النهار

تدريب من "النهار" لحماية الصحافيين... لقانون دولي يحمي من دون التباس
المصدر: "النهار"
تدريب من "النهار" لحماية الصحافيين... لقانون دولي يحمي من دون التباس
من جلسة التدريب. (حسام شبارو)
A+   A-

نظّمت صحيفة "النهار" Masterclass خاصّاً لتدريب الصحافيين على إجراءات السلامة خلال تغطية النزاعات والحروب، بعد تزايد الهجمات على الصحافيين، ما أعاد الى الواجهة الحاجة إلى إقرار قانون دولي شامل يتناول بشكل خاص سلامة وأمان الصحافيين العاملين في المناطق الخطرة. وفي هذا الإطار، أطلقت "النهار"عريضة تدعو إلى تبنّي قانون دولي يحمي الصحافيين ويدين المعتدين عليهم من دون أيّ التباس.
وافتتحت رئيسة مجلس إدارة جريدة "النهار" نايلة تويني الجلسة التدريبية التي بُثّت مباشرةً عبر منصة "يوتيوب"، بشرح الهدف من حملة "النهار": "هدف هذا الحدث، مع الذكرى الـ18 لاستشهاد جبران تويني، بالتزامن مع الحرب الدائرة في فلسطين، لكن أيضاً الحروب التي اندلعت في المنطقة والعالم، والتي عرّضت الصحافيين للخطر، وضع أطر لحمايتهم، فهم ليسوا طرفاً في هذه الحرب وإنّما رسالتهم تغطيتها". وشكرت الشركاء في "ايمباكت.بي.بي.دي.أو"، مؤكدة على استمرار "النهار" في خوض معارك حماية الصحافيين و نشر الوعي.
 
من الجلسة. (حسام شبارو)
 
وزير الإعلام
وكانت مداخلة لوزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري أكّد خلالها أنّ "الحرب الدائرة في غزة كانت قاسية جداً ولا سيما على الصحافيين، ففي فلسطين، للمرة الأولى في التاريخ، يُستشهد هذا العدد الكبير من الصحافيين الذي وصل إلى حوالي 110 خلال تأديتهم واجبهم الصحافي، ولن ننسى أيضاً الصحافيين اللبنانيين الذين اغتالهم الجيش الإسرائيلي في لبنان".
وكوزارة إعلام، بحسب مكاري، "عقدنا جلسات مكثفة مع الجيش اللبناني والصليب الأحمر وقوات اليونيفيل لدرس إمكانية حماية الصحافيين وتأمين عملهم بشكل جيد وشفاف في الجنوب".
وأضاف أنّه "كانت هناك أفكار لإيجاد نقاط تجمّع للصحافيين في الجنوب، كمناطق محميّة من اليونيفيل، لكن أثير الجدل حول خطورة اعتبار الصحافي الذي لا يكون في التجمع هدفاً"، مؤكّداً وجوب تطبيق السلامة الشخصية للصحافيين والصحافيات والتزوّد بالخوذة والسترة الواقية وتوفير الضمان والتأمين للصحافيين المراسلين، وأن يتدرّب الصحافي على تغطية الأحداث، "وقد أجرينا بعض الدورات بالتعاون مع الصليب الأحمر للتعلّم على الإسعافات الأولية وهذا الأمر ينقذ الأرواح".
أمّا بالنسبة إلى اغتيال الصحافيين في لبنان فقال مكاري "إنّنا رفعنا الصوت والإدانة، وراسلنا وكالات "رويترز" و"أ ف ب" للمطالبة بتحقيق شفّاف، وصدرت أربعة تحقيقات متشابهة باتهام إسرائيل بشكل مباشر بقصف نقطة الصحافيين في لبنان".
 
من الجلسة. (حسام شبارو)
 
