يقوم الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين بحراك ديبلوماسي في اتجاه المسؤولين اللبنانيين في ما خص مستقبل الملف اللبناني ومن ضمن ذاك مصير الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل. ولن يكون "حزب الله" بعيداً عن هذا الحراك وإن بصورة غير مباشرة وفقاً لمصادر ديبلوماسية دولية.
تنطلق الإدارة الأميركية في سعيها المتجدّد في موضوع لبنان من ارتياحها حتى الآن لأداء الحزب غداة حرب غزة، إذ سُجّل بحسب المصادر تلقفه غير السلبي للمطالب الدولية بدءاً من مساهمته الفاعلة في عدم توسيع الحرب وشمولها لبنان. ثم في عدم عرقلة التجديد لولاية قائد الجيش العماد جوزف عون، ثم في غضّ النظر عن الرد القاسي على اغتيال إسرائيل لنائب رئيس حركة حماس صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية. كذلك في إرسال رسائل انفتاح على تسوية ملفات لبنان العالقة مع إسرائيل.
وتقول المصادر، إن هناك معطيات يجب التوقف عندها ومن شأنها إذا ما تعززت، أن تؤسّس لمرحلة جديدة في التنافسية -"التشاركية غير المباشرة" بين واشنطن وحليف إيران في لبنان.
أولى هذه المعطيات، أن الحزب، وفقاً للمصادر، غير مستعدّ لأن يخسر الداخل اللبناني تماماً من جراء أي تفكير بالمشاركة في حرب غزة وتوسيع نطاقها. وهو يدرك تماماً أن أي منحنى يوصل الى ذلك سيكون محط رفض داخلي عارم، ليس لأن اللبنانيين وبقيّة الأفرقاء لا يريدون نصرة أهالي غزة، بل لا يريدون مزيداً من الانهيار والمآسي في وقت إذا حصل فيه ذلك فلن يفيد القضيّة الفلسطينية بشيء لأن المسألة أكبر من قرار اللبنانيين وحدهم.
كذلك، إن الحزب لا يتمتع بلسان حال ديبلوماسي على المستوى الدولي والعالمي، إذ إن السلاح وحده غير كافٍ لتأمين الانتصار الفعلي. كما أن الحكومة اللبنانية التي تواجه ضغوطاً دولية لا يستهان بها لم تعلن أنها وراء الحزب في أي قرار يتخذه بل إنها في كل الاتصالات تشدّد على أن القرار ليس في يدها وأنها تريد تنفيذ القرار الدولي 1701 وأنها تحترمه.
ثم إن هناك اعتقاداً لدى المصادر، بأن "حماس" وقياداتها باتوا عبئاً على الحزب وبالتالي لن يقوم بأيّ معركة من أجلهما. بل على العكس، سيقوم الحزب بالتحضير لمرحلة التفاوض المرتقب في المنطقة والمتوقع غداة انتهاء حرب غزة وقد يكون ذلك في الربيع المقبل أو في مطلع الصيف. والتحضير لذلك يعني حجز مقعد له على الطاولة التفاوضية من خلال الاستعدادات التي ترد الدول وفقاً للرسائل السياسية التي يطلقها. وهو يريد أن ينقل نفسه من لاعب محلي وإقليمي الى لاعب دولي، بدل أن يدفع أثمان الغرق في الاستمرار في مواجهة المجتمع الدولي.
وانطلاقاً ممّا تعتقده المصادر، في هذه النقطة تحديداً، يريد الحزب قدر المستطاع إبعاد كأس تنفيذ القرار ١٧٠١ الى أطول فترة زمنية ممكنة وكسب وقت أمام ذلك، من خلال التلقف غير السلبي لبعض المطالب. كما أنه في هذا المجال يسعى لإبعاد استهدافه دولياً على غرار استهداف "حماس"، وخوفاً من انتقال الدور إليه يلجأ لتجنب الانجرار الى الحرب مهما كان الثمن.