النهار

ديوان المحاسبة يحسم النزاع بين وزير الاتصالات والعليّة في ملفّ الـA2P التلزيم لـ"إينموبايل" غير قانوني وفوّت 10 ملايين يورو على الخزينة
المصدر: "النهار"
ديوان المحاسبة يحسم النزاع بين وزير الاتصالات والعليّة في ملفّ الـA2P  
التلزيم لـ"إينموبايل" غير قانوني وفوّت 10 ملايين يورو على الخزينة
ديوان المحاسبة.
A+   A-
حسم ديوان المحاسبة برئاسة القاضي عبد الرضى ناصر والمستشارين جوزف كسرواني ومحمد الحاج النزاع بين وزير الاتصالات جوني القرم ورئيس هيئة الشراء العام جان العلية بخصوص تلزيم "تاتش" خدمة International A2P (خدمة تلقي العملاء لرسائل من التطبيقات العالمية)، وذلك بناءً على الإخبار الخطي المقدم من النائب ياسين ياسين والذي تلاه إخبار شفهي مقدّم من النائب إبراهيم الموسوي. وجاء "الحسم" في تقرير صادر عن الغرفة الثانية في الديوان التي بيّنت أن تلزيم شركة touch المجرى لمصلحة "إينموبايل" غير قانوني وفوّت على الخزينة العامة 10 ملايين يورو قياساً على ما هو معمول به في شركة alfa. وبنت الغرفة موقفها على جملة حيثيات منها أن عدد المشتركين في alfa أقل من عدد المشتركين في touch وأن ثمة ربحاً فائتاً، وكان ينبغي على الوزير أن يوقف العقد الموقع ويعيد تلزيم المشروع. وخلصت الغرفة الى أن الشركة التي حصلت على التلزيم لا تتوافر فيها الشروط المطلوبة ومنها سنوات الخبرة الخمس في مجال A2P (لديها فقط 3 سنوات من الخبرة)، وأن لجنة التحقيق التي كلفتها touch كانت منحازة وتدخلت في تفسير خاطئ لدفتر الشروط بشكل غير قانوني، بما أدى إلى التعاقد مع شركة غير مؤهلة، فضلاً عن أن التلزيم كان يجب أن يجري بمزايدة واحدة.

ولخص الديوان أبرز مجريات هذه المزايدة كالآتي:
- دعوة الإدارة عدداً كبيراً من العارضين غير المؤهلين.

- تردد الوزير في إجراء مزايدة موحدة لشركتي الخلوي وإحجامه في نهاية المطاف عن ذلك، على الرغم من مصلحة الدولة الأكيدة في توحيد المزايدة.

- استغراق إجراءات المزايدة مدة طويلة فاقت 17 شهراً أصبحت بنهايتها نتيجة المزايدة بحاجة إلى إعادة نظر.

- غموض والتباس في النتائج التي توصّلت إليها لجنة التحقيق في الاعتراضات، يدعو إلى الشك في مهنيتها ومصداقيتها لا بل في تواطئها لإنجاح العارض الرابح غير مستوفي الشروط، ولا سيما في ظل تعديها للدور المعطى لها في التحقيق واقتراحها تعديلات على دفتر الشروط تسهّل نجاح العارض الرابح في حال إعادة المزايدة.

- ممانعة الوزير إجراء دورة ثانية للمزايدة كان من شأنها تحسين الأسعار لمصلحة الدولة، لم يجد الديوان لها مبرراً.

- إرساء الالتزام على InMobiles مع علم الإدارة بأن الشركة غير مؤهلة ولا تتوفر فيها الشروط المفروضة بموجب دفتر الشروط.

- لا تبرير لإصرار الوزير على توقيع العقد مع InMobiles وتمسكه به مع تعديل بعض البنود المالية، رغم عدم توفر الشروط المطلوبة لدى الشركة الملتزمة، بدلاً من إلغاء المزايدة وإعادتها لما فيه خير المصلحة العامة.

- تلزيم تاتش الـA2P لشركة InMobiles وفقاً للكيفية المعروضة أعلاه يتعارض مع مبادئ المنافسة والشفافية والموضوعية وتكافؤ الفرص وهو لم يأت بالمردودية الأعلى للخزينة.

- ما قامت به الإدارة يؤدي بالفعل إلى خسائر مالية تتوزع بين فوائد المبالغ غير المدفوعة مسبقاً البالغة /285.850/ يورو وأخرى نتيجة اعتماد الحد الأدنى للرسالة النصية والبالغة /1.005.000/ يورو.

