عشية جلسة مجلس الوزراء الذي سيطلع على تقرير وزير الاتصالات جوني القرم في موضوع مزايدة البريد التي أحالها إليه وزير الإتصالات بعد رفضها من ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام، عاد الديوان ليؤكد قراره انطلاقا من "الثوابت والمفاهيم التي اشار اليها، ومنها "ضرورة وجود دراسة واضحة ومفصلة لسوق الخدمات البريدية ما يمكن مسبقا من تحديد ايرادات الدولة من هذا القطاع، ومدى اهمية هذا القطاع وما يشكل من قيمة على مستوى الاقتصاد الوطني والدخل القومي".
فقد وجه ديوان المحاسبة مذكرة الى وزير الاتصالات في موضوع طلب وزارة الاتصالات من مجلس الوزراء الموافقة على توقيع عقد تلزيم الخدمات والمنتجات البريدية مع شركة ميريت الفيست Merit Invest بالائتلاف مع شركة Colis. Prive France، أشار فيه الى الاسباب التي حدت به الى عدم الموافقة على مشروع تلزيم تشغيل القطاع البريدي في لبنان، ومنها وضع دفتر شروط واطلاق التلزيم من دون اعداد دراسة واضحة ومفصلة لسوق الخدمات البريدية، ومهلة الاعلان غير كافية لتحضير العروض وتقديمها، وتعديل مؤهلات ومعايير التقييم المطلوبة في دفتر شروط المزايدة الثالثة وتبسيطها وتهوينها وتسهيلها ما مكن العارض الخاسر في المزايدة الثانية من اعادة الفوز في المزايدة الثالثة التي اصبحت شروطها على مقاس مؤهلاته ومهنته، وقبول العرض الوحيد المقدم من شركة Merit Invest بالتحالف مع شركة Colis Prive خلافاً للشروط المفروضة في الفقرة /4/ من المادة /25/ من قانون الشراء العام خصوصا وان الصفقة تتعلق بتلزيم مرفق عام اساسي لمدة تسع سنوات.
واعتبر الديوان ان وضع دراسة تحليلية تحدد من خلالها إيرادات الدولة من قطاع البريد هو اجراء جوهري، ضروري واساسي يرتبط بالمبادئ العامة المالية، لا يمكن للادارة تجاوزه او الاستغناء عنه لاي سبب من الأسباب، وهو ما أكده ديوان المحاسبة في رأيه الاستشاري رقم 2023/8 المتعلق بانشاء مبنى للمسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي حيث أورد حرفيا الآتي: "وبما ان هذا المشروع يجب أن ينطلق من دراسات دقيقة تحدد منفعة الدولة والمستثمر بما يضمن الاستمرارية في ادارة المرفق العام وتأمين الخدمات المرتبطة به باستدامة ونوعية جيدة، فلا يصح بالتالي الاستناد إلى دراسات أولية لا تتضمن دراسة جدوى وهي بحاجة للتدقيق من قبل اختصاصيين ماليين ..... وبما انه وبنتيجة ما تقدم يكون العقد المعروض ) انشاء مبنى للمسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي ) وبالشكل المعروض فيه ليس سوى امتياز مرفق عام".
وأشار الديوان أنه "نظرا لعدم وجود الدراسة التحليلية التي هي الأساس في تلزيم الايرادات العامة ، تكون شروط الفقرة /4/ من المادة /25 / من قانون الشراء العام غير متوافرة، ويصبح تلزيم العارض الوحيد مفتقرا من اي اساس قانوني وهو ما اشار اليه رئيس هيئة الشراء العام، وعاد وأكد عليه اثناء الاستماع اليه امام الغرفة الثانية في ديوان المحاسبة".
وخلص الى ان "تطبيق مخطط تقاسم الارباح خاصة المزايدة الثالثة قد تم "تغييره دون مبرر مالي وقانوني ومنطقي " ودون وجود دراسة تثبت ان تغييره يحقق ايرادا للخزينة".