اللجنة الدولية للصليب الأحمر
وقدّمت المستشارة القانونية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتول عشي مقاربة قانونية دولية لحماية الصحافيين، وارتكزت على حماية الصحافيين في القانون الدولي الإنساني وهو قانون يطبَّق في النزاعات المسلحة أو "قانون الحرب"، ويوفّر الحماية للصحافيين خلال ممارسة مهنتهم.
ويحذر القانون من استهداف الصحافيين باعتبارهم مدنيين. ويقسّم الصحافيين إلى ثلاثة أنواع: مستقلين، مراسلي حرب، وصحافي عسكري.
النوع الأول يُعدّ مدنياً ويستفيد من نفس حماية المدنيين. والنوع الثاني يُعدّ مدنياً لكنه معتمَد لدى القوات المسلحة بتصريح صريح وإذا جرى اعتقاله فهو محميّ بوصفه أسير حرب. والنوع الثالث له حق المشاركة في الأعمال العدائية وهو هدف عسكري مشروع وإذا ما اعتقل، يكون أسير حرب.
ويقوم هذا القانون على ثلاثة مبادئ أساسية هي التمييز، التمييز بين الأشخاص المدنيين والمقاتلين. التناسب، الذي يحذر من شنّ هجوم من المحتمَل أن يسبّب خسائر عرضية، وتتحمّل الفرق الصحافية على عاتقها مسؤولية أيّ خطر يصيبها إذا ما تقدّمت أكثر من اللازم من الوحدات العسكرية المعادية. والاحتياطات، أي على جميع أطراف النزاع التأكّد من أنّ الهدف هو هدف عسكري، وعند الشك يصبح الاستهداف غير مشروع.
وبحسب عشي، "حماية الصحافيين بمقتضى هذا القانون تُعدّ حماية شاملة لأنّها ساوت الصحافي بالمدني، لكن المشكلة تقع في عدم تطبيقه لا في نقص قواعده".
 
من الجلسة. (حسام شبارو)
 
ريما مكتبي
وروى صحافيّون متميّزون تجاربهم في التغطية الحربية، كانت أولهم الصحافية والمراسلة الحربية البارزة ريما مكتبي التي أكّدت أنّ "هناك حاجة كبيرة للحديث عن حماية الصحافيين بعد الأعداد الكبيرة التي سقطت منهم في غزة في الحرب الراهنة، وحماية الصحافي أمر في غاية الأهمية فهو الشاهد على الحقيقة، لكن لقب الصحافي لا يؤمّن له الحماية ولا التميّز عن غيره من المواطنين".
واعتبرت مكتبي أنّ "الحماية الوحيدة التي يتحلى بها الصحافي في مناطق نزاع كغزة وأوكرانيا هي التجربة والفهم والوعي وتقييمه الذاتي لنقل الخبر دون خوض الخطر. إضافة إلى أنّ الأذى الذي قد يلحق بالصحافي ليس فقط أذى جسدياً بل أيضاً نفسي يلاحقه لسنوات بعد التغطيات الحربية". كما من الضروري حماية الصحافيين من التنمّر الإلكتروني والقتل المعنوي.
 
من الجلسة. (حسام شبارو)
 
هشام زقوت
أمّا مراسل قناة الجزيرة في غزة هشام زقوت الذي واكب الحرب في غزة منذ بدايتها، فأوصل رسالة هامة قال فيها: "الاحتلال يسعى إلى استهداف الصحافيين وتهديدهم وقد عشنا في غزة حروباً عدة لكن هذه الحرب مختلفة بكل المقاييس، نحن نواجه حرب قتل وتدمير وتجويع وتشريد، والتجويع والتعطيش ليسا أقلّ من القتل والتدمير، ونحن من الناس الذين لا يجدون الطعام ولا الماء ونحن نعيش ظروفاً كارثية، إذ يلاحقنا الموت أينما كنّا".
وشدّد على أنّ "استهداف الصحافيين في غزه سمة هذه الحرب، وليس الصحافيين فحسب بل عائلاتهم أيضاً، وأطفالنا يدفعون ثمن نقلنا للحقيقة وكشفنا للعالم حجم الجرائم. قطعوا عنّا الاتصالات واستهدفوا مقارّ عملنا ولاحقونا في كل مكان نذهب إليه، ورغم كل هذا مستمرون في تعرية الاحتلال وكشف جرائمه وعلينا نقل الصورة وعدم التوقّف، إذ لم يبقَ لنا سوى هذا الصوت".
 
جورج مالبرونو
من جانبه، أشار المراسل الفرنسي الكبير جورج مالبرونو الذي كان قد اختطف في العراق، إلى أنّ "الصحافيين يدفعون ثمناً باهظاً في السنوات الماضية، منهم من قُتل ومنهم من سُجن وآخرون اعتُقلوا، والآن في حرب غزة قضى عدد كبير من الصحافيين الفلسطينيين. نحيّي مبادرتكم في هذا التدريب ومَن سجن أو قتل صحافيين عليه أن يُحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية عاجلاً أو آجلاً".
 
