أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، "أن حياد لبنان ليس فكرة جديدة أو مشروعًا مقترحًا، بل هو عودة إلى صميم جوهر الهويّة اللبنانيّة كما كانت عند نشأة لبنان سنة 1920"، مشيراً الى "أن لبنان منذ توقيعه "اتفاق القاهرة" سنة 1969 وكلّ ما تبعه من حروب حتّى يومنا، أصيب في صميم هذه الهويّة، وهو بالتالي مريض، علاجه المفيد العودة إلى الحياد" لكنّ "الجرثومة الأساسيّة المسبّبة لحروب لبنان، هي الإنحياز العقائدي والنضاليّ والعسكريّ إلى الصراعات الخارجيّة".
وقال في مداخلة في "ندوة بيروت الدولية 2024 - فكر الاعتدال وبناء الدولة"، التي نظمها "المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والاعلام" برئاسة العميد علي عوّاد في جامعة القديس يوسف: "الهدف من هذه الندوة تعزيز "فكرة الإعتدال من أجل بناء دولة ووطن في لبنان". نقرأ في ميثاق الإعتدال أنّ اللبنانيّين المؤيّدين للإعتدال يجدون فيه السبيل لإنقاذ لبنان من محنه المصيريّة وأزماته، ويدعون الى توحيد الجهود لتعزيز سيادة الدولة اللبنانيّة على كلّ أراضيها، ورفض أيّ تدخّل خارجيّ في الشؤون الداخليّة والخارجيّة مباشرة أو بالواسطة، ومن أجل قيام دولة القانون والمؤسّسات وإجراء الإصلاحات البنيويّة".
وشدد على "أن الحياد في لبنان لا يستقيم ما لم يتحصّن بأخلاقيّة تضامنيّة، تجيز للدولة اللبنانيّة والمواطنين مناصرة قضايا الحقّ والعدالة وحقوق الإنسان والشعوب في الشرق والعالم. وهكذا الحياد اللبنانيّ لا يقيم جدارًا بين لبنان ومحيطه العربيّ والعالم. فهو لا يعني الإستقالة من الجامعة العربيّة و"منظّمة المؤتمر الإسلاميّ" والأمم المتّحدة، بل يفعّل دوره فيها كلّها وفي غيرها، ويجعله شريكًا في إيجاد الحلول عوض أن يبقى ضحيّة الخلافات والصراعات. وبديهيّ أنّ اعتماد الحياد فيما يدافع عن القضيّة الفلسطينيّة سياسيًّا وديبلوماسيًّا، فهو يواصل التصدّي للتوطين الفلسطيني على أرض لبنان(...)
وخلافًا لـما يتوهّم البعض، الدولة الحياديّة ليست بالضرورة ضعيفة أو مستضعفة. ثمّ لا حياد من دون سيادة واستقلال وأمن وحريّة. وحين تمتنع دولة محايدة عن القيام بأمر ما، فلأنّ لا مصلحة لها فيه".
وأضاف: " لئلّا يساء فهمنا، يجب التوضيح أنّ موقف لبنان الرسميّ هو :
- أنّه "من غير الممكن أن يكون حياديًّا إزاء ثلاثة: إزاء إسرائيل، وإزاء الإجماع العربيّ، والتمييز وبين الحقّ والباطل.
- أنّه "ملتزم اتفاق الهدنة لعام 1949، الذي لايزال ساري المفعول وفقًا لما أكّدته قرارات مجلس الأمن المتتالية، ريثما يجري استبدالها بنصّ آخر وإيجاد حلّ عادل وشامل للنزاع العربيّ - الإسرائيليّ.
- أنّه "ملتزم قرارات مجلس الأمن ولا سيما منها القرار 1701 (11 آب 2006).
- أنّه "مقيّد بالمادّة 65 من الدستور - البند 5 الذي يحفظ لمجلس الوزراء إعلان الحرب والسلام بموافقة ثلثي أعضائه".
وذكر بـ"أنّ حكومة الإستقلال سنة 1943 أعلنت إلتزام لبنان "الحياد بين الشرق والغرب"، وبأنّ أعمال ميثاق جامعة الدول العربيّة (1945) إعتبرت "لبنان دولة مساندة وليس دولة مواجهة"، وبأنّ "إعلان بعبدا" في عهد الرئيس العماد ميشال سليمان بتاريخ 11 حزيران 2012 الذي جرت الموافقة عليه بالإجماع تضمَّنَ بوضوحٍ عبارةَ "تحييدِ لبنان". وأُرسِلَ إلى الأمم المتَّحدة، وجرى توزيعه كوثيقةٍ رسميَّةٍ".