يواصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان جولاته، استكمالاً لمهمته الرئاسية، أضيف إليها ملفان جوهريان لا يقلان أهمية عن الملف الرئاسي، تطبيق القرار الدولي 1701، وتجنيب لبنان الحرب، وهي مطالب صاغت سطورها اللجنة الخماسية، وحمّلت المبعوث الرئاسي الفرنسي أمانة إيصالها إلى القوى السياسية اللبنانية، وخصوصاً من يعنيهم الأمر، وتحديداً "حزب الله".
"القوات اللبنانية" وقوى المعارضة ككل، تتماهى مع ما تطلبه اللجنة الخماسية من أجل لبنان، وهو ما ظهر في بيان المعارضة الأخير، وفي تصريحات ومواقف القوات اللبنانية.
في معراب، حلّ الموفد الفرنسي ضيفاً عزيزاً. ثلاثة مواضيع أساسية أثيرت بين الدكتور سمير جعجع والموفد الفرنسي، الموضوع الأول القرار 1701، وضرورة إبعاد الحرب عن لبنان بأي وسيلة، بعدما أدخله "حزب الله" وسط هذه الحرب وحوّله إلى ساحة إقليمية وصندوق بريد، وانعكاسات هذا التورط، ضحايا بشرية سقطت، وتداعيات اقتصادية ومالية وسياحية سلبية تأثر بها البلد ككل، إضافة إلى ما يصيب أهل الجنوب وأهالي البلدات المتاخمة، فضلاً عن وجود خوف من تكرار سيناريو تموز 2006 وهي مسألة بغاية الخطورة، من هنا، ضرورة التشديد على الذهاب نحو تطبيق فعلي للقرار 1701 كي لا يبقى صورياً، وهو مطلب لبناني ووافق عليه "حزب الله" بدءاً من أمينه العام وصولاً إلى وزراء "الحزب" في الحكومة.
الموضوع الثاني الذي لا يقل أهمية، قيادة الجيش والتمديد للقائد جوزاف عون، وهي مسألة بالنسبة للقوات اللبنانية تتجاوز المناكفات والصراعات السياسية والانتخابات الرئاسية، بل تتعلق بالأمن القومي والأمن الوطني، لأن مسألة الحفاظ على الاستقرار هو خشبة الخلاص الأخيرة للبنان واللبنانيين، ولا يجوز المس بهذا الاستقرار. عدا عن أن تعيين قائد للجيش مسألة تتعلق برئيس الجمهورية، فضلاً عن أنه لا يجوز المساس بتراتبية المؤسسة العسكرية.
أما الموضوع الثالث، فالانتخابات الرئاسية، حيث ذكّرت "القوات" الضيف الفرنسي بأنّ فريق 8 آذار هو من يعطّل الانتخابات الرئاسية والوصول إلى انتخاب رئيس من خلال رفض عقد جلسة بدورات متتالية، أي رفض احترام الدستور وتطبيقه، أو لناحية رفض التوافق على خيار ثالث، أي على مرشح يكون على مسافة واحدة من الجميع، شرط أن يكون له خلفية سيادية إصلاحية من اجل أن يتمكن من ممارسة دوره كرئيس للدولة في لبنان وليس رئيساً للممانعة ومحورها في لبنان.
لم يقترح لودريان على جعجع أي أسماء رئاسية، بل التركيز كان على أهمية الذهاب نحو خيار ثالث، وهو أمر لا تعارضه القوات، وهي ذكّرت أنها ومن ضمن المعارضة عمدت إلى تبنّي ترشيح جهاد أزعور وهو يأتي في سياق ترشيح الخيار الثالث، لأنها أدركت استحالة أن ينتخب أي فريق مرشحه بفعل موازين القوى المفروضة، لذلك كانت أكثر واقعية بالذهاب نحو الخيار الثالث، بينما الفريق الممانع يصر على مرشحه وهو غير قادر على إيصاله ديمقراطياً ويريد إيصاله من خلال التعطيل وهذا أمر مرفوض كلياً.
وعن وجود مقايضات أثمانها تحقيق انتصارات في استحقاقات معينة، توضح "القوات اللبنانية" أن الدكتور سمير جعجع حذر من مسعى "تهريبة" رئاسية و"بلفة" سياسية تحت عنوان المقايضة. وتقول: "هو حذر من مسعى يحاول "حزب الله" الذهاب اليه بمقايضة القرار 1701 بالحصول على الرئاسة، لذلك نحن نرفض المقايضات والقرار الدولي يجب أن يُطبق وقد وافق عليه "حزب الله". أما بخصوص انتخاب رئيس للجمهورية، تضيف "القوات"، فمساره مرتبط بالدستور، وبالتالي لا نقبل بمقايضات أساسها دستوري ووطني، ولا يجب أن تكون موضع نقاش، ونرفض كل منطق المقايضات جملة وتفصيلاً. والوقوف بالمرصاد عنى فيها الدكتور جعجع أن القوات والمعارضة حاضرون لمواجهة أي محاولة للالتفاف على اللبنانيين وإخضاعهم لمقايضات غير متوازنة وتسيء إلى الوضع اللبناني ككل. فعدم تطبيق الـ1701 أمر مخالف لإجماع بين اللبنانيين وانتخاب الرئيس يجب أن يحصل انطلاقاً من ميزان القوى الحالي ومن المصلحة الوطنية العليا التي تستدعي انتخاب رئيس سيادي إصلاحي من أجل إخراج لبنان من واقع الفشل إلى واقع قيام دولة فعلية".
التنسيق بين قوى المعارضة لم يتوقف، تؤكد "القوات" لـ"النهار"، وهي أصدرت عدة بيانات، منها البيان الأخير الذي يتعلق بالقرار 1701 وضرورة تطبيقه، وبالواقع المستجد في الجنوب. وحتى في موضوع تمديد قيادة الجيش رغم وجود بعض التباينات في مسألة الآلية التنفيذية لهذا التمديد، إلا أن النقاش متواصل والاحترام موجود، ورغم هذا التباين التكتي فإن التنسيق لم يتوقف والاجتماعات دورية.