من جلسة التدريب. (حسام شبارو)
 
التأثير النفسي والعلاج
على مستوى التأثير النفسي لما قد يتعرّض له الصحافي خلال تغطية الحروب، تحدّث الدكتور خالد ناصر، الحاصل على دكتوراه في تأثير الصدمات النفسية لدى الصحافيين العرب الذين يغطون التوترات في الشرق الأوسط، بأنّ الصدمة الأولى التي يتعرّض لها الصحافي في إطار الحروب هي الاحتراق من ضغط العمل ووتيرته. والمرحلة الثانية هي الصدمة بالإنابة من قساوة المشاهد، بحيث تصبح نظرته إلى الحياة تشاؤمية ويفقد الثقة بالآخرين. أمّا المرحلة الثالثة فهي لدى تعرّض الصحافي مباشرة للأذى في الميدان، حينها قد يدخل في اضطرابات الصدمة التي تدمّره نفسياً.
ونصح ناصر الصحافيين بالخضوع لـ"صيانة" دائمة لكون عمل الصحافة بحدّ ذاته عملاً مضنياً للاستمرارية في العمل، عبر الاهتمام بالصحة الجسدية، والفصل بين العمل ووقت الراحة، والمواظبة على ممارسة الهوايات، بهدف المحافظة في نهاية المطاف على الصحة النفسية.
 
ملاحقة العدالة
من ناحيتها، رأت منسّقة تجمّع نقابة الصحافة البديلة ألسي مفرج أنّ "الصحافي يتأثّر أكثر من الأشخاص العاديين بما يرى، لذلك هو بحاجة إلى حماية". وكان جلّ تركيز التجمّع في الفترة الماضية على ملاحقة قضايا الزملاء الصحافيين الذين استُشهدوا خلال عملهم، و"نجحنا في تكريس نهج لكشف حقيقة جميع اغتيالات الصحافيين الذين قضوا في لبنان خلال هذه الحرب"، وذلك في خطى أولى عبر مراسلة الجهات الأممية المعنية وحثّها على التحرك، وقد راسلت الأخيرة الحكومة الاسرائيلية التي لم ترد، فقمنا بنشر الرسالة الأممية. وكشفت مفرج عن دراسة إمكانية رفع دعاوى على الضباط الاسرائيليين الذين أعطوا أوامر إطلاق النار في الجبهة الجنوبية، والتي أدت الى استشهاد الصحافيين. 
 
 
ايلي برخيا... الصحافي الجريح
وروى إيلي برخيا صحافي الجزيرة الذي أُصيب في جنوب لبنان، كيف تعرّض للإصابة في كتفه، فـ"يوم 13 أكتوبر صعب أن يُنسى". حينها اختار نقطة كاشفة للتغطية وانضمّ إليهم زملاء من "رويترز" و"أ ف ب"، وتحصّنوا باللباس الواقي والخوذ وكلمة "صحافة" ظاهرة على ملابسهم وسياراتهم وكانت الطائرات المسيّرة تحلّق فوقهم لمدة ساعة ونصف وعرفتهم تمام المعرفة. وقع صاروخ استُشهد على أثره عصام عبد الله. أجرى خمس عمليات لكتفه وحالياً "أنا في مرحلة العلاج الذي استغرق وقتاً وهو على مستويين جسدي وذهني، ولعلّ الجانب الثاني أصعب من الأول، علينا وعلى مَن حولنا".
 
نايلة خليل: الخوذة والسترة لا يحمياننا
إلى ذلك، أوردت الصحافية الفلسطينية ومديرة مكتب صحيفة "العربي الجديد" في الضفة الغربية نائلة خليل أنّ تدريب الصحافيين يكون على الجهوزية التامة لناحية ارتداء الخوذة والدرع الواقي وكمامة الوقاية من الغاز، وأهمّ عامل حماية هو فحص المكان الذي سيغطيه الصحافي.
وبحسب خليل، جميع التدريبات تكون فعالة في الأحوال الأبسط، مثلاً في حال الاقتحامات، لكن في ظل الحرب، يجب أن تكون حماية الصحافي مختلفة، فلباس السلامة المهنية لا يحمي الصحافي ولا سيارته من الاستهداف، لأنّ سلاح الجوّ لن يحميه من الاستهداف والاختراق، فلدى إسرائيل داتا جميع الأفراد في البلاد. واستشهدت بقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة برصاصة أصابت رقبتها رغم ارتدائها الدرع والخوذة.
مديرة برامج حماية الصحافيين في مؤسسة "سمير قصير" كريستال الحايك عرضت البرامج الأخيرة التي وفرتها المؤسسة، أوّلها التدريب على الإسعافات الأولية في البيئة المعادية لحماية السلامة النفسية والجسدية والرقمية لمساعدة الصحافيين على الاستعداد لأي تغطية.
كذلك أطلقت المؤسسة موقعاً إلكترونياً بالتعاون مع Green host، يتضمّن دورات تعليمية حول السلامة الرقمية باللغة العربية.


 

اقرأ في النهار Premium