"لبنان أولوية لفرنسا"، هذا ما ردّده السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفي ماغرو على مسمع طلاب الجامعة اليسوعية في جلسة نقاش سياسية، اجتماعية، اقتصادية اعتُبرت بمثابة استجواب بشأن مصير لبنان ومساهمة فرنسا في مساندته. وأحيط ماغرو بالجيل الجديد المستعد لطرح جميع الأسئلة، بدءاً من التحقيقات الدولية في قضية انفجار المرفأ، وصولاً الى الاستحقاق الرئاسي وتطبيق القرار 1701، فما كان رأي السفير الفرنسي td التطورات في لبنان؟
أكّد ماغرو أن لبنان يشكل بوابة دخول لفرنسا إلى المنطقة، إلى جانب العلاقة الوثيقة التي تجمع البلدين والتي تتجلى سواء في الثقافة أو اللغة. وأشار إلى "عدم حاجة المنطقة إلى مزيد من التوترات، فالتدمير سهل لكن إعادة البناء أصعب، وهذا ما أثبتته تجارب البلاد المجاورة. وبناءً على ذلك، فإن أولوية فرنسا هي عدم السماح للبنان بالانزلاق إلى حرب، بل العمل على الخروج من الأزمة المؤسسية".
أما بالنسبة لأسئلة الطلاب وإجابات السفير عليها فسئل في حال استُبعد "حزب اللّه" عن الحدود، كيف تضمن فرنسا سلامة لبنان، خاصة وأن الولايات المتحدة لم يعد بوسعها السيطرة على إسرائيل؟
أجاب :"الحفاظ على سلامة لبنان يشكل أولوية في استراتيجية فرنسا في الشرق الأوسط. قبل أسبوعين، زار وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه لبنان، وقدّم ورقة حل تضمنت اقتراحات لعدم التصعيد على الحدود. قسمت الورقة إلى ثلاث نقاط، منها عدم التصعيد، بالرغم من أن "حزب اللّه" هو الذي بدأ بالهجوم على إسرائيل، بغض النظر عما إذا كان هذا الهجوم مبرراً. فرنسا لا ترغب في أن يقوم الطرفان بحسابات خاطئة، ولا شكّ أن خطابات إسرائيل بشأن لبنان غير مقبولة، وفي المقابل، لا يمكن أن نتجاهل النداءات التي تدعو إلى إيذاء إسرائيل والهجوم عليها. الطرفان ينظران إلى الوضع بطريقة خطرة وغير مطمئنة، ولكن لا نتوقع اندلاع حرب. وإذا كان ذلك سيحدث، لكنا سحبنا مواطنينا من الأراضي اللبنانية. ومن هنا، يُعتبر عدم التصعيد النقطة الأساسية، بالرغم من أن الأمر لن يكون كافياً من دون تطبيق القرار 1701، والذي يُعتبر صلب الحلّ لأنه تم التوافق عليه من قبل الطرفين المتنازعين".
وأكّد أنّ"فرنسا تتمتع بالمسؤولية عن القرار 1701 في نيويورك ولها الشرعية في التدخل. فهي إلى جانب لبنان للعمل على خلق التوازن على الحدود، وذلك في ضوء العلاقات الوطيدة بين واشنطن وتل أبيب. ينبغي أن يكون أحد إلى جانب لبنان وليس ضده، ولهذا السبب تم وضع الورقة".
وسئل : سبعد انفجار الرابع من آب، زار الرئيس الفرنسي لبنان وأكّد للصحافة أنّ تحقيقاً دولياً شفافاً سيُجرى حتى لا يتم إخفاء الحقيقة، أين نحن من هذا التحقيق الموعود، وكيف تفسر دعم فرنسا لمرشح متهم بتعطيل التحقيقات؟
أجاب : من أجل إطلاق تحقيق دولي، يتوجب التوافق من الجميع. حالياً، هناك تقدم في التحقيق في فرنسا، ومن المحتمل أن نحتاج في وقت لاحق إلى معلومات من جهات لبنانية. هذا يمكن أن يؤدي إلى تعثر المسار، لكنه في الوقت الحالي يسير.
من ناحية التحقيق الدولي، من الصعب إعلانه في الوقت الراهن، اذ يتطلب التوافق الذي لم يتحقق بعد، وهو أمر معقد خاصةً مع قلة الدعم من بعض الدول".
أما بالنسبة للاستحقاق الرئاسي،فأوضح ان فرنسا اكدت مراراً وتكراراً أنه ليس لديها مرشح وهذا الملف يتم متابعته من قبل المبعوث الفرنسي للبنان جان إيف لودريان.
في هذا السياق، أكّد مصدر دبلوماسي فرنسي لـ"النهار" أنّ الورقة التي قُدمت لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليست تفاوضية، بل هي بغاية إظهار للطرفين أنّ الحلّ الدبلوماسي ممكن، خصوصا ان الطرفين يتصرفان من منطلق عسكري. لذا وضعت فرنسا ورقة نقاش لفتح خيار الدبلوماسية. وأشار المصدر إلى أن فرنسا لا تنتظر جواباً، ولا تزال في مرحلة ما قبل التفاوض أو "جسّ النبض". ومن هذا المنطلق، يمكن للسلطة اللبنانية أن تبحث في الحلول الدبلوماسية، بهدف ربح الوقت في المشاورات قبل تطور التحركات العسكرية. وتضمنت الورقة نقطة إضافية وهي اقتراح لجنة رباعية، تشمل فرنسا، الولايات المتحدة، والطرفين اللبناني والإسرائيلي، لمواكبة المسار التفاوضي على النقاط الـ 13 بالخط الأزرق. ولا شكّ أن الأفكار الفرنسية ليست "منقوشة في الحجر"، بل وُضعت لتُناقش من قبل الطرفين ولإيجاد أرضية مشتركة للتفاوض في المستقبل، دون الخروج عن نطاق القرار 1701.
فإن دور فرنسا هو تقديم المساعدة والدعم والتشديد على أهمية انتخاب الرئيس، سواء لأسباب داخلية لبنانية أو دوافع دبلوماسية لتمثيل لبنان في المنتدى الدولي.
وأكد المصدر أن فرنسا ترحب بجميع المبادرات الداخلية التي تساهم في تقدم بلورة المسار الرئاسي، بما في ذلك مبادرة كتلة الاعتدال الوطني. وأشار إلى أن زيارات جان إيف لودريان أسهمت في بدء المشاورات قبل الحوار، وذلك من خلال الجلسات المتتالية لانتخاب الرئيس.