رسائل عدة وجهها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل خلال المؤتمر السنوي الوطني، فهي شملت الداخل بكل أطيافه ووصلت إلى القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في الشرق الأوسط.
وناشد باسيل مفتي الجمهورية "ببصيرته والقيادات بالطائفة السنية"، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي "بحكمته"، والنائب تيمور جنبلاط والنائب السابق وليد جنبلاط "بفهمهم للجبل"، وكل القيادات اللبنانية "عدم التفريط بالشراكة المتوازنة".
وكرّر طلبه من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن "يجمع القيادات السياسية المسيحية" لأنه "لا يوجد سبب لعدم اللقاء" وتوجه الى القيادات المسيحية كلها قائلاً: "إن الوقت ليس للمزايدات، ولا للعدائية التي يظهرها البعض لأن أحداً لا يستطيع إلغاء أحد... ويلّي مفكّر حاله من السبعينات للثمانينات وصولاً للتسعينات، ربح بحذف غيره داخل طايفته، يتذكّر ويتعلّم إنو كانت النتيجة خسارة للمسيحيين وإضعافهم من دون ربح له".
وطالب كلّ القوى المسيحية "باسم كل التضحيات وآلاف الشهداء وضع خطٍّ أحمر تحت الوجود والشراكة المتناصفة... و لبنان الكبير". واصفاً هذه المعركة بمعركة وجود الناس الذين يمثلونهم، "لأن خسارة أو استضعاف أي مجموعة منّا هي خسارة لوجودنا. كلّنا بحاجة لبعضنا لنبقى، وليبقى لبنان الرسالة الذي نريده مع شركائنا". وشدّد على أن هذه الدعوة ليست "دعوة لحلف طائفي ضد أحد، إنما يدعو هنا للشراكة بين الكل انطلاقاً من حماية الوجود للكلّ".
وعرض باسيل لثلاثة أخطار كبيرة تهدّد الوجود المسيحي وهي:
- الحرب الداخلية أو الخارجية والأزمة الاقتصادية، ما يدفع بالناس إلى الهجرة.
- النزوح واللجوء، ما يؤدي إلى تغيير التركيبة الديموغرافية والمجتمعية
- فقدان الشراكة، وهذا أسوأ ما قد يحدث لأنّها تصيب علّة وجود لبنان.
وقال رئيس التيار، إن مشروعنا لبنان لكل اللبنانيين، و"لانسمح بالهيمنة على موقع وصلاحيات الرئاسة، ولا نرضى بانتخاب رئيس يكسر الشراكة والميثاق".
الشراكة هي أولاً بتحديد المصير سوية، وهي "بالاستراتيجية الدفاعية لنحمي الوطن، وهي بتحييد لبنان عن صراعات هو بغنى عنها. صحيح لا نستطيع أن نكون محايدين عن قضية فلسطين بوجه إسرائيل الإجرامية، ولا عن سوريا المدنية بوجه الإرهاب الأصولي، إنما لا يمكننا ربط لبنان ونهاية الحرب على أرضه بكل حروب المنطقة وأزماتها".
وحدة الساحات
وقال باسيل في كلمته، إن "الحرب نخوضها جميعاً ونستشهد فيها عندما تُفرض علينا"، إنما لا يجوز أن نقوم بها نحن، خصوصاً عندما نكون محكومين بمعادلة إقليمية ودولية وعلى رأسها أميركا وإيران، والاثنان لايريدون للحرب أن تتوسّع.
وتساءل، في معركة لبنان محشورين بالسلاح الذي يمكن استعماله وبالمدى الجغرافي، وهذا ثمن كبير يدفعه لبنان بالدمار والشهداء... لماذا نريد تطويل أمد الحرب ونربطها بحرب غزّة؟
وتابع في موضوع "وحدة الساحات"، أن المشكلة فيها أنها لم تأخذ بالاعتبار وحدة الساحة اللبنانية. اسرائيل تهدّد بالحرب ولكنها سوف تخسرها، محذراً أنه يوم تدرك إسرائيل أن الخلفية اللبنانية الشعبية الحاضنة لحزب الله قد اهتزّت، عندها يصبح لديها حافز لشن الحرب والأرجح ربحها.
وأكد أن الحدّ الأدنى من تضامن الساحة الداخلية أساسي لتحصيل مكاسب من الحرب، وأنه إذا كانت المواجهة تحرّر مزارع شبعا أو تعيد النازحين السوريين أو تضمن استخراج الغاز، من دون ذكر عودة اللاجئين الفلسطينيين أو تسليح الجيش أو السلام الشامل، في هذه المرحلة، فإن أقلّ من ذلك، "حرام نفوّت لبنان بحرب شاملة لنرجع لما قبل 7 تشرين، الحرب اذا وقعت يجب أن تأخذنا لما بعد 7 تشرين".
وشدّد على أن "التيار لايخطئ ولا يشتّ عن الأساسيات، فاذا الحزب اخطأ معنا، لا تصبح إسرائيل صديقة"، إنما تبقى عدوة الى حين إعادة كل الحقوق لأصحابها. وأضاف "تموضعنا الاستراتيجي لا نخطئ فيه، ومطالبنا الوطنية لا نساوم عليها بمكاسب سلطوية".
وطالب برئيس ميثاقي سيادي، إصلاحي ومقاوم، باللامركزية والصندوق الائتماني، وأن المعادلة المفروضة مرفوضة: "لا نقبل بمرشحّ يختارونه عنّا ولا نسلّم أمرنا لحكومة مبتورة تحكمنا من خارج الميثاق والدستور".
وعن الحكومة الحالية، اعتبرها باسيل بأنها "تجديد لمنظومة 2005-1990 وهي فاجعة ميثاقية".
غزّة نقطة سوداء بسجلّ البشرية
وعن الحرب في غزّة، قال النائب باسيل إنها "نقطة سوداء بسجلّ البشرية، ووصمة عار على جبين من يدّعي الحضارة وحقوق الإنسان، والصهيونية نحاربها بعدّة وسائل، لكن احياناً كثيرة كلفة الحرب العسكرية أعلى من كلفة السلام، ومكاسب السلام العادل، إذا توفّرت شروطه، أكبر من الحرب".
وأردف، "إسرائيل كناية عن مجموعة غرباء عن بعضهم بالجنسية، مش بالدين، تجمّعوا على أرض فلسطين بإسم اسطورة لبّسوها ثياب الدين؛ سردية تاريخية بأطماع استعمارية"، وأن هذا المشروع مهما كان مدعوماً، "مصيره الفشل مثلما حصل بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، لأنه يواجهه شعب متجذّر بأرضه وليس لديه أرض ثانية ولا جنسية ثانية، ولا يخاف الموت"، وتابع أن الفلسطينيين "يحاربون ناس من عدّة جنسيات لا ينتمون لهذه الأرض، وعندما يشعرون بالخطر يعودون إلى بلدانهم الأصلية التي تطالب بهم، كما يحصل بموضوع الأسرى الاسرائيليين".
ورأى باسيل أن إسرائيل لتبقى، "لديها حلّ واحد فقط، وهو الاعتراف بحق الفلسطيني بدولته، والاعتراف بأرضنا وأمننا ومواردنا، وليس قتلنا وضرب اقتصادنا". مؤكداً أن "إسرائيل نقيض لبنان، وينتصر عليها بتنوّعه ومقاومته وخصوصاً بقيام دولