بعد مضيّ قرابة 24 ساعة على حادثة التلفريك التي شهدتها منطقة جونيه في الأمس، يبدو أنّ عملية تبادل التهم وتقاذف المسؤوليات بدأت بشكل واضح وصريح.
فعملية الإنقاذ التي استمرت حتى ساعات مساء الأمس والتي نجحت بتدخل واضح من قبل فوج المجوقل في الجيش والدفاع المدني اللبناني، والتي أسفرت عن إخلاء جميع الركاب من دون استثناء بخير وسلامة، لا يمكن لها أن تحرف النظر عن أهمية البحث عن أسباب الحادث وعن الجهة المسؤولة بشكل مباشر.
في هذا الإطار، بدا لافتاً في الأمس تصريح وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار لـ" النهار" خلال توجهه إلى مكان وقوع الحادث، إذ أكّد أنّ "الوقت ليس لتقاذف المسؤوليات، إنما من الواجب الإشارة إلى أنّ التلفريك استثمار يعود لوزارة الطاقة والمياه".
واليوم، صدر بيان عن وزارة الطاقة والمياه، يؤكّد أنها لن تتوانى عن اتخاذ كل التدابير المطلوبة إذا تبين وجود أي تقصير أو إهمال من أيّ جهة بعد اجرائها التحقيقات اللازمة"، معلنة أنّ "نقل التلفريك من وزارة إلى أخرى يحتاج إلى قانون في مجلس النواب".
وفي بيانها أشارت الوزارة إلى أنّ "صيانة التلفريك" تحصل من قبل الشركة المشغلة بشكل دوري وتجريه كبريات الشركات المتخصصة الأجنبية والمحلية، وعلى أساسه تحصل على التأمين اللازم والضروري، وهذا ما حصل بالفعل، وتزوّد بعد ذلك مديرية الاستثمار في الوزارة بالتقارير ونتائجها، كما أن فريقاً من مديرية الاستثمار في وزارة الطاقة والمياه قد كشف منذ أقل من شهرين على الموقع وتأكد من حصول الصيانة اللازمة بعد تزويده بالتقارير المطلوبة من قبل الامتياز أو الشركة المشغلة التي ينتهي عقدها في عام 2026".
وأضافت في بيان: "نأسف لما حصل بالأمس مع المواطنين الذين علقوا في التلفريك، ونشكر الجهات الأمنية وكافة الذين ساعدوا في عمليات إنقاذ المواطنين الذين سلموا جميعاً. وهي تتمنى أن لا تتكرر هكذا حوادث".
وتابعت: "أما بالنسبة إلى من يريد نقل هذا المعلم إلى وزارة أخرى، فهذا يحتاج إلى قانون في مجلس النواب، لذلك نقول يكفي مزايدات إعلامية لا جدوى منها سوى إثارة الفتن" .
وختمت الوزارة مؤكدة أنّه "إذا تبين وجود أي تقصير أو إهمال من أي جهة بعد إجرائها التحقيقات اللازمة، فهي لن تتوانى عن اتخاذ كل التدابير المطلوبة في ظل القوانين المرعية الإجراء، لكنها بالمقابل لن تسمح بالاصطياد في المياه العكرة وإلقاء التهم جزافاً وزوراً" .
وزير السياحة
من جانبه أمل وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار "الا تتكرر هذه الحادثة".
وقال في بيان صادر عنه: "بانتظار جلاء المسؤوليات والمحاسبة، لا بد من توجيه الشكر لعناصر الدفاع المدني والجيش اللبناني والصليب الاحمر لجهودهم الجبارة امس، اذ ان الدفاع المدني والجيش كما الصليب الاحمر يثبتون في كل مرة انهم على قدر المسؤولية ببلد مشلول بفراغ المؤسسات, وان الاتكال يبقى عليهم حتى باصعب الظروف".
وتمنى نصار "على الرئيس ميقاتي بان يكون البند الاول على جدول اعمال اي جلسة مقبلة لمجلس الوزراء وايجاد الوسائل الممكنة والمتاحة لدعم الدفاع المدني بالعتاد اللازم بشكل طارئ وضروري كي تكون هذه العناصر مجهزة بما يلزم من معدات واليات لمواجهة اية حوادث قد تحصل".
وطالب بـ"تعيين مكتب استشاري دولي متخصص للقيام بالكشف والتحقيق الحسي ومساءلة شركة الامتياز والادارة العامة للاستثمار بوزارة الطاقة الوصية عليه، وكل جهة معنية، في حال تبيّن انها مسؤولة بمكان ما، كما المحاسبة بناء على ما قد تظهره نتائج تقرير المكتب الاستشاري الدولي المتخصص والاهم اتخاذ اجراءات بحق المقصّرين اذا ثبت وجود اهمال منعا لتكرار حوادث مماثلة".
واضاف: "صحيح ان تلفريك جونية هو مرفق سياحي اساسي وهام تماما كابرز مرافق لبنان السياحية عموما والكسروانية خصوصا ، تماما كمرفأ جونية السياحي ومغارة جعيتا وغيرها، لكن لا يمكن اعادة تشغيل التلفريك قبل صدور التقرير الفني، من هنا اطلب استمرار وقف العمل به حتى يصار لاعادة تشغيله وفقا للتقرير الفني الذي سيصدر".
وجدد نصار الدعوة لـ"تنفيذ ما كانت طالبت به وزارة السياحة في العام 2022 ، بنقل هذا المرفق ليكون تحت وصاية وزارة السياحة باعتباره مرفقا سياحيا كمراكز التزلج بلبنان، لذا لا بد من اعادة النظر بهذا الموضوع كما بشروط الاستثمار المعطاة لصاحب الامتياز ، ونحن ندرك تماما ان نقل الامتياز ممكن وليس بالامر المستحيل وذلك عبر تقديم مشروع قانون خاص به، لاقراره بمجلس النواب الذي "يشرّع الضرورة" عند الحاجة وفي حالة الضرورات القصوى، فكيف اذا كان الامر يتعلق بسلامة المواطنين ؟ فنحن نطالب بهذا الامر الملح حفاظا على السلامة العامة ولضمان تشغيل هذا المرفق السياحي والحيوي بطريقة امنة كي يعود لاستقطاب الرواد والسياح من مختلف دول العالم. ونقول فقط بعيدا عن المزايدات: "يكفي تهربا من المسؤوليات!".
وتابع: "منعا لاستغلال او تفسير اي كلام قد يكون فُهم خطأ، واستيضاحا لما قلته من تلفريك جونية امس، حول مطالبتي وسائل الاعلام ولاسيما المرئية منها، باظهار الايجابية لا الحديث فقط عن السلبيات، فالمقصود من هذا الكلام كان طلب مساعدة الاعلام بالتخفيف من التوتر الذي شعر به المواطنون المحتجزون في التلفريك والذين كانوا يتابعون على هواتفهم الذكية كل الصور والاخبار والمشاهد التي كانت تحصل على خلفية الحادثة، من هنا اتت مطالبتي ودعوتي للاعلام الى المساعدة مراعاة للحالة النفسية للمواطنين العالقين".
وأكد انه" على ابواب انتهاء العام 2023 واستقبال عام جديد لا شك ان العناية الالهية وشفاعة سيدة حريصا، حامية لبنان، هي التي جنّبت حصول كارثة انسانية امس، فالحمد لله على سلامة الجميع على امل الا يحمل العام المقبل الا كل الخير لبلدنا الحبيب".