- سوء إدارة للوقت وعدم استثماره بالطريقة الفضلى لما للوقت من قيمة مالية وأهمية بالغة في عملية تلزيم القطاعات الاقتصادية والمرافق الحيوية.

وحرصاً من ديوان المحاسبة على رفد الخزينة بالإيرادات العامة، تبنّى الديوان التوصيات الواردة في فقرة الخلاصة والتوصيات من تقرير رئيس هيئة الشراء العام رقم 4 تاريخ 25/9/2023 لقانونيتها وموضوعيتها وانسجامها مع المنطق السليم لإدارة الأموال العمومية، وطلب من الإدارة التقيد بها وتنفيذها دون إبطاء لما للتأخر في تنفيذها من أضرار فادحة على المال العام.

وبناءً على كل ما تقدم، وباعتبار ديوان المحاسبة محكمة إدارية تتولى القضاء المالي وتقوم بتقدير المعاملات المالية ونتائجها العامة على الخزينة في إطار احترام مبادئ الموضوعية والشفافية وتكافؤ الفرص فقد تبيّن للديوان أن المسار المتبع من قبل الإدارة في هذه المزايدة يظهر غياباً للرؤية وإمعاناً في ضرب قواعد الشراء العام وإهمالاً وتردداً، لا بل تخبطاً، لا مبرر له، إلا إن كان الهدف الحقيقي هو إرساء الالتزام على شركة معيّنة هي شركة InMobiles، مهما كان الثمن، quelque soit le prix، وليس اتباع خطوات مدروسة وشفافة للمحافظة على المال العام.

إن الإقدام على تغيير مندرجات دفاتر الشروط مراراً وتكراراً دون مسوّغ شرعي يضرب سمعة ومصداقية لبنان ويزعزع ثقة العارضين المحتملين، ولا سيما الشركات الأجنبية، بشفافية آلية الشراء العام فيه وهو أمر لا يجوز التفريط به إطلاقاً مهما كانت الظروف والأسباب.

وبناءً على ذلك، أوصى الديوان وزارة الاتصالات بالابتعاد عن الارتجال عند تلزيم مواردها البلاد الاقتصادية والقيام دوماً بوضع مخطط واضح يدعم بدراسات جدوى مالية تبيّن مصلحة الإدارة، ومراعاة قواعد الحوكمة الرشيدة القائمة على الشفافية والموضوعية والثبات إضافة الى وضع الخطط الضرورية لإدارة المشاريع التي تحدّد من خلالها أهداف الأعمال المنوي إنجازها وتحديد خريطة الطريق للوصول إليها مع مراعاة المهل المعقولة لما للوقت من أهمية وقيمة مالية في الميادين الاقتصادية.

وقرر إحالة التقرير الى الغرفة القضائية المختصة، والى النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة، وبواسطتها أيضاً الى النيابة العامة التمييزية للتحقيق في التجاوزات المبيّنة في متنه.

ووفق مصادر متابعة فإن تقرير الديوان في موضوع A2P إن دل على شيء، فإنما يدل على نهج عمل وزارة الاتصالات منذ فترة غير قصيرة، لكون التقرير الخاص بوزارة الاتصالات والصادر عن ديوان المحاسبة منذ سنتين وثّق ارتكابات ومخالفات من وزراء الاتصالات المتعاقبين أدّت الى هدر كبير في المال العام تم تقديره من الديوان بقيمة 6 مليارات دولار على فترة عشر سنوات، بدأت مع الوزير نقولا صحناوي الذي رفع الى مجلس الوزراء عقدَي الخلوي في عام 2012 ونقل بموجبهما المصاريف التشغيلية من عهدة الشركة المشغّلة الى الدولة اللبنانية، وبذلك استباح الوزير صحناوي والوزراء المتعاقبون بعده قطاع الخلوي، لجهة توظيف مئات الأشخاص في شركتي الخلوي برواتب عالية جداً دون حاجة فعلية لمعظمهم، الى مصاريف الرعاية والدعاية والدعم وغيرها من المصاريف التشغيلية ذات الطابع الزبائني.

وتضيف "هذا النهج القائم على تفادي الاستثمار في الشبكة، أي عدم إجراء مصاريف استثمارية Capex، والاكتفاء بالمصاريف التشغيلية Opex يُعدّ باباً من أبواب التنفيعات التي يقوم بها الوزير للتعاقد مع شركات خاصة بطرق ملتوية بهدف الإفادة المادية".

اقرأ في النهار Premium