شاب موضوع تلزيم إنشاء مبنى جديد للمسافرين في مطار بيروت Terminal 2 بـ"التراضي"، الكثير من الغموض والشوائب والتساؤلات والالتباسات التي أحاطت عملية التلزيم، إلى حدود التشكيك بوجود شبهات فساد.
اليوم، وبعد موجة ردود بشأن هذا الملف، وقبل دخوله إلى جلسة لجنة الأشغال العامة، سحب وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية فتيل هذه الأزمة، بتغريدة، عبر "تويتر"، قائلاً: "على الرغم من أهمية مشروع إنشاء المبنى الجديد للمسافرين، وعلى إثر الجدل القانوني الحاصل في البلد، ولأن الموضوع اتخذ منحى غير المنحى والهدف الذي نبتغيه، وحسماً للاختلاف الحاصل في وجهات النظر، أعلنها وبكل شجاعة بعدم السير بالعقد واعتباره وكأنه غير موجود".
جملة تساؤلات يطرحها المتابعون بشأن موقف وزير الأشغال، خصوصاً أنه لدى دخوله أعلن صراحة أنه تراجع عن الموضوع بناء لطلب "حزبه، أي "حزب الله". وبالتالي، هل بات مفهوماً أن لا شعرة تسقط من رؤوس مسؤولي هذه الحكومة إلا بإذن من "حزب الله؟ وهل تدار الدولة ومؤسساتها على طريقة "الساعة"؟
وفيما يمتنع ديوان المحاسبة عن إعطاء أي رأي قبل الاطلاع على الملف، أوضحت عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب غادة أيوب لـ"النهار" أنه "وفق ما فُهم من تغريدة وزير الأشغال علي حميّة أنه تمّ سحب العقد نهائياً بالشكل الذي كان معمولاً به، وأنّ أيّ تلزيم آخر اذا تمّ، سيكون وفق عقد جديد، وبالتالي ترى أيوب أن المطالبات بإيقاف هذا النوع من الصفقات نجحت ويجب إعادة النظر للتدقيق بكيفية إجرائها ومدى احترامها للقوانين".
وأضافت: "بات لزاماً على ديوان المحاسبة التدقيق، بكل العقود التي تمت وفقاً لقانون "رسوم المطارات" ومدى مراعاتها للدستور والقوانين ولمبادئ المناقصات، وما اذا أدت إلى هدر في المال العام، وبالتالي، ما حصل اليوم فتح باباً في اتجاه المراقبة والشفافية والمساءلة، علماً أن وزير الأشغال أعلن صراحة في جلسة الأشغال النيابية اليوم أنه سيرسل كل العقود السابقة إلى ديوان المحاسبة لمزيد من الشفافية".
ونوهت أيوب بالدور الذي قامت به وسائل الاعلام والرأي العام والكتل السياسية، في إطار الضغط لمعرفة خلفيات هذا المشروع في مطار بيروت، وقالت: "نحن بانتظار تقرير ديوان المحاسبة لنبني على الشيء مقتضاه".
ورداً على سؤال، استغربت أيوب السبب في إخفاء العقد، وعدم الكشف عن طبيعته القانونية، ووفق أي نظام تم التلزيم، مؤكدة أنه حتى ولو كان العقد وفق الـBOT أو نظام الامتياز، فهو مخالف للقانون، استناداً إلى المادة 89 من الدستور اللبناني، التي تنص على أنه "لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود"، وبالتالي العقد الذي تم إبرامه لمدة 25 عاماً يتطلب قانوناً من مجلس النواب ولا يمكن للحكومة ولا للوزير أن يبت به.
واعتبرت أن القانون الذي لجأ إليه وزير الأشغال الصادر عام 1974 وعلى أساسه تم القيام بعدة تلزيمات لمساحات مكشوفة داخل المطار، يتضمن موادّ غير صالحة، بعد صدور قانونين من بعده، قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وقانون الشراء العام، الذي أبطل أي نصّ آخر يتعارض مع مبدأ شفافية المناقصات والمزايدات عبر هيئة الشراء العام.
من هنا، دعت أيوب للكشف عن هذا العقد لمعرفة مدى شفافيته وكيفية إجراء المناقصة. لكن المستغرب، بحسب أيوب، لماذا تراجع الوزير عن هذا الإجراء قبيل دخوله إلى جلسة لجنة الأشغال، طالما هو واثق أنه اتبع كل الإجراءات القانونية، إذ كان من المفترض أن يدافع عمّا قام به بكل ما أوتي من قوة وحق".
لكن ترى أيوب أن ما حصل أن هناك عدة مراحل قانونية لم تُتبع، ويتم إصلاحها اليوم، كالعودة إلى ديوان المحاسبة والوقوف على رأيه، واللجوء إلى هيئة الشراء العام، مؤكدة في المقابل رفضها التام للنهج الذي تدار به الدولة ومؤسساتها.