أرخت معركة التمديد لقائد الجيش بتداعياتها على التيار الوطني الحر، الذي قاد منفرداً معركة مضادّة انتهت بخسارة.
دفعت البطريركية المارونية بثقلها باتجاه التمديد، وتجاوبت معها الأغلبية المسيحية في مجلس النواب، وخاضت "القوات اللبنانية" المعركة بكلّ ثقلها السياسي، على الرغم من الخسائر المبدئية، التي تكبّدتها في الخضوع لشروط رئيس مجلس النواب نبيه بري بالمشاركة في تأمين نصاب الجلسة التشريعية، وانضم إليها الكتائب والمردة والنواب المستقلّون في تأييد التمديد.
لم تنجح جميع التدخلات التي جرت مع باسيل دولياً ومحلياً، خصوصاً على مستوى الكنيسة المارونية، في تغيير رأيه في الموضوع، ممّا خلق شرخاً جديداً مع البطريركية يُضاف إلى سلسلة من الافتراقات بين الجهتين على عدّة ملفات لن تنتهي بملفات رئاسة الجمهورية.
يفتخر "التيار الوطني الحر" بمعركته هذه مقلّلاً من تداعيات ما جرى، فـ"المرجلة هي أن نكون وحدنا بلا خوف للمحافظة على مبادئنا، وكيلا نُسجّل على أنفسنا أننا نطيع الخارج عكس إرادتنا، لأننا إذا كنا مطيعين مرّة فسنصبح مطيعين دائماً".
ولا يرى التيار فيها تداعيات شعبية عليه بل العكس تماماً؛ فالمعركة أكّدت عناده في الالتزام بالدستور والقانون، فلم يتراجع تحت أيّ ضغط، وهو يفرّق تماماً بين مؤسّسة الجيش الذي يعتبر من صُلبها وبين قيادة الجيش التي تتغيّر كلّ فترة، من دون أن تتأثّر المؤسّسة؛ وكلّ ما سعى إليه التيار هو الحفاظ على المؤسّسة وإبعادها عن التجاذبات السياسية والنكايات وحفظها، فهي تستطيع إدارة شؤونها عبر قانون الدفاع، وغير صحيح كلّ الكلام على فراغ أو ما شابه.
أما عن العلاقة مع الأفرقاء، خصوصاً المسيحيين، فتُشير مصادر "التيار" إلى أن العلاقة في الأصل ليست بأفضل أحوالها مع أغلبية الأطراف، فالخلافات كبيرة مع "القوات اللبنانية"، ولا التقاء معها في أغلبية الملفات، ومثلها مع باقي أفرقاء المعارضة؛ أما العلاقة مع "المردة" فهي شبه مقطوعة منذ سنوات طويلة، ولم تتحسن في المرحلة الأخيرة، نتيجة رفض التيار انتخاب سليمان فرنجية. ولكن على الرغم ممّا حدث فلا مشكلة لدى التيار في الحفاظ على إطار التواصل مع المعارضة الموجود منذ أشهر، عبر النائب جورج عطالله والنائب السابق إدي معلوف؛ وهو مخصّص للتشاور في الشأن الرئاسيّ، وحقّق تقاطعاً معيّناً، و"لا عقدة لدينا في الكلام مع أيٍ كان، أو في مقاطعة أيٍّ كان عندما يلزم، فعلاقاتنا تكون حسب المواقف؛ وفي لبنان لا أعداء بل خصوم. ففي العام 2005 اجتمع الجميع ضدنا، ولم يستطع أحدٌ إلغاءنا، وعادوا وكرّروا المحاولة في 2019، ولم ينجحوا أيضاً، وعدنا وتكلّمنا مع الجميع، ونعمل على كلّ ملف على حدة".
أما عن العلاقة مع بكركي، فيقول المصدر إن الخلاف على بعض الملفات معها لا يعني أن هناك قطيعة بين الطرفين؛ فمن الطبيعي وجود اختلاف بالآراء وتباين بوجهات النظر، لكن ذلك "لا يُفسد للودّ قضيّة". فأحياناً، تُخطئ البطريركية المارونية في بعض المقاربات، كما حصل في موضوع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، ومثلها في ملف قيادة الجيش، وربما سنختلف على ملفات أخرى لاحقاً. لكن مهما جرى فهو لم يجرّ إلى قطيعة مع الكنيسة، فنحن لا نتنافس معها، ونتمتع بالحرية الكاملة في معارضة أيّ طرح - برأينا - ليس فيه مصلحة للبنان.
ويختم المصدر بالتأكيد أن ملف التمديد لقائد الجيش منفصل عن معركة رئاسة الجمهورية، فغير صحيح أن ما ناله جوزاف عون في التمديد سيناله في الرئاسة؛ ومثلما تمسّكنا بطروحاتنا بالنسبة إلى التمديد، وذهبنا بها حتى النهاية، ولو بقينا وحدنا، كذلك سنبقى نتعامل مع ملف رئاسة الجمهورية؛ وما رفضناه سابقاً سنبقى نرفضه، لأننا نتعامل مع الملفّ من منطلق حماية لبنان، وكلّ حديث عن اتفاقات ورسائل وغيرها غير دقيق، فنحن متمسّكون بورقة الأولويات الرئاسيّة التي طرحناها، ومنفتحون على التعاون مع الجميع من دون فرض شروط، ولن نربط أيّ ملف بآخر، فما وافقنا عليه في السابق نقبله، وما رفضناه في السابق ما زلنا نرفضه، بغضّ النظر عن جميع التطورات الإقليمية والمحلية التي تحصل في الوقت الحاضر".