النهار

لماذا استبعد نصرالله الأسد وسوريا من خطابه؟
جاد ح. فياض
المصدر: "النهار"
لماذا استبعد نصرالله الأسد وسوريا من خطابه؟
امرأة ترفع صورة نصرالله (نبيل اسماعيل).
A+   A-
بإطلالته الأولى منذ بدء حرب غزّة، بدا الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله يتحدّث باسم محور الممانعة بشكل عام، لا الحزب، وتطرّق في كلمته إلى تحرّك فصائل المحور في المنطقة على إثر التصعيد الإسرائيلي، فلفت إلى إرسال الحوثيين المسيّرات من اليمن باتجاه إسرائيل، وقصف المجموعات العراقية المواقع الأميركية في العراق.
 
لكن ما كان لافتاً في حديث نصرالله، تغييب النظام السوري بشكل كامل عن الخطاب، فلم يذكر سوريا لا من قريب ولا من بعيد، وكأنها ليست جزءاً من هذا التحالف الإقليمي العريض بقيادة إيران في المنطقة، ما بدا وكأنّه استثناء متعمّد. علماً ان نصرالله لطالما
أثنى على الدور السوري في أي عملية يقوم بها حزب الله أو أي فصيل ينضوي ضمن محور الممانعة، وكان الدور بحسب نصرالله يتراوح ما بين تسهيل نقل السلاح من إيران إلى لبنان وفلسطين المحتلّة، وتغطية العملية سياسياً وعسكرياً.

وفي المقابل، لم يكن خافياً دور سوريا المتفرّج في ما يتعلّق بالصراع الدائر في غزة، وفي حين اتخذت كل الدول المعنية مواقف على مستوى رؤسائها، كان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، غائباً، واقتصرت المواقف على "الإدانة" من قبل الخارجية السورية، ورغم استخدام الأراضي السورية لإطلاق بضعة تهديدات، إلّا أن المنفّذ كان فصائل إيرانية لا سورية.

لغياب سوريا عن المشهد أسباب كثيرة محتملة، منها ما قد يكون مرتبطاً بالعلاقة الشائكة التي تربط النظام السوري بحماس، على الرغم من المصالحة التي تمت بين الطرفين قبل فترة، فالعلاقة لا يبدو أنها وصلت إلى الحدود المطلوبة من الصفاء بين الطرفين، والنظام السوري قد لا يكون تخطّى مواقف حماس عند بداية الثورة السورية، واشتباكات مخيّم اليرموك بين النظام وحماس، وبالتالي فإنه فضّل البقاء خارج المعادلة.
 
كما للحسابات الإقليمية والدولية دور في موقف سوريا أيضاً، أولاً، التأثير الروسي في سوريا الذي يعتبر الأكبر حجماً من التأثير الإيراني، وبالتالي فإن الأمر مرتبط أيضاً بروسيا ومواقفها، وثانياً، إن الأسد حاول في الفترة الأخيرة التقرّب من العرب ودول الخليج بشكل خاص، وعدم اتخاذه موقفاً حازماً كإيران قد يحمل إشارات تجاه العرب تحمل في مضمونها نوعاً من التمايز عن إيران وحزب الله، لكن ذلك من المستبعد أن يُصرف عربياً.
 
موقف مؤثر لروسيا؟
منسّق "التجمّع من أجل السيادة" نوفل ضو يرى أن "عدم تطرّق نصرالله إلى سوريا سببه تخلّف سوريا عن المشاركة في الصراع، هذا الأمر ناتج بجزء منه عن رغبة روسية بتحييد سوريا وعدم استفزاز إسرائيل، لأن موسكو ورغم موقفها من الصراع في غزّة لم تقطع الخطوط مع تل أبيب ولا تُريد التصعيد معها".

وفي حديث لـ"النهار"، يلفت ضو إلى الأزمة الموجودة بين سوريا والإخوان المسلمين وحركة حماس وتركيا، ويُذكّر بمواقف حماس مع بداية الثورة السورية، ليقول إن ذلك قد يكون سبباً في عدم دخول النظام السوري المعركة، خصوصاً وأن حسابات سوريا مختلفة عن حسابات الفصائل الإيرانية، وهذه الحسابات قد تكون منعت الأسد من اتخاذ أي موقف مباشر.

وعن مشاركة النظام السوري في المعركة من خلال نقل السلاح أو ما شابه، يعتبر ضو أن "الأسد لا يمتلك صلاحية السماح بنقل السلاح عبر الأراضي السورية أو منع ذلك، خصوصاً وأن إيران وفصائلها يُسيطرون على مواقع ويستطيعون نقل السلاح دون الأسد".

نصرالله لا يتكلم نيابة عن سوريا!
الكاتب السياسي قاسم قصير يُشير إلى أن "في الحديث عن سوريا، فإن ثمّة حديثاً عن دولة وحكومة تعبّر عن موقفها، ولا يُمكن لنصرالله التكلّم نيابة عنها، عكس الوضع عند الحديث عن الفصائل اليمنية أو العراقية، علماً أنه يُنسّق مع قيادات هذه الفصائل".

وفي حديث لـ"النهار"، يرد على سؤال عن سبب عدم شكر نصرالله لسوريا على أدوارها في نقل السلاح لحماس أو ما شابه، ويعتبر أنّه "قد لا تكون ثمّة مصلحة اليوم للحديث عن دور سوريا، ولكن يمكن لاحقا الإشارة الى ذلك، والهم اليوم لدى محور إيران انتهاء المعركة وتحقيق النصر، وعند ذاك ترسل رسائل الشكر".

إذاً فإن ابتعاد سوريا عن معركة "طوفان الأقصى" بات واضحاً باعتراف محور الممانعة نفسه على لسان نصرالله، ما يُشير إلى أن النظام السوري خارج الحسابات، لكن ذلك لا يعني بتاتاً وجود أزمة بين النظام وإيران، لأن الأسد اليوم أضعف من أن يفتعل أزمة مع إيران أو يؤثّر على الموضوع حتّى، وقراره روسي إيراني بحت.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium