لا يزال الخرق السيبراني في مطار رفيق الحريري الدولي محط ترقب مع استمرار التحقيقات المكثفة التي تجريها الاجهزة الامنية منذ مساء الاحد بعد ظهور عبارات تحمل مضموناً للمناشير التي كان جيش الاحتلال الاسرائيلي يلقيها خلال عدوان تموز عام 2006 . فهل تأثرت حركة المطار، وهل الخرق داخلي أم خارجي؟
لم يقدم وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية اجوبة شافية للصحافيين الذين حضروا مؤتمره الصحافي امس في المطار. والسؤال الاكثر الحاحاً كان فحواه: مَن يقف خلف الخرق السيبراني لأجهزة الكومبيوتر؟ حمية ومن موقع الحريص على واجهة لبنان ومطاره الوحيد قدم التطمينات باستمرار عمل المطار كالمعتاد من دون أي معوقات او تأخير في الرحلات.
وامس عادت "الرسالة المهكّرة" لتظهر على شاشات المطار في قاعات الوصول والمغادرة قبل ان تعود الى العمل بشكل طبيعي عصراً.
لكن الاهم من ذلك يكمن في استمرار عمل المطار بشكل طبيعي على رغم اللجوء الى التفتيش غير الآلي للحقائب ووضع لائحة بمواعيد الرحلات المغادرة والقادمة بخطّ اليد في صالتي المغادرة والوصول. عدا ان أعداد المسافرين سجلت ارتفاعاً في العام الفائت وصل الى 13 في المئة حيث وصلت أعداد الوافدين الى 7 ملايين راكب مقارنة بـ 6 ملايين و250 الفاً عام 2022، ما يشي بأن المطار قد يكون في دائرة الاستهدافات الخارجية وهو اصلاً محط تهديدات مستمرة من العدو الاسرائيلي.
"التحقيقات متواصلة والامر معقد"
كثرة المحققين والتقنيين في المطار تؤكد ان الخرق الذي حصل كان كبيراً وغير متوقع وسط تسريبات عن توقيفات داخل المطار سرعان ما نفتها المرجعيات الامنية او على الاقل لم تكن دقيقة خلال الفترة الممتدة من لحظة حدوث الخرق حتى صباح امس، علماً ان التحقيقات أُجريت مع موظفين تقنيين في المطار، وهذا امر بديهي بحسب المصادر الامنية.
لكن هل توصلت التحقيقات الى تحديد مصدر الخرق؟
وزير الاشغال اكد ان "الاجهزة الأمنية تكمل عملها حتى تستطيع تحديد نوعية الخرق ومدى الضرر الذي أحدثه على الشبكة فضلاً عن مصدر الخرق".
حتى ظهر امس لم تكن الاجهزة الامنية قد حسمت نوعية الخرق او على الاقل لم تعلن ذلك، وهو ما كرره حمية مراراً امس بعبارة حول "ما اذا كان الخرق داخليا او خارجيا، لا يوجد عندي إجابة، والاجابة ستكون خلال أيام من قِبل الاجهزة الأمنية".
لكن الاهم ان حمية اكد ان 70 في المئة من الاضرار التي احدثها الخرق تمت معالجتها وذلك بعد "الإجراءات العملية من قِبل أجهزة التفتيش في قوى الأمن الداخلي في المطار ومن قِبل شركات الخدمة وجهاز أمن المطار، وكان العمل على قدم وساق حتى لا تتأخر اي رحلة جوية، وهذا ما حصل، واليوم كان هناك ما يقارب الثلاثة آلاف مغادر عبر المطار ولم يكن هناك اي مشكلة، وبطبيعة الحال فإن المغادرين لم ينتبهوا الى وجود خلية نحل من قِبل الاجهزة الأمنية والإدارية في الطابق السفلي في المطار والتي عملت على تسهيل عملية مغادرة المسافرين عبر المطار". واضاف: "بطبيعة الحال يوجد في لبنان الأمن السيبراني الذي اقرِّت إستراتيجية له خلال العام 2018". وطالب باصدار المراسيم اللازمة لتطبيق تلك الاستراتيجية.
اما عن التحدي الابرز فيكمن، بحسب حمية، في القيام بالاجراءات الجذرية وتأمين التمويل لها لكي لا يتكرر ما حدث وعندها يكون الامر آمناً بنسبة 99 في المئة.
أما ما لم يتم تحديده بعد فهو مصدر الخرق، ولا سيما ان الاجهزة في المطار موصولة حكماً بشبكة الانترنت.
بَيد ان المضمون الذي اورده مخترقو اجهزة المطار على الشاشات يشبه الى حد كبير عبارات تستخدمها تل ابيب للتحريض على "حزب الله" وكذلك لبث الفرقة بين اللبنانيين. هذه المعطيات تشي بأن من يقف خلف الخرق جهات معادية للبنان ومن باب اولى ان توجه اصابع الاتهام الى اسرائيل.
بعلبكي: الامن السيبراني من اهم عناصر الامن القومي
توصيف ما جرى في المطار والذي يعد غير مسبوق ويكاد يكون "الاعتداء الاكبر" على المطار منذ العدوان الاسرائيلي عام 1968، وعن ذلك الخرق يقول النقيب الخبير في الحوكمة الرقمية النقيب ربيع بعلبكي لـ"النهار" انه "علمياً في حال وصلت معلومات حركة الطيران من السيرفرات مباشرة على شاشة العرض فالاختراق سهل عبر الإنترنت، اما في حال تزويد شاشات العرض وموقع الانترنت من سيرفرات انترنت من داخل عمليات المطار عندها يصبح الخرق من فرد داخل المطار".
ويستغرب بعلبكي عدم تحقيق الجهات الأمنية مع الموظفين، على رغم الاختراق الذي حصل مرة ثانية امس.
وعزا ذلك الى "القدرة على زرع برنامج داخل سيرفرات الشبكة الداخلية وهو يعيد نفسه ويفعّل البرنامج من جديد، وفي هذه الحالة يحتاج الى وقت لتنظيف كامل الشبكة والسيرفرات، وانه تم فصل الانترنت عن السيرفرات، وهذا لا ينفي القرصنة الخارجية، ولكن يلغي اي هجوم آخر عبر الإنترنت".
وخلص الخبير في الحوكمة الرقمية الى ان "الأمن السيبراني هو من أهم عناصر الأمن القومي ولا يمكن الاستهانة بها (...)". ولا يستبعد ان يكون الموساد الاسرائيلي خلف الخرق لإحداث بلبلة داخلية في هذه المرحلة.