النهار

القيادي اليساري كريم مروّة يودّع الحياة... تاريخ نضالي سياسي وفكري
المصدر: "النهار"
القيادي اليساري كريم مروّة يودّع الحياة... تاريخ نضالي سياسي وفكري
كريم مروة.
A+   A-

تُوفي القيادي الشيوعي السابق، والكاتب كريم مروة، عن 94 عاماً، ونعاه عدد كبير من اليساريين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.

بقي مروّة في عضوية المكتب السياسي للحزب الشيوعي منذ عام 1964 حتى عام 1999.   

وُلد مروة في الثامن من شهر آذار، عام 1930، في بلدة حاريص في جنوب لبنان.

وفي منشور سابق عن سيرة حياته، يورد الآتي: "والدي هو الشيخ أحمد مروة رجل الدين والدنيا. تعلّمت من والدي، بعد ختمي للقرآن في كتّاب القرية، قيم الدين الإسلامي السمحاء، قيم الحرية والتسامح والاعتراف بالآخر واستخدام العقل. تحولّت منذ شبابي الباكر، في ضوء مطالعاتي في مجلة الهلال والرسالة والكاتب المصري ومجلة الطريق، وفي كتب وكتابات جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وأمين الريحاني وطه حسين وتوفيق الحكيم وجرجي زيدان وعباس محمود العقاد وكثرة من الكتّاب العرب، (تحوّلت) إلى مواطن لبناني عربيّ، وسمّيت نفسي قومياً عربياً.

وأعطيت لقوميتي صفة مختلفة عمّا كان سائداً عند الكثيرين من القوميين العرب، صفة ابتعدتُ فيها عن التمييز والتمايز مع القوميّات الأخرى؛ الأمر الذي جعلني من دون قرار محدّد أقرب إلى الشيوعيين منّي إلى القوميين العرب المعروفين، لا سيّما من أصدقائي ومن أساتذتي. وكانت في أساس قوميّتي تلك وطنيتي اللبنانية ومشاعري القومية العربية.

وصارت فلسطين بحكم قرب قريتنا من شمال فلسطين، وفي ذلك التاريخ، ومع العلاقة الوطيدة بين أهل بلدتنا وأهالي المدن الفلسطينية، جزءاً من وجداني. أرسلني والدي في أواخر عام 1947 إلى مدينة بغداد لمتابعة دراستي الثانوية برعاية ابن عمّي المفكّر التراثي حسين مروة، حيث تعرّفت إلى عدد كبير من مثقفي العراق، كان في مقدّمهم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري.

في ذلك التاريخ، وفي أعقاب وثبة الشعب العراقي ضد معاهدة بورتسموث المعروفة التي أسقطتها الوثبة، وفي أعقاب الحرب العربية في فلسطين لمنع قرار التقسيم، والهزيمة التي مُنيت بها الجيوش العربية، قرّرت أن أنتمي إلى الاشتراكية بصفتي الآنفة الذكر كوطنيّ لبناني وقومي عربي.

كان ذلك القرار من قبلي احتجاجاً على الهزيمة وعلى تضييع فلسطين، إذ ألحقت البلدان العربية بعد الهزيمة الضفة الغربية بالمملكة الأردنية، وقطاع غزة بمملكة مصر.

وساهم في قراري هذا، إلى جانب ما أشرت إليه، انبهاري بالإنجازات التي حقّقها الجيش السوفياتي في الحرب العالمية الثانية من إسقاط النظام النازي في ألمانيا والنظام الفاشي في إيطاليا.

عندما عدت إلى بيروت بعد عامين من دراستي في بغداد، استكملت دراستي الثانوية، ثم انتسبت إلى الجامعة اللبنانية في عام 1952، في فرع الأدب لعام واحد. وانتخبت نائباً لرئيس الرابطة الطلابية بصفتي شيوعياً، قبل أن أنتسب إلى الحزب الشيوعي، ثمّ انتسبت إلى الحزب بعد ذلك، وكلّفت على الفور بالمسؤولية عن التنظيم الطلابي في الحزب.

كُلّفت عام 1953 بقرار من الحزب بأن أتقدّم للامتحان النهائي في الجامعة للذهاب إلى مدينة بودابست لتمثيل الشبيبة العربية في قيادة اتحاد الشباب الديموقراطي العالمي.

شاركت في تنظيم بعض المهرجانات العالمية للشباب والطلاب، التي كانت من أرقى ما عرفته من نشاطات ثقافية ورياضية ولقاءات صداقة بين شبيبة العالم.

