لم يكن الإعلان المفاجئ لبكركي عن انعقاد قمة روحية مسيحية بعد ظهر اليوم في الصرح البطريركي الماروني سوى انعكاس لصعود القلق المسيحي خصوصاً، واللبناني عموماً، إلى ذروته حيال التداعيات البالغة الخطورة لأزمة الشغور الرئاسي، معطوفاً عليها أزمة قضائية تتهدد وحدة القضاء وتشل مسالك العدالة ناهيك عن التفاعلات اليومية للانهيار المالي والاجتماعي في البلاد.
أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أن "لبنان سيغيّر سعر الصرف الرسمي إلى 15 ألف ليرة للدولار الأميركي اعتباراً من أول شباط"، مما يمثّل خفضاً نسبته 90 بالمئة عن سعر الصرف الرسمي الحالي الذي ظل دون تغيير لمدة 25 عاماً.
ولا يزال التحوّل من السعر القديم البالغ 1507 ليرات إلى 15 ألفا بعيداً عن السعر في السوق الموازية، حيث جرى تداول الليرة اليوم الثلثاء عند نحو 57 ألفا للدولار.
يتّخذ رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط على عاتقه مهمّة "التنقيب" عن رئيس للجمهورية، وفق المصطلح الذي يحبّذ إطلاقه على مسعاه المستمرّ لثَقْب سطح المراوحة القائم منذ أشهر. يعلم جيّداً خواص أعماق السياسة اللبنانيّة وصعوبة الحفر، لكنّه يحاول قياس مجالات الجاذبية في المحاولة التي يقودها للخروج بنموذج قادر على إنهاء حال الشغور. وإذا به يطرح مجموعة أسماء كأشبه بموجات صدمة ايجابية على سبيل المثال لا الحصر بهدف أن تمرّ عبر طبقات صخور التعطيل. وعندما تسأل "النهار" جنبلاط عن مدى التماسه مؤشرات موحية بانفراجات قريبة على نطاق الاستحقاق الرئاسي، يؤكد "أنني أحاول على طريقتي إيجاد قواسم مشتركة والبحث عن كوّة تساهم في خرق جدار المراوحة مع جميع الأفرقاء للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية في انتظار تبلور مبادرة عربية - دولية"، موضحاً: "لا أملك "خطة ب" للرئاسة لكنني أحاول الخروج من الأفق المسدود فقط، لأن البلد متروك والوضع الاقتصادي يزداد انهياراً والوضع القضائي ينهار أيضاً، في وقت يقوم الأمل الوحيد على الوصول إلى انتخاب رئيس".
من رحم الأزمة، يسعى العديد من اللبنانيين الى خلق استثماراتهم. يأبى هؤلاء ترك الوطن، بل يخترقون العاصفة متمسّكين بمشاريعهم أو بالعلامة التجارية التي يعملون على إدارتها. وفي هذا السياق، كان لنا لقاء مع مايا إبراهيم شاه التي افتتحت "بيت كنز"؛ وزاهي رزق الله عن مطعمه Kalila"؛ وكارين عازار المديرة التنفيذية للعلامة التجارية Levi’s، بعد اختيار لبنان لافتتاح أول متجر لها بمبنى مستقلّ في منطقة الشرق الأوسط.
بدأت دولرة الاقتصاد تكبر ككرة ثلج لتشمل جميع القطاعات، فبعد دولرة المحروقات ودولرة الاستشفاء والمطاعم والتأمين والأدوية وقطع السيارات والأدوات المنزلية وأقساط المدارس الخاصة وإيجارات الشقق والمحالّ التجارية واشتراكات المولدات، وغيرها من النشاطات التجارية والاقتصادية، وصل الدور اليوم إلى أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية في السوبرماركت.
يبدأ اليوم الشهر الرابع من أزمة الشغور الرئاسي وسط انعدام الأفق تماماً حيال أي مدى زمني مقدّر له أن يضع حداً لهذه الأزمة المستعادة في تاريخ "الفراغات الرئاسية" في لبنان. وما كان للعدّاد الزمني أن يكتسب أي دلالات خارجة عن المألوف في بلد "أدمنه" ساسته وفئات معروفة ومصنّفة وتحمل شهرة طبقت الآفاق في سياسات التعطيل والارتباط بأهداف مشبوهة تخدم سياسات محورية إقليمية لولا أن الغرغرة والثرثرة السياسية والإعلامية الجوفاء التي تصمّ آذان اللبنانيين في يومياتهم الشديدة الكآبة تعود غالباً بالفوائد والخدمات على القابضين على أنفاس البلد.
لا يحتمل لبنان أن يصل موعد نهاية ولاية حاكم المصرف المركزي رياض سلامه في نهاية حزيران المقبل وحصول فراغ في هذا الموقع أو إيجاد إخراج لبقائه في موقعه كما تم التداول في ذلك إعلامياً وسياسياً. هذا ما يراه مراقبون ديبلوماسيون يعتبرون أن انتهاء ولاية سلامه وفرصة تعيين بديل منه يلقى قبولاً فأكثر في ظل حاجة البلد إلى مقاربات جديدة مختلفة عن السابق وفي ظل الإشكالية الكبيرة التي باتت عليها سياسات المصرف المركزي.
اختار رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في إطلالته الأخيرة أن يعود إلى المربع الذي نشأ "التيار" في كنفه وتغذى من حبل سرّته لينطلق منه لاحقاً إلى حيث بلغ على مستوى الشارع والحكم، وهو المربع الإشكالي الذي يحلو لـ"التيار" أن يظهر فيه في مواجهة الجميع دونما استثناء. وثمة ولاريب من يعتبر أن مثل هذا الاداء لا ينطوي بالضرورة على عنصر فرادة أو عامل مفاجأة، فالرجل (باسيل) يستمرىء أداء هذا الدور منذ فترة ليست بالقصيرة ليداري وفق خصوم "التيار" تجربة حكم آلت إلى فشل واخفاقات، وسعياً دؤوباً منه ليدرأ عن نفسه عزلة يبذل الخصوم جهوداً استثنائية ليضعوه خلف قضبانها.
نعى بول نجار والد ألكسندرا الطفلة الشهيدة في انفجار المرفأ دولة القانون في لبنان، معتبراً أن ما حصل قبل 5 أيام "يدفعنا إلى القول إننا في جمهورية موز أو في شريعة غاب"، معلناً "أننا نتطلع إلى أن يُدرج مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف في حزيران المقبل مشروع قرار ينص على تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق في قضية المرفأ".
حتى الآن لا يمكن الجزم بأن الدراسة ستُستأنف في المدارس الرسمية في وقت قريب، بعدما قررت رابطات التعليم الرسمي وفئات المتعاقدين الاستمرار بالإضراب ورفعوا سقف مطالبهم بالتعويض عن الأشهر السابقة بما فيها أيام الإضرابات بحوافز بالدولار الاميركي ومطالبتهم بمنح لا تقل عن 130 دولاراً شهرياً، وبعضهم طالبوا بـ300 دولار مع زيادة بدل النقل وتخصيص سعر "صيرفة" 15 ألف ليرة للاساتذة، كشرط للعودة إلى التعليم.