قرر مجلس الوزراء تكليف وزارة الاتصالات إعداد الدراسات اللازمة لتنظيم الإطار التجاري لعمل شركة "ستارلينك" في لبنان وفقاً للأصول وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والعسكرية المختصّة، وتأجيل البت بطلب الوزارة الحالي لحين استكمال الملف.
تقول مصادر متابعة لـ"النهار" إنه بغضّ النظر عن الجدل القائم حول موضوع لمن هو "القرار" الفعلي في تقديم خدمة "ستارلينك" أو توقيفها، هل للدولة اللبنانية كما يقول وزير الاتصالات أم لصاحب الشركة "إيلون ماسك" كما أثبتت التجارب في شبه جزيرة القرم وفي إيران وغيرهما من الدول وحتى في لبنان، فخدمة "ستارلينك" متاحة اليوم ويستخدمها عدد غير قليل من اللبنانيين وعلى الأراضي اللبنانية دون وجود أي ترخيص للشركة من الدولة اللبنانية لتقديم خدماتها. وتالياً كيف يمكن وضع خطة بديلة للطوارئ لجبه الحرب مع إسرائيل وهي بالتحديد تقوم على اللجوء الى خدمة "ستارلينك" عند انقطاع جميع طرق الاتصال والتخابر في لبنان، بينما قرار توفير أو قطع الخدمة بيد شركة "ستارلينك" التي للمصادفة، تسعى لموافقة إسرائيل لتقديم خدماتها في قطاع غزة. في غزة تراجعت الشركة عن تقديم الخدمة قبل الحصول على موافقة إسرائيل على ذلك، وحصلت عليها منذ يومين بعد زيارة إيلون ماسك للدولة العبرية. فهل ستسعى الشركة لموافقة إسرائيل لتقديم الخدمة في لبنان في حال نشوب الحرب بين إسرائيل ولبنان؟
أما من الناحية الأمنية، فالمواضيع متشعبة وقد اطلعت الأجهزة الأمنية على توفير خدمة "ستارلينك" ومن المفروض أن تستكمل مهامها وتودع مجلس الوزراء تقاريرها ولا سيما شعبة المعلومات.
تشير بعض المصادر الى ضرورة شمول دراسة الخدمة من النواحي الأمنية إمكانية اختراق ومراقبة محتوى الاتصال عبر "ستارلينك" إما مباشرة من خلال الشبكة التي تستخدم الاقمار الصناعية أو من خلال الأجهزة وعددها 150 التي ستُقدّمها مجاناً شركة غير حكومية ومقرّها في الولايات المتحدة الأميركية، إذ من المعلوم أن نظام "بيغاسوس" للتجسّس الذي تصنعه شركة إسرائيلية يعمل من خلال أجهزة الهاتف الانتهائية، أي الأجهزة التي يستخدمها الزبائن، علماً بأن شبكة "ستارلينك"، بعكس ما يشاع، لا ترتبط مباشرة بين الجهاز الانتهائي عند المستخدم والأقمار الصناعية حصراً، بل ثمة محطات ومراكز أرضية موزعة ومنتشرة في أرجاء الكرة الارضية بهدف ترشيد وتحسين الإشارة والاتصالات والخدمة عموماً، كما تستخدم شركة "ستارلينك" كوابل الألياف البصرية لربط شبكتها عبر الإنترنت. وتالياً فإن "الاتصال عبر "ستارلينك" ليس مباشراً بين المستخدم والقمر الصناعي بل هو مرتبط بمحطات أرضية وكوابل ألياف بصرية لتحسين الاتصال وتأمين خدمة الانترنت. والسؤال الذي يُطرح: أين هي تحديداً المراكز والمحطات الأرضية العائدة للشركة في منطقة الشرق الأوسط؟ في أي بلدان؟ وهل إسرائيل من ضمنها؟".
بالإضافة الى ضرورة التطرّق الى موضوع البيانات العائدة للمستخدمين، هل تُحفظ محلياً في لبنان أم تُحفظ في الخارج مما يُعدّ مسّاً بسيادة الدولة اللبنانية في قطاع الاتصالات؟ لأن موضوع بيانات المستخدمين هو موضوع هام جداً وأصبحت التشريعات في خصوصه موضع تنفيذ في الكثير من البلدان لما له أهمية كبرى على صعيد خصوصية الفرد، وهو يُعدّ أمراً سيادياً بامتياز.
إضافة الى بعض الأمور الاخرى كتحديد مواقع الاتصال وقربها من الاعتداءات والاستهدافات الإسرائيلية وتأثير ذلك على العمليات الحربية (الجيش الأوكراني استفاد كثيراً من "ستارلينك" في هذا المجال وفقاً لتصريحات رسمية)، قد تستخدم ذلك إسرائيل من خلال عملاء لها على الأرض اللبنانية في حال اندلاع الحرب مع لبنان.
هذه النقاط وغيرها بحاجة الى مقاربة جدّية وعميقة من قبل الجهات المختصّة.