النهار

هل يلاقي حراك الداخل الرئاسي الخارج لإتمام صفقة شاملة؟
اسكندر خشاشو
المصدر: "النهار"
هل يلاقي حراك الداخل الرئاسي الخارج لإتمام صفقة شاملة؟
الاعتدال الوطني في معراب.
A+   A-
حرّكت مبادرة كتلة الاعتدال الوطني الجمود السياسي والرئاسي السائد منذ اندلاع الحرب في غزة، وفتحت ثغرة في الجدار الصّلب، بعد التجاوب الذي حصدته من قبل بعض الأفرقاء، خصوصاً المسحيين كالقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
 
في الواقع تحمل مبادرة الاعتدال الوطني عدداً من مفاتيح النجاح إن تمّ الالتزام بالإطار العام، كما تحمل عدداً من أدوات التفجير في تفاصيلها. ولكن في الوقت نفسه لا يمكن فصلها عن إطار عمل اللجنة الخماسية وطروحاتها.
 
فقد كشفت أكثر من جهة سياسية أن موفد الرئيس الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان تداول بنفس الأفكار التي تطرحها الكتلة، وأهمّها جلسات تشاور تسبق جلسة انتخابات مفتوحة، قبل أن يتم تجميد عمله منذ بداية الحرب. أما الأمر اللافت الآخر فهو أن الكتلة انطلقت بمشاوراتها بعد اجتماعات اللجنة الخماسية برئيس مجلس النواب نبيه بري، والتأكيد على توحيد المواقف في ما بينها.
 
وبالرغم من نفي وجود طرف خارجي خلف المبادرة، فإن المعلومات المتوافرة تُشير إلى أن هناك إيحاءً عربيّاً دفع كتلة الاعتدال، التي أبقت نفسها بعيدة عن الاصطفاف الموجود، إلى القيام بهذا الدور، بالإضافة إلى أن تسويق الطرح عبر كتلة نيابيّة، لا عبر السفراء، يجعل الأمر أكثر تقبّلاً لبعض الأفرقاء اللبنانيين، ولا يوحي بأنّه حلّ خارجيّ ينفر منه "حزب الله".
 هذا بالإضافة إلى أن الطرح ليس بعيداً عمّا تقدّم به الرئيس بري في احتفال ذكرى تغييب الإمام الصدر، مع استبدال كلمة حوار بـ"تشاور"، ليدعو بعدها إلى جلسات نيابية مفتوحة تنتج رئيساً.
مع الإشارة إلى أنه لا يمكن فصل الموافقة الفورية وغير المشروطة لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عن هذا الترابط.
 
لكن تخوّفاً برز في الأيام الأخيرة من أن يكون حراك الداخل مترافقاً مع حراك خارجيّ لإتمام صفقة شاملة، تشمل الحدود والرئاسة في سلة واحدة، وتكون على حساب أطراف معارضة لانتخاب الوزير السابق سليمان فرنجية، خصوصاً الأطراف المسيحية المتمسّكة بهذا الرفض.
 
في السياق، ترفض مصادر "القوات اللبنانية" الربط بين المبادرة التي وافقت عليها من دون تحفظ وبين ما يجري على صعيد الجنوب، بدليل الموافقة السريعة لرئيس الحزب عليها، والتي يمكن وضعها في الإطار الدستوري، وهي جلسات متتالية تؤدي إلى انتخاب رئيس. وتضيف "لاشيء اسمه حوار إنما تداع للكتل للتشاور بين بعضها البعض بعد الانقطاع، مع وعد بأن مَن يشارك في هذا التشاور يلتزم بعدم الانسحاب، بدليل أن "حزب الله" لم يستقبلهم حتى الآن".
 
وتلفت إلى أن طرح المبادرة، من حيث الشكل، من قبل كتلة وسطيّة، لم تأخذ موقفاً سابقاً من أيّ مرشح رئاسي، وتؤكد على المشاركة في جلسات الانتخاب، يعطيها نوعاً من الجديّة، ويفتح التنافس الانتخابيّ للوصول إلى رئيس.
 
