النهار

الردع والحفاظ على قواعد الاشتباك... وإلّا الحرب
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو
المصدر: "النهار"
الردع والحفاظ على قواعد الاشتباك... وإلّا الحرب
القوات الإسرائيلية.
A+   A-
استقطبت كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عدداً كبيراً من الترددات، التي أضحت مدار دراسة وتحليل، وطغت على غيرها من الأحداث على الساحة اللبنانية.
 
حادثة اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في الضاحية، فرضت نفسها، ورفعت سقف التوقّعات، خصوصاً أن لها أهمّية كبيرة من حيث قواعد الاشتباك ومكان ورمزيّة العملية والشخص، فضلاً عن التوقيت المترافق مع ارتفاع سقف التهديدات الإسرائيلية.
 
لم يشفِ نصرالله غليل جمهوره أولاً، ولا المراقبين المحليين والإقليميين والدوليين، حين اكتفى بتأكيد الرد على العملية، وبأنها لن تمرّ "والميدان والأيام والليالي بيننا".
 
الخطاب المطوّل عن إنجازات قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، وعن حرب غزة، لم يقدّم جديداً يُذكر. لكن لا بدّ من الوقوف أمام تأكيده أن لحركات المقاومة - وفق ما أسماها - الحرية بالعمل مع حفظ مصالح البلدان التي يعملون فيها، وهم أدرى بها. وهنا يردّ على كلّ من طالبه بالمزيد، وبفتح حرب شاملة، تحت عنوان لكلّ بلد ظروفه الخاصة وتوازناته الداخلية التي لا بدّ من حفظها.
 
ومن هذا البند، ربط حديثه عن ضبط العمليات ملاءمة للظروف الداخلية؛ وهذا ما يؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة لدى الحزب، وكأنه أراد القول إننا ندفع من دماء شبابنا حفاظاً على الساحة اللبنانية وحفاظاً على بلدنا.
 
وبالعودة إلى العاروري، فالحديث عن "بيننا وبينكم الميدان والأيام والليالي" شاهدٌ عمليّ لا زمنيّ؛ فالميدان متفاعل، وكلّ فحوى الخطاب بأنّ الرّد قائم، ولو لامس الحرب الكبرى، لأن خرق قواعد الاشتباك الذي حصل في الضاحية أكبر من هذه المواجهة.
 
وبحسب مقرّبين من "حزب الله"، فإن "الحزب" أبلغ كلّ مَن اتصل به عربياً وإقليميا بأن هناك رداً سيجري وخارج قواعد الاشتباك، وعلى الإسرائيلي تقبّله وألا ينجرّ إلى ردّ على الرّد، وإلّا ستفتح الأمور على طريقة لا "ضوابط"، وبالتالي سيكون هناك آلاف القتلى من الطرفين.
 
وبرأيهم أن قواعد الاشتباك بعد الحرب تعطي شكلاً للقتال، وتقوم على توازن عسكريّ سياسيّ، بينما الإسرائيلي يسعى إلى قواعد ردع جديدة، وهذا ما لا يمكن أن يرضى بفعله الحزب؛ وبالتالي، هذا ما يجعل الرّد على ضربة الضاحية حتميّاً، وإلّا يكون الحزب قد قبل بكسر قواعد الردع.
 
إلى ذلك، كانت المعادلة قبل حرب تموز أن الضاحية مقابل حيفا، أما اليوم، فالضاحية مقابل تل أبيب، وأيّ مساس بالضاحية يعني المساس بالعاصمة؛ وما قام به الإسرائيلي يعدّ كبيراً بحسابات الحزب، خصوصاً أن  اغتيالاً بهذه الدّقة في قلب الضاحية لم يحدث في عزّ حرب تموز، ولن يبقى من دون ردّ.
 
وعن جولة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط آموس هوكشتين، فما رشح عنها أن وزير الدفاع الإسرائيلي شدّد على أن الفسحة السياسية أصبحت ضيّقة، وكأنّه يشدّ باتجاه الحرب، وبالتالي لن يحمل جديداً، وسيترك الأمر للميدان والقرارات الإسرائيلية.
 
في المقابل، في قراءات الإعلام الإسرائيلي،  وبحسب تقرير لإسرائيل هيوم، فإن نصرالله في معضلة. فمن جهة هناك التزامه العلنيّ بالرد على أيّ تصفية تنفّذ في لبنان، خصوصاً في بيروت، بمن في ذلك قيادات حماس؛ ومن جهة أخرى، هناك عدم رغبته في إشعال لبنان الآن، وتعريض منظمته وبلاده للخطر، فيفعل هذا من أجل منظمة سنيّة، ومعركة تدور في غزة. لقد أوضح بأن لكلّ منظّمة استقلاليّة استراتيجيّة في قراراتها، ملمّحاً إلى أن لا سيطرة لطهران على حزب الله.
 
وتضيف الصحيفة: "أراد نصر الله أن يقول إن حزب الله سيعمل عندما يخدم العمل مصلحته وليس مصلحة أحد آخر. كانت الكتف الباردة الثانية التي يُديرها لحماس منذ 7 أكتوبر، وصفعة مدويّة لحلم وحدة الساحات الذي تصدّره صالح العاروري. هكذا أوضح نصر الله أمس بأنه مستعدّ لدفع ضريبة تضامن بالحدّ الأدنى فقط في مستوى القتال المحدود على الحدود الشمالية، لكن لا مصلحة له بأن يجرّه آخر إلى حرب واسعة".
 
وترى الصحيفة أنه من ناحية إسرائيل هذه صفّارة تهدئة مزدوجة. تارة لأنها تخفّض الخوف من ردّ عنيف على نحو خاصّ يفترض رداً إسرائيلياً مناسباً، كان سيعرّض الطرفين لخطر معركة شاملة؛ وتارة أخرى لأنّها تدلّ على أن حزب الله مردوع، وبخلاف تحذيراته المسبقة، مستعدّ لأن يحتمل ضربة أليمة في ساحة بيته – قلب الضاحية في بيروت.
 
وتخلص إلى أن حزب الله قد يبحث عن الرّد، وقد يحاول عمل هذا بقدر. إذا استطاع، سيمسّ بمسؤول إسرائيلي على الحدود الشمالية أو الخارج، وربما يحاول إطلاق أداة دقيقة في هجوم مركّز على هدف في شمال البلاد. أمّا أساس قوته فسيُبقيها لفرصة أخرى على أمل ألا تأتي في الوقت القريب. وسواء أكان بسبب خوفه من تدمير لبنان، أو بسبب خوفه من الرّغبة الإيرانية بالحفاظ على حزب الله على سبيل الردع ضد هجوم على مواقع نووية، أو بسبب جملة الأسباب معاً، فإن خطاب أمس أفاد بأن نصر الله مردوع حتى أكثر ممّا قدّرت إسرائيل بداية.
الكلمات الدالة
إعلان

الأكثر قراءة

10/5/2024 12:51:00 AM
مع استعداد إسرائيل لشن هجوم على إيران بعد أن فاجأت الجميع بهجومها الخاطف على حزب الله في لبنان الشهر الماضي، يدور الآن حديث عن انزلاق لا مفر منه نحو حرب جديدة في الشرق الأوسط.
10/5/2024 1:01:00 AM
سجل المهاجم النرويجي لنادي مانشستر سيتي الإنكليزي إيرلينغ هالاند، ارتفاعاً ضخماً على مستوى القيمة السوقية خلال مسيرته الحافلة بالألقاب والإنجازات داخل الملاعب الأوروبية.