بعد عودتي من بودابست، كلّفت في مطلع عام 1962 من قبل حركة السلم اللبنانية بتمثيل حركات السلم العربية في قيادة مجلس السلم العالمي، الذي كان مقرّه في مدينة فيينا عاصمة النمسا.

وخلال وجودي في هاتين المنطقتين العالميّتين، زرت العديد من البلدان في شتّى بقاع الأرض للمشاركة في مؤتمرات وندوات ومهرجانات للسلم والصداقة والدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها. وأتاحت لي مشاركتي في تلك المهمات التعرّف إلى العديد من المثقفين الكبار من البلدان التي زرتها، كما التقيت بالعديد من قادة الدول ومن قادة الأحزاب من كلّ الاتجاهات. ونشأت لي بمن التقيت بهم من هؤلاء علاقة صداقة استمرّت طويلاً، وكانت موضع اعتزاز بالنسبة إليّ.

إلا أنّ ما يهمّني أن أتذكّره وأذكِّر به أنني في عام 1966، وكنت قد أصبحت عضواً قيادياً في الحزب الشيوعي اللبناني، أطلقت مع الرفيق جورج حاوي وعدد من رفاق جيلنا في قيادة الحزب ما اعتبرناه ثورة غير مسبوقة في الحركة الشيوعية العربية. كان الهدف منها تأكيد استقلالية حزبنا عن الاتحاد السوفياتي في تحديد السياسات الخاصّة بالشأن اللبناني والشأن العربي، مع البقاء في الأممية الشيوعية برئاسة الحزب الشيوعي السوفياتي. واجهتنا في تلك الثورة تدخّلات فظّة من قبل الاتحاد السوفياتي لم تمنعنا من متابعة النضال لتحقيق الهدف المبتغى من تلك الثورة.

وانتصرنا، وتكرّس انتصارنا في المؤتمر الذي حدّدناه في صيف عام 1986، في الوثائق الجديدة التي أقرّها المؤتمر. ووضعنا في تلك الوثائق صبغة جديدة لاشتراكيّتنا تتّسم بالديموقراطية وبالقيم الإنسانية التي تُعبّر عنها الاشتراكية.

وفي نهاية الحرب الأهلية في لبنان، التي استمرت 15 عاماً، حاولت قدر إمكانياتي أن أمارس استقلاليتي، وأنا نائب الأمين العام للحزب الشيوعي، في التعبير عن أفكاري، بما في ذلك القراءة النقدية للتجربة الاشتراكية. وكان كتابي بعنوان "حوارات" تعبيراً عن القراءة وصولاً إلى القول بأن التجربة الاشتراكية العالمية كانت تمرّ بأزمة تهدّد بانهيارها. وقد ناقشني في أفكاري في الكتاب أربعون مثقفاً عربياً من جميع الاتجاهات. وقد صدر الكتاب في مطلع عام 1990. وناهز عدد كتبي الأربعين".

من مؤلفات الراحل:

الحزب الشيوعي اللبناني: سياسته وأهدافة – وُزّع مع جريدة المحرر اللبنانية - 1969
كيف نواجه الأزمة في حركة التحرر الوطني العربية – دار الفارابي – 1974
ماذا بعد حرب تشرين – دار الفارابي – 1974
المقاومة أفكار للنقاش – دار الفارابي – 1985
حوارات حول الاشتراكية والديموقراطية والقومية والدين – دار الفارابي - 1990
جدل الصراع مع إسرائيل وجدل السلام معها - 1994
الوطن الصعب والدولة المستحيلة – حوار بين كريم مروة وكريم بقرادوني – دار الجديد – 1996
حوار الإيديولوجيات - 1997
من ذاكرتي الفلسطينية – مجلة الطريق – 1998
نحو جمهورية ثالثة - دار الفارابي - 2002
كريم مروة يتذكر – حوار صقر أبو فخر – دار المدى - 2002
عشية أفول الأمبروطورية – دار الفارابي – 2003
جورج حاوي (بالاشتراك مع آخرين) – دار النهار – 2005
الفكر العربي وتحولات العصر – دار الفارابي – 2006
أزمة النظام العربي وإشكاليات النهضة – دار الانتشار العربي – 2006
الظاهرة العراقية – دار المدى - 2007
الشيوعيون الاربعة الكبار – دار الساقي - 2008
البحث عن المستقبل – دار الساقي - 2009
نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي – دار الساقي – 2010

 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium