النهار

هل يستجيب المجتمعان الدرزيّ والمسيحيّ لنزوح أهالي الجنوب؟
المصدر: "النهار"
هل يستجيب المجتمعان الدرزيّ والمسيحيّ لنزوح أهالي الجنوب؟
قصف على الجنوب.
A+   A-
عبد القادر دمج
 
في ظلّ كلّ ما نشهده من أحداث يومية للحرب على غزة، وخاصّة بعد ازدراء الوضع الأمني في المناطق الحدودية اللبنانية، نتساءل جميعاً: هل نحن مقبلون على حرب، وهل سيدخل لبنان حلبة الصراع؟
في هذا الصّدد، يستذكر اللبنانيون سيناريو "2006"، وتسترجعهم مشاهد الحرب حينها، وأبرزها نزوح أهالي الجنوب اللبناني من بلداتهم ومغادرة منازلهم إلى عدّة مناطق لبنانية بعيدة عن دائرة الخطر، فماذا لو تكرّرت هذه الأحداث؟ كيف سيكون المشهد حينها خصوصاً أن غالبية اللبنانيين لا تريد الحرب وتحمّل "حزب الله" كل انخراط فيها؟ وماذا عن مدى تقبل وجهوزية المجتمعات الدرزية والمسيحية لاستقبال أهالي الجنوب من البيئة الشيعية بعد أحداث لا زالت حيّة في الذاكرة اليومية، مثل أحداث عين الرمانة، خلدة، وشويا، والكحالة، و7 أيار، ورفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز وصولاً إلى مسؤولية "حزب الله" في الأزمة المالية والانهيار الاقتصادي وخطف مستقبل الشباب واللبنانيين، واللائحة تطول.
 
الجانب الدرزي
"لا الدرزي يهودي ولا المسيحي يهودي"، بهذه الكلمات استهلّ رئيس بلدية بعقلين عبدالله الغصيني حديثه لـ"النهار"، مضيفاً: "إن قضاء الشوف بشكل عام يضم لبنانيين من مختلف الطوائف والمذاهب، والوقوف إلى جانب اللبناني عند المصائب هو واجب إنساني بحت. ويقول: "نحن ضدّ الحرب، ولكن إن فرضت علينا فسنكون لها".
ويشير الغصيني الى أن الحرب خيار وارد حتى قبل أحداث 7 تشرين الأول، وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر لدى الأطراف السياسية في البلد، فضلاً عن معارضتهم لتدهور الوضع الأمني أكثر مما هو عليه، فقد شكلوا -كبلدية- بالتعاون مع الرئيس السابق لـ"الحزب الاشتراكي" وليد جنبلاط، خلية أزمة تراعي مختلف الظروف لاستقبال النازحين، وهذه الخطة ضمنت للقيادة السياسية في المنطقة، الجهوزية التامة لاستقبال النازحين".
 
الجانب المسيحي
من جهته، يرى رئيس اتحاد بلديات كسروان جوان حبيش أن التاريخ والتجارب السابقة مع ظروف مماثلة، تؤكّد لنا عدم وجود مشكلة لدى الناس بمساعدة بعضها البعض، هذا ما يؤكده التعايش بين اللبنانيين من مختلف الطوائف في مناطق عدّة على الأراضي اللبنانية، مضيفاً: "هذه قضية تربية وأخلاق، بعيدة عن المواقف السياسية، ولا شكّ أننا نرفض كجميع اللبنانيين زجّ لبنان بالحرب".
 
وعلى الرغم من تدهور الحالة المادية للبلديات والمجتمع في ظلّ هذه الظروف، يرى حبيش أن "الناس ستساعد بعضها البعض بكل ما تتيحه الظروف من وسائل، وعند اشتداد الحال، تتكاتف عدّة أطراف لتقديم المساعدات، تالياً لن تقع هذه المسؤولية على عاتق المجتمع المحلّي فقط".
 
خطة لـ"الاشتراكي" وتقبّل مسيحي
وفي السياق، يرى النائب آلان عون في حديث لـ"النهار" أن اللبنانيين بشكل عام كما "حزب الله" لا يريدون خوض هذه الحرب، وفي حال حدثت، فـ"لا مانع لدى الشعب اللبناني بشكل عام بتقبّل بعضه البعض عند الشدائد حتى ولو تقبّل البعض ذلك على مضض نظراً للخلافات السياسية ووجهات النظر المغايرة، لكن العائق الوحيد الذي قد يعرقل استقبالهم هو الإمكانيات الضئيلة في ظل الوضعين الاجتماعي والاقتصادي، ولا يمكننا غض النظر عن وضع البلديات المادي وإيراداتها الضئيلة".
 
