النهار

مسارات مختلفة قد يطرحها لودريان والعين على وحدة المُعارضة
جو لحود
المصدر: "النهار"
مسارات مختلفة قد يطرحها لودريان والعين على وحدة المُعارضة
الموفد الرئاسي الفرنسي جان - إيف لودريان في زيارة له إلى بيروت (النهار)
A+   A-
على وقع الهدنة المُتجدّدة في قطاع غزة والمُنسحبة على جبهة جنوب لبنان، يعود، مساء اليوم، إلى بيروت الموفد الرئاسيّ الفرنسيّ جان-إيف لودريان، في ظلّ ضبابيّة مطلقة تسيطر على الطروحات التي سيقدّمها أو يناقشها مع المسؤولين اللبنانيين الذين حُدّدت لهم المواعيد بشكل مكثّف ومتتالٍ.
 
في هذا الإطار، وما بين قصر الصنوبر والمقارّ الحزبيّة اللبنانية، سيتنقل لودريان حاملاً أوراقه التي سبق له أن دوّن عليها آراء الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية. ووفقاً للمعلومات، فقد لا تكون زيارة لودريان هذه المرة استطلاعية كما سابقاتها، بل زيارة يتمّ في خلالها تقديم مسارات ممكنة لوضع الملف الرئاسي على السكة الصحيحة، تتماشى مع الوضع الأمنيّ المتردي والمُرشّح لمزيد من التفاقم في أيّ لحظة.
 
وفي الغضون، يترقّب مختلف الأفرقاء في لبنان ما سيحمله الموفد الفرنسي الرئاسي، كما تترقب بحذر المُعارضةُ اللبنانية أي محاولة مقايضة جديدة قد يرفعها لودريان محاولاً إخراج الانتخابات الرئاسية من عنق زجاجة الانقسامات اللبنانية.
 
عقيص: انتخاب رئيس من الممانعة مقابل تطبيق الـ1701 أمر مرفوض
في هذا السياق، وفي حديث مع "النهار"، أكّد عضو تكتل "الجمهورية القوية"، النائب جورج عقيص، أنّ "الفروقات كبيرة بين آخر زيارة قام بها لودريان إلى لبنان وبين الزيارة الحالية. فالزيارة الثالثة كانت قبل أحداث غزة فيما تأتي الزيارة الرابعة بعد الأحداث التي انطلقت في 7 تشرين الأول الفائت".
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه الزيارة تأتي بالتزامن مع تفلّت على الحدود اللبنانية غير المسيطر عليها من قبل الشرعية اللبنانية، ممّا يجعلها مفتوحة على كلّ الاحتمالات التي يمكن أن ترفعها إيران وينفّذها "حزب الله".
 
ورأى عقيص أنّ "انتخاب رئيس للجمهورية هو ضرورة ملحة منذ اليوم الأول للشغور. لكن بعد تردّي الأوضاع الأمنية ودخول لبنان في حالة من الحرب، قد نكون أصبحنا في مرحلة أكثر إلحاحاً. لكن هذا لا يعني أنّه يمكن لأيّ طرف أن يفرض علينا رئيساً".
 
وتابع "تُطرح في بعض الأروقة، وبالوشوشات، فكرة مفادها أنّه يمكن المقايضة بين تطبيق القرار 1701 وبين انتخاب رئيس للجمهورية من صفوف الممانعة؛ لذلك، واستباقاً لأيّ طرح جديّ في هذا الإطار، نؤكّد أنّ القرار 1701 قرار أممي، ولا يُمكن ربطه بالانتخابات الرئاسية اللبنانية".
 
وأشار عقيص إلى أنّ "المعارضة موّحدة، وما زالت في معظمها تتجه لانتخاب الوزير السابق جهاد أزعور بحال تمت الدعوة إلى جلسة انتخابية. وهنا، سنجدّد أمام لودريان مطلبنا بأن يقوم الرئيس بري بالدعوة إلى جلسة بدورات متتالية ينتج عنها انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية".
 
واعتبر أنّ "المعارضة تؤكد في كلّ مرحلة وحدتها ووجودها في صف واحد. فعلى سبيل المثال، ما صدر عن حزب "الكتائب اللبنانية" في الأمس لجهة انفتاحه على كل الخيارات لمنع الشغور في قيادة الجيش ومنع أيّ تعيين جديد، هو تماماً ما ننادي به في حزب "القوات اللبنانية"".
 
وختم النائب عقيص مؤكّداً أنّ "المبادرة الفرنسية التي لم يتم الإعلان عن انتهائها في الزيارة الأخيرة للودريان، الذي لديه التوكيل من الدول الـ5، قد تحمل في الزيارة الجديدة المنتظرة نوعاً من التأكيد على استمرارها مع إمكانية فصل مسار الانتخابات الرئاسية اللبنانية عن الحرب الدائرة في غزة".
 

عبد المسيح: أكثر من مقايضة جديدة قد يطرحها لودريان
بدوره، وفي اتصال مع النهار، أشار عضو "كتلة تجدّد"، النائب أديب عبد المسيح، إلى أنّ "الزيارة التي يقوم بها لودريان خطيرة ودقيقة في الوقت نفسه، إذ إنها تأتي بعد مجموعة من المتغيّرات المرتبطة بمعظمها بالحرب الدائرة في غزة وفي جنوب لبنان".
 
