فيما لا ينفك ابناء الجنوب عن الدفاع والتشبث بأرضهم وخلط ترابها بالدم على مدار العقود الاخيرة، ثمة مَن يقدم على شراء مساحات كبيرة من الاراضي في الجنوب على طول الطريق الساحلي، وخصوصا في الزهراني – صور، وهي مصنفة زراعية، ثم يقدِم الشارون بعد اتمام عمليات البيع على تحويلها الى اراضٍ تصلح للبناء بعد فرزها، الامر الذي يؤدي الى رفع قيمتها الشرائية عشرات الاضعاف عندما تصبح على الورق والخرائط عقارات تصلح لتشييد الفيلّات والبيوت السكنية والمحال التجارية. ويتلقى بائعو هذه الاراضي التي تُقدر بملايين الدولارات أثمان اراضيهم وبساتينهم خارج لبنان. وكانت آخر صفقة من هذا النوع في عاصمة اوروبية.
ولا تمرّ هذه العمليات من دون رعاية سياسية ونيابية وحزبية وكل أشكال الرعاية والدعم التي تتوافر في مغاور الدوائر العقارية لهذه المجموعة من المحظيين التي لم تكتفِ بمصادرة مئات الدونمات من مشاعات الدولة والاستيلاء عليها (في الجنوب ومناطق اخرى) ومن دون ان تتحرك الجهات القضائية المعنية "المشلولة" في الاصل على قول عدد من اعضاء المجالس البلدية وما تبقّى من مخاتير لم يتم شراء ذممهم و"اختامهم"، على عكس زملاء لهم يتم التلاعب بتواقيعهم واستعمالها غبّ الطلب في مقابل حفنة من الدولارات حيث يتحولون شهود زور على عمليات البيع هذه. ويشارك كتّاب عدل في هذه الصفقات ولو لم يكونوا من الحلقة الاصلية لهذه المجموعة من الجشعين الذين يخافون على اموالهم المكدسة في منازلهم في حال اتسعت دائرة الحرب الاسرائيلية في الجنوب.
وفي تفاصيل حصلت عليها "النهار" بعد تلقّيها اكثر من اتصال من جنوبيين غيارى على ارضهم حيث يفيدون بان تسجيل العقارات المصنفة زراعية يتم التلاعب في تصنيفها وتسجيلها باسماء من غير اصحابها الاصليين بغية عدم إدراج هويات هؤلاء في عقود البيع والدوائر العقارية منعاً لكشفهم أو تسريب كل هذه البيوعات.
وفي آخِر الصفقات من هذا النوع، شراء عقار في بلدة الزرارية تملكه أسرة من آل فخري تبلغ مساحته 80 دونماً، وآخر في عدلون تبلغ مساحته 50 دونماً وتملكه أسرة من آل نحولي من صيدا بواسطة مجموعة من السماسرة من الدرجة الاولى لا تفارق عيونهم مئات العقارات.
وتتم هذه الصفقات في الجنوب بإشراف رجل أعمال وأفراد من أسرته من بلدة في الزهراني، الى مجموعة من المعروفين في عالم التعهدات والعقارات، ولا تقتصر حدود مساحة ايديهم على أرض الجنوب. وقد فشل هؤلاء في شراء عقارات في بلدات مسيحية في الجنوب بفعل رفض اصحابها الإقدام على بيعها بدعم من الكنيسة وبلدياتهم، وتلقى هذه الخطوة ترحيباً عند جيرانهم المسلمين.
وفي المعلومات ان شراء عقارَي الزرارية وعدلون في الزهراني لم يتم تسجيلهما في الدوائر العقارية بعد في انتظار تصنيفهما مساحات تصلح للبناء. وتحتاج هذه العملية الى موافقة الدوائر المعنية في التنظيم المدني زائد الحصول على توقيع وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية القادر على كبح هذه المجموعة.
وتثير هذه العمليات جملة من التساؤلات عند عدد لا بأس به من رؤساء البلديات والمخاتير وناشطين بيئيين في الجنوب حيث يرفضون ما يحدث في بلداتهم ويسألون عن التغطية السياسية والحزبية لهذه الصفقات. ويناشد هؤلاء رئيس مجلس النواب نبيه بري والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله تدخلهما فورا ليطلبا سريعا من الجهات القضائية المعنية، فضلاً عن وزيري الاشغال حمية والمال يوسف الخليل، وقف هذه الصفقات التي تقفز فوق القانون وتستبيحه، مع تذكير "المؤتمنَين على الارض والمقاومة الرئيس بري والسيد نصرالله" بان كثيرين من الجنوبيين قدموا الغالي والنفيس وما زالوا يُستشهدون للذود عن تراب بلداتهم، في وقت لا تتوقف مجموعة من "الحيتان البرية" المدعومة من نواب ووزراء وحزبيين عن سرقة كل هذه الاراضي وتسجيلها بأسماء افراد عائلاتهم ليتنعّموا بها مع شلّة من معاونيهم حيث لم يشبع هؤلاء، على قول رئيس بلدية، وكأنهم لا يكفيهم ما استولوا عليه من مشاعات ومساحات التهموها في البر والبحر ليكدّسوا ثرواتهم من اموال وسبائك ذهبية مخزّنة في غرف منازلهم بعدما سحبوها باكراً من المصارف وقبل تبخّر ودائع اللبنانيين.