وتكشف أن هناك ضمانات من "الخماسية"، ومن دول أخرى، بعدم ربط ما يجري في الجنوب والتفاوض عبره برئاسة الجمهورية، بل هناك فصل تام، لافتة إلى أن  جميع المحادثات أو المفاوضات بما يختص بجبهة الجنوب يجب أن تندرج تحت سقف الـ1701، ولا مجال للعبث بهذا الموضوع، ولا الدول أو الوسطاء يرضون بغير ذلك. وفي أسوأ الأحوال، وفي حال جرى الربط بين الرئاسة ومفاوضات الجنوب، فهل ستجد طريقها إلى الترجمة، وكيف؟ "سبق أن جرّبونا ورفضنا مبادرة فرنسية وحاربناها ووقفنا سداً منيعاً بوجهها، وهذا ما سنفعله ومتفقون عليه".
 
وتختم مصادر "القوات" بالقول: "يجب أن يكون هناك حدّاً أدنى من التوافق في البلد، ولا يمكن القفز فوق كتلة كبيرة وطنية بهذا الشكل، وإلّا فإن حال المراوحة ستستمر وكذلك الانهيار. هم يحكمون البلاد منذ أكثر من 4 سنوات لوحدهم، فإلى أين وصلنا؟ لذلك، من يُرد فعلاً الحلّ عليه الوصول إلى صيغة توافقية، وفق معايير واضحة للرئاسة الأولى والثالثة، مرتكزها إعادة بناء الدولة".
 
أما بالنسبة إلى الكتائب، فلا تخفي مخاوفها من صفقة أو تسوية تكون على حساب الفريق السيادي، وبالتالي على حساب البلد، وتردّ ذلك إلى عدم تشكيل جبهة متعاضدة من مختلف الأطراف الرافضة للأمر الواقع، والتي "يمكن تخلق توازناً داخلياً وإقليمياً يغيّر المسار القائم بكليّته، وتُدخلنا كفريق أساسيّ في جميع المفاوضات التي تجري لما بعد الحرب، وفي الرئاسة، ولا يمكن الاستفراد بأحد".
 
لا تربط الكتائب بالضرورة حراك "الاعتدال الوطني" بصفقات، إلّا أنها تختلف عن القوات بالموافقة من دون شروط على مبادرة التكتل الوطني، مطالبة بتوضيح آليات المبادرة في ظلّ الحديث عن حق النواب بالمقاطعة والتمسّك بترشيح سليمان فرنجية. لتختم بأن الأمر بغاية السهولة، وليس بحاجة لمبادرات، فليتخلَّ "حزب الله" عن مرشّحه لتحلّ الأمور بسلالسة وسهولة!
 
أمّا "التيار الوطني الحر" فيكرّر أنّه يثق بكلام الأمين العام لـ"حزب الله" بعدم ربط ما يجري في الجنوب بالملف الرئاسيّ. والملفان منفصلان عن بعضهما، ولن يعمل الحزب على استثمار ما يمكن أن ينتج في الجنوب في الملف الرئاسي.
 
وهو يرحّب بالحراك الرئاسي الداخلي، الذي يبقى أملاً في الوصول إلى الغاية المطلوبة، باعتبار أن البلاد لن تعود قادرة على تحمّل الأزمات المتتالية، التي باتت توجب انتخاب رئيس للجمهورية يواكب المتغيّرات التي ستنجم عن حرب غزة، وعن حرب لبنان، عبر الاتفاقات والمفاوضات، التي يجب أن يقودها، وليس أي أحد غيره، هذا بحسب الدستور والطائف.
 
ويؤكّد التيار مواكبته لجميع المبادرات، "فقد أعدنا الخطوط مع الرئيس بري وكتلة "التنمية والتحرير"، وأيّدنا تحرّك كتلة الاعتدال الوطني، ومنفتحون على أيّ تشاور للوصول إلى قواسم مشتركة تخلق توافقاً وطنياً يأتي برئيس جمهورية يعيد الدولة إلى مسارها الصحيح".

اقرأ في النهار Premium