لم يتبدل الكثير في المشهد الحدودي الجنوبي وتداعياته الميدانية والسياسية غداة كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله إلا من ناحية اتساع الرصد لردود الفعل عليها لجهة ترسيخها المعادلة القائمة عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية وعدم اتساع المواجهة إلى حرب، أقله في الواقع الراهن.
وإذ اتّسمت صورة الموقف الميداني باستمرار التصعيد المضبوط ضمن خطوط المواجهة الحدودية، لم يحجب ذلك دلالات تجديد وزارة الخارجية الأميركية توصيتها للرعايا الأميركيين بمغادرة لبنان فوراً، كما الردود الإسرائيلية على كلمة نصرالله، والتي كان من بينها ما أشار إليه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من أنّ "خطأ يحيى السنوار دمّر غزة وحماس، وخطأ نصرالله سيدمّر لبنان وحزب الله". وأضاف: "نحن في موقع دفاعي في الشمال ونهاجم بكل قوة في قطاع غزة، هذه هي أولويتنا". وتابع: "نحن لسنا مهتمين بالدخول في حرب في الشمال، لكنّنا مستعدّون لأي مهمّة. ويحافظ سلاح الجوّ على قوته القصوى ضد القطاع اللبناني، ضدّ حزب الله". وقال: "السنوار أخطأ وحسم مصير حماس ومصير غزة. إذا أخطأ نصرالله فإنّه سيدمر مصير لبنان".
غير أن التطور البارز لبنانياً تمثّل في الحركة الديبلوماسية البارزة التي قام بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس ما بين الأردن ومصر.
ففي عمان عقد ميقاتي اجتماعاً مع وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن شارك فيه سفير لبنان في الأردن يوسف إميل رجي، مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف ونائب رئيس موظفي وزارة الخارجية توم سوليفان.
وأكّد ميقاتي خلال الاجتماع "أولوية العمل للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر هناك، وكذلك العمل على وقف العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان وسياسة الأرض المحروقة التي تتبعها إسرائيل باستخدام الأسلحة المحرّمة دولياً للإمعان في إحداث المزيد من الخسائر البشرية وتدمير المناطق والبلدات الجنوبية". وشدّد على"أنّ لبنان الملتزم الشرعية الدولية وتطبيق القرار الدولي الرقم 1701، والتنسيق مع اليونيفيل، يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف التعديات والانتهاكات الإسرائيلية اليومية على أرضه وسيادته براً وبحراً وجواً".
بدوره، شدد وزير الخارجية الأميركية على "أنّه يبذل جهده لوقف العمليات العسكرية لغايات إنسانية على أن يترافق ذلك مع بدء البحث في معالجة ملف الأسرى". ونشر بلينكن منشوراً عبر حسابه على منصة "إكس"، تحدّث فيه عن اللقاء الذي جمعه بميقاتي، وكتب: "من المهم أن نتأكّد من عدم انتشار الصراع بين إسرائيل وحماس إلى أماكن أخرى في المنطقة. لقد ناقشتُ مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي السُّبل لمنع حدوث ذلك وتأمين المساعدات الإنسانيّة للشعب الفلسطيني، كما ناقشنا حاجة لبنان المُلحة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية".
بدورها، ـعلنت الخارجية الأميركية أنّ بلينكن شدد خلال لقاء مع ميقاتي بعمّان على أهمية عدم اتساع رقعة الصراع بين إسرائيل وحماس وأعرب عن قلقه بشأن تبادل إطلاق النار على طول حدود لبنان مع إسرائيل.
ومن الأردن، توجّه ميقاتي إلى مصر حيث التقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في القاهرة في قصر الاتحادية في القاهرة. وعبّر ميقاتي عن "تقديره لوقوف مصر الدائم إلى جانب لبنان، ودعمها له على الصعد كافة". وقال إنّ "مصر التي تحمل دوماً هموم العالم العربي، تبذل جهداً كبيراً لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ووقف المجازر التي ترتكب في حق الفلسطينيين. ونحن ندعم موقف الرئيس المصري برفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وسعيه لايجاد حلّ يبدأ بوقف إطلاق النار وحماية المدنيين والعمل تالياً على إيجاد حلّ دائم للقضية الفلسطينية يحفظ حقوق الفلسطينيين في أرضهم ودولتهم المستقلة".
وتلقى ميقاتي اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء هولندا مارك روته وبحث معه في الوضع في لبنان وغزة والمساعي الجارية لاحلال السلام. وكرر رئيس الحكومة المطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وجنوب لبنان، لأنّ استمرار التدهور على ما هو عليه يهدد بتمدد الحرب الى المنطقة ككلّ.
وقد نشر رئيس وزراء هولندا تغريدة جاء فيها: "تحدثت مع رئيس مجلس الوزراء في لبنان نجيب ميقاتي بشأن الوضع المقلق في إسرائيل والأراضي الفلسطينية والذي يؤثر أيضاً على لبنان. ويجب منع المزيد من التصعيد في المنطقة. والموضوع المهم الآخر الذي ناقشناه هو الآفاق طويلة المدى. وتدعو هولندا إلى إقامة دولة آمنة للفلسطينيين إلى جانب إسرائيل الآمنة".
أما في الجنوب فسيطر التوتر على الجبهة منذ الصباح. واعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي "قصف مجموعتين حاولتا إطلاق صواريخ من لبنان"، مشيراً إلى أنّ "الجيش دمّر نقطة مراقبة لحزب الله". وفي المقابل أعلن حزب الله "أننا هاجمنا في أوقات متزامنة بالصواريخ والأسلحة المناسبة عدداً من مواقع جيش الاحتلال وهي جل العلام والجرداح وحدب البستان والمالكية والمطلة وحققنا فيها إصابات مباشرة".
واستهدفت غارة جوية منطقة اللبونة جنوبي الناقورة في القطاع الغربي. كما أطلق "حزب الله" صاروخاً باتجاه موقع المالكيه الإسرائيلي. على الأثر، استهدف الجيش الإسرائيلي بلدة رامية بالقذائف قرب خزان المياه ومنطقة جبل الباط على أطراف بلدة عيترون.
وطال القصف أيضاً كفركلا وتلة الحمامص في الخيام. واستهدف الجيش الإسرائيلي منزلاً خالياً في كفركلا بقذيفة مباشرة.
واستهدف "حزب الله" أيضاً موقعاً إسرائيليا في المطلة بصاروخ موجّه وقد ردّ الجيش الإسرائيلي بقصف تلة العويضة وأعلن الحزب أيضاً استهداف موقع العباد بالصواريخ والأسلحة المناسبة وتدمير قسم من تجهيزاته. وأطلق الجيش الاسرائيلي منطاد تجسّس فوق موقع مسكاف عام وفقام حزب الله باستهدافه ما تسبب بانفجار كبير. كما استهدف الجيش الإسرائيلي سيارة قرب محطة للمحروقات في كفركلا. ودارت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة مقابل موقع حانيتا المقابل لبلدة علما الشعب. وسُجّل ليلاً قصف إسرائيلي على أطراف طيرحرفا والجبين عقب إطلاق صواريخ من لبنان.