أما على الصعيد الإنساني والتضامني فكان ردّه: "لا شك أننا سنستقبل الناس، طالما استقبلنا السوريين والفلسطينيين وتعاطفنا معهم، فكيف مع اللبنانيين؟"
 
الرأي السياسي المسيحي، معطوفاً على مواقف المراجع الدينية وخصوصا المارونية منها، تشكل عامل طمأنينة لأيّ مكوّن لبناني. فمعلوم أن البطريركية المارونية، فتحت أديرتها في العام 2006 لأهالي الجنوب وأغلبيتهم من الطائفة الشيعية، وبالتالي لن تتردد بإعادة الكرّة اذا حصل النزوح من الجنوب.
ويشدد البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي على أهمية المساعدة والمساندة الجوهرية، وخصَ بالذكر المسؤولية الإنسانية تجاه قضية النازحين من الجنوب.
 
وعلى صعيد المناطق التي يتواجد فيها الحزب التقدمي الاشتراكي، أكّد النائب في كتلة "اللقاء الديمقراطي" هادي أبو الحسن أنه وبناءً على توجيه الرئيس السابق لـ"الحزب الاشتراكي" وليد جنبلاط وبمتابعة من الرئيس تيمور جنبلاط، تمّ وضع خطة طوارئ لاحتواء النزوح وتنظيمه وإدارته بالاتحاد مع البلديات وتحت سقف الدولة اللبنانية، مشيراً الى أنهم "الجهة الأولى التي بادرت إلى خطوة مدروسة كهذه".
وتابع: "نحن مع عدم تفلّت الأمور على الحدود اللبنانية، ولا نريد حرباً، لكن إن حصلت فنحن جاهزون للتعاطي مع استقبال النازحين بتنظيم مسبق".
 
"في حال اندلعت الحرب، سندفع ثمن قرار لا نريده"
يرى الياس، ابن كسروان، أن النزوح من القرى والبلدات الجنوبية سببه سياسي ولو أن النتيجة إنسانية، و"حزب الله" سيكون هو المسؤول في حال دخل لبنان الحرب"، مضيفاً: "إنها حركة ميليشيا لا مقاومة، فالحل الأنسب في هذا الوقت هو الالتزام بالقرار 1701".
أما بالنسبة لاستقبال النازحين، فاعتبر الياس أنه إنسانيّاً، وبعيداً عن الخلافات السياسية، لا مشكلة لدى المجتمع اللبناني بشكل عام باستقبالهم، مشيراً الى أنّه "في حال تعرضوا لأي أذى فالمواطن المسيحي سيفتح أبوابه، تربيتنا وثقافتنا وديننا ووطنيّتنا تحتم علينا أن نعترف ونحمي الآخرين".
 
لا تختلف كثيراً وجهات النظر بين الياس وداني، ابن قضاء الشوف، إذ اعتبر أن المرجعية السياسية الدرزية التي تمثل شريحة واسعة من المجتمع الدرزي، أي "الحزب الاشتراكي" كان قد اتخذ قراره إنسانياً لا سياسيّاً، وحضر خطة تشمل تجهيز عدد من المدارس والمراكز المؤهلة لاستقبال النازحين.، مؤكداً أنه "في حال اندلعت الحرب، سندفع ثمن قرار لا نريده، اتخذه "حزب الله" بمفرده".
وعلى الرغم من خلافه السياسي مع قرارات "حزب الله"، يؤيّد داني خطّة "الحزب التقدمي الاشتراكي"، ويعتبر أن موقف "الحزب الاشتراكي" غالباً ما ينعكس على المجتمع مما يلين موقف غالبيته، مع العلم أنّ الحسّ الإنساني يطغى على الخلافات السياسية لدى الجميع.
 
هوة الثقة كبيرة جداً بين المكونات اللبنانية فرضتها الظروف والأحداث السياسية وغير السياسية المتراكمة، علّه يتعظ من يجب أن يتعظ أنّ البداية والنهاية تكون بتحقيق المصلحة اللبنانية، و"لبنان أولاً".

اقرأ في النهار Premium