وقال: "يأتي لودريان وفي جعبته مجموعة معطيات متراكمة، متمثّلة من جهة بالدعوة الأوروبية والغربية والفرنسية إلى ضرورة عدم توسّع رقعة النزاع في الجنوب، وإلى ضرورة عدم إقحام لبنان في حرب واسعة وشاملة.
ومن جهة أخرى، يأتي الموفد الفرنسي وفي جعبته تطوّرات متعلّقة بالشغور المتراكم في المواقع الدستورية والإدارية في لبنان من موقع الرئاسة الأولى، إلى حاكمية مصرف لبنان، فقيادة الجيش ورئاسة الأركان".
 
ويشير عبد المسيح إلى "أننا نستعرض هذا الواقع لنؤكد على الضغوطات التي باتت كثيرة، والتي قد تدفع لودريان ومِن خلفه الفرنسيين إلى الدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، نظراً إلى التطورات الداخلية وغير الداخلية التي سبق لنا أن أشرنا إليها".
 
وأضاف "ما هو خطر في المعادلة هو حجم "حزب الله"، الذي بغضّ النظر عن موقفنا السياسيّ منه، أثبت حضوره في خلال المعركة الأخيرة، وقد يكون الوقت مناسباً بالنسبة له لترجمة هذا الحضور العسكريّ في السياسة الداخلية اللبنانية. لذلك، لا بدّ لقوى المعارضة من أن تكون واعية بشكل كافٍ لهذه النقطة، ولا بدّ لها أيضاً من أن تبتعد عن انقساماتها التي ظهرت إلى العلن عبر طرح "القوات اللبنانية" منفردة موضوع تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون، من دون الرجوع إلى أيّ طرف آخر من أطراف المعارضة".
 
وختم عبد المسيح مؤكداً أنّ "سلّة المشكلات اللبنانية الداخلية والخارجية منها قد تدفع لودريان إلى طرح سلّة حلّ من جديد، قد يعيد من خلالها التأكيد على ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية مقابل إعطاء مناصب أخرى للمعارضة كقيادة الجيش أو غيرها".
 
 
عبد الله: لا بدّ من التخلّص من الانقسام العمودي الداخلي لمواكبة أيّ تسوية ممكنة
من جهته، وفي حديث لـ" النهار"، يطرح عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي"، النائب بلال عبدالله، "بعض علامات الاستفهام حول الزيارة المرتقبة للموفد الفرنسي، لا سيما أنّه سبق له أن استمع إلى الكتل النيابية اللبنانية لـ3 مرات متتالية".
 ويقول: "حتى الساعة، لا شيء ولا معطيات واضحة حول أيعاد زيارة لودريان. وقد يكون المطلوب منها أو هدفها الأساسي هو إعادة تحريك المياه الرئاسية الراكدة، وبالتالي إعادة تسليط الضوء على الملف الرئاسي المجمّد".
 
ويعتبر النائب عبد الله أنه "لا بدّ من السؤال إن كان لودريان لا يزال مكلّفاً من قبل اللجنة الخماسية، كما لا بدّ من السؤال عن احتمال تقديمه طرحاً جديداً في خلال زيارته المرتقبة".
 
ويشير إلى "أهميّة الترحيب الدائم بمختلف المبادرات الخارجية التي تساعد لبنان على النهوض من أزماته ومشكلاته المتلاحقة. لكن لا بدّ من تحضير أرضيّة داخليّة للتمكّن من مجاراة هذه المبادرات. لذلك، لا بدّ للقوى السياسية من أن تتخلّى عن انقسامها العمودي في داخل مجلس النواب وخارجه، فتؤمن الأرضية الممكنة للمضي بأيّ تسوية محتملة".
 
وختم معتبراً أنه "أمام زيارة لودريان لا بدّ من التذكير بأن لبنان يقع في المواجهة المباشرة مع العدو الإسرائيلي، وهو في حالة حرب. لذلك قد يكون هذا العامل الأمني دافعاً للودريان لحمل بنود جديدة ضمن مبادرته، وسيسعى لترويجها خلال زيارته الرابعة".
 
 
ضوّ: محاولة فرنسية للتنسيق مع الدول العربية
وفي اتصال مع "النهار"، أكّد النائب مارك ضوّ أنّ "الأنظار خلال هذه المرحلة تتجه بشكل أساسي إلى موضوع الحرب في غزة وجنوب لبنان، وإلى ما هو مرتبط بالقرار 1701. لذلك قد تصبّ زيارة لودريان المتوقعة في هذا المجال، وقد تتّخذ هذا البعد، لاسيما أن من الصعب الحديث عن أيّ شيء جديد أو أي تطوّر في ظل استمرار الحرب في غزة على الرغم من فترة الهدنة التي تمرّ بها".
وأضاف: "قد يرغب لودريان في متابعة الجهود التي سبق له أن بذلها في ما يتعلّق بالملف الرئاسي ووجوده في لبنان بعد غياب دائم ما بين 5 و6 أشهر، يمكن أن يتم تحديده باحتمالين.
الاحتمال الأول متمثل بمتابعة الملف ومحاولة إحداث خرق معيّن، على الرغم من الصعوبة وشبه الاستحالة في هذا الإطار.
والاحتمال الثاني هو تسليم الملف أو توكيله لأحد آخر".
 
ورأى ضو أنّ "هناك محاولة فرنسية للتنسيق مع الدول العربية، وهذا ما سيتجلى من خلال وصول لودريان إلى السعودية قبل استهلال زيارته لبيروت، كما يمكن وضع الزيارة في الإطار التحضيري لزيارة ممكنة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المنطقة".
 
وختم قائلاً: "بحال انعقاد جلسة لانتخاب رئيس، سنتوجّه كمعارضة لانتخاب الوزير السابق جهاد أزعور، بما أن "حزب الله" مستمرّ في تعطيله لهذا الملف عبر إصراره على التمسك بترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية".
 

اقرأ في النهار Premium