تقترب ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون من نهايتها، بعد أن ضاقت المهل، من دون حلول ناجعة حتى الساعة، في الوقت الذي باتت فيه مواقف القوى السياسية واضحة من هذه المسألة بالذات.
فالقوات اللبنانية والكتائب ونواب مستقلّون من المسيحيّين أبدوا تأييدهم للتمديد، ومثلهم الحزب التقدمي الاشتراكي، إضافة إلى الأغلبية من النواب السنة الذين يحاولون ربط الاستحقاق بتمديدات أخرى تشمل اللواء عماد عثمان المدير العام لقوى الأمن الداخلي.
في المقابل، لا يزال التيار الوطني الحرّ يقاتل رفضاً للتمديد تحت أيّ حجّة أو مسوّغ، طارحاً العديد من المخارج، وجميعها تصطدم بواقع سياسي وقانوني يمنعها من الوصول إلى خطّ النهاية.
يبقى موقف "حزب الله" والثنائي هو البوصلة لتحديد هذا المسار، وحسمه سلباً أو إيجاباً.
في السياق، حفل الأسبوع الماضي بالعديد من المحاولات لحسم أمر التمديد من عدمه، لكن مواقف "حزب الله" أبقت الأمر ضبابيّاً، وفتحت باباً جديداً للمزايدات، وأجّجت الصراع المسيحي-المسيحي إلى درجة كبيرة، بعد "الهدنة الهشّة" التي مرّت بها العلاقة بين الفريقين المسيحيين الكبيرين، أثناء مرحلة التقاطع على اسم الوزير السابق جهاد أزعور كمرشح لرئاسة الجمهورية.
ينظر إلى موقف "حزب الله" من خلال امتلاكه كتلة صلبة حكومية-نيابية مقرّرة في تمرير القرارات الحكومية أو مشاريع القوانين النيابية، فضلاً عن التزام حلفائه الكامل بتوجّهاته، بما يتعدّى الكتلة الشيعية الخالصة. ويضاف إلى الكتلة المشار إليها تكتّلٌ سنيّ شُكّل أخيراً يجمع 5 نواب سنة وآخرين، وتكتل المردة المسيحي وبعض الحلفاء الذين يدورون في فلك رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالإضافة إلى الثقل السياسي التقريري في البلاد، خصوصاً في الموضوع العسكري.
وفي المعلومات أن "حزب الله" غير متحمّس لحسم موضوع قيادة الجيش في هذه الفترة، ويعتبر أنّ لديه الوقت الكافي، ويمكن أن يحسم الأمر في أيام قليلة قبل انتهاء ولاية القائد.
ثانياً: أصبح من المؤكّد أن أيّ خضّة ضمن المؤسسة العسكرية ستؤدّي إلى تغييرات وتشكيلات وتبديلات غير مستحبة في الوقت الراهن، في ظل استمرار المعركة على الجنوب، وأن الحفاظ على الوضع القائم حالياً أمر مستحب.
ثالثاً: "حزب الله" منفتح على الخيارات كافة التي تحول دون حصول فراغ في قيادة الجيش، مع الحرص على أن يكون أيّ خيار منسجماً مع الدستور والأصول القانونية.
رابعاً: لا يرفض "حزب الله" تعيين قائد جيش جديد على أن يكون ضمن سلة تعيينات أخرى من مجلس عسكري وغيره، وحتى ضمن الأجهزة الأمنية الأخرى، من ضمنها المدير العام للأمن العام.
خامساً: إن بقيت الأمور متعثّرة من دون حلول مجدية، فسيدعو الوضع إلى الحذر من فوضى في المؤسسة العسكرية، مما يجعل قرار التمديد أحد القرارات المطروحة بجديّة حينها.
وفي هذا الإطار، علمت "النهار" بأن وفداً من الحزب، وآخر من المجلس الشيعي الأعلى، سيزوران بكركي اليوم للتشاور في عدد الأمور، منها تمتين الوحدة الوطنية في الظروف الحالية، من دون أن يغيب عن اللقاء ملف قيادة الجيش. وسيسمع الحزب من البطريرك رأيه مباشرة، فيما سيشرح له موقفه في المقابل، وستكون الزيارة بمثابة تأكيد على أن أيّ قرار مقبل لن يكون بوجه بكركي بل وفق ما تقتضيه العملية العسكرية-السياسية الراهنة.
وفي سياق المعلومات أيضاً، فإن مصادر حركة "أمل" تؤكّد أنها لا ترفض مبدأ التمديد لقائد الجيش وفق مقتضيات وظروف المرحلة؛ وذلك بعكس ما أشيع عن رفض هذا الأمر، وعن وضعها الأمر في سلة الحكومة كأولويّة. وعندما يطرح القرار على طاولة البحث سيكون لوزراء أمل موقف إيجابي.
ورفضت مصادر الحركة ما حاول "التيار الوطني الحر" تسويقه عن تعيينات جديدة عبر مرسوم جوّال، يوقّعه 24 وزيراً، فالحركة على استعداد لمناقشة أيّ تعيينات، على الرغم من تفضيلها أن تترافق مع ولاية رئاسية جديدة. لكن الخطورة - برأيها - تكمن بطرح توقيع الـ24 وزيراً، ممّا يعني تحكّم "التيار" لاحقاً بأيّ قرار حكومي يرفضه بشكل مطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وفي المحصلة، الأمور لا تزال تدور في حلقة مفرغة وسط "حيرة" "حزب الله" الذي لا يريد معركة جديدة مع حليفه جبران باسيل الرافض بشكل مطلق للتمديد وبين حساسية وخطورة أيّ فوضى تحلّ بالجيش في الظروف الحالية من جهة، وتصلّب موقف الكنيسة من جهة أخرى، خصوصاً أن للموقع رمزيّة مسيحيّة مارونيّة كبيرة.