر الأحداث في غزّة، والثاني هو سلوك العدو تجاه لبنان، وأحذره من بعض التمادي الذي طال المدنيين، وسيعيدنا الى المدني مقابل مدني، وأقول بصدق ووضوح وغموض إن كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة، وكل الخيارات مطروحة".
واستطرد في هذا السياق: "الأساطيل الأميركية لم تخفنا في يوم من الأيام، واليوم قد أعددنا لها عدّتها أيضاً، وقد وصلتنا رسائل بأن أميركا ستقصف إيران إذا استمررنا في العمليات، ومن يرِدْ منع قيام حرب إقليمية، يجب أن يسارع بوقف العدوان على غزة".
وذكّر بأنه "منذ قيام المقاومة، معركتنا لم تصل الى الانتصار بالضربة القاسية، لكننا ننتصر بالنقاط، هكذا انتصرت المقاومة في 1985 وفي 2006".
وأضاف: "مهما فعلت إسرائيل فلن تحدّ من آثار طوفان الأقصى على مستقبل الصراع، وقرأت أن الإسرائيليين باتوا يؤمنون أكثر منّي بأن اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت، فعملية "طوفان الأقصى" كشفت الوهن والضعف في إسرائيل، ولذلك، منذ اليوم الأول، احتاجت إسرائيل إلى أن تأتي الأساطيل الأميركية لدعمها، والسرعة الأميركية في احتضان إسرائيل كشفت ضعف إسرائيل".
واعتبر نصرالله أن "التضحيات القائمة اليوم في غزة وكل الجبهات هي تضحيات مستحقة، ونتائج وإنجازات "طوفان الأقصى" تستحق كل هذه التضحيات لأنها أسّست لمرحلة جديدة من مصير الشعب الفلسطيني ودول المنطقة، ولم يكن هناك خيار آخر".
وتابع: "سيكتشف العالم أن من قُتل من المدنيين في 7 أكتوبر إنما قُتل بسلاح الجيش الإسرائيلي الذي كان يتصرّف بجنون".
وسأل نصرالله: "في حدا براسو عقل" يضع لنفسه هدف تدمير حماس"؟
ولفت إلى أن "إسرائيل لا تستفيد من تجاربها، ولتتذكر أنها لم تستطع إعادة أسراها إلا من خلال عمليات تبادل"، مذكّراً بأنه "في 2006، وضعت إسرائيل هدف سحق "حزب الله"، واليوم في غزة يتكرّر السيناريو مع فرق في حجم الجرائم التي تُرتكب في غزة، ولكن في 2006، لم يستعد أسراه من دون تبادل، واليوم ما يجري في غزة يكشف حماقة الإسرائيلي، فهو يقتل النساء والأطفال، أغلب الشهداء هم من المدنيين، هو يدمّر الكنائس والمساجد والمستشفيات والمدارس، ويدمّر أحياءً تحت مرأى العالم".
واعتبر أن "الأميركي يُدير الحرب في غزة، ويجب أن يدفع ثمن جرائمه، وقرار المقاومة الإسلامية في العراق باستهداف القواعد الأميركية صائب وحكيم".
الصور بعدسة الزميل نبيل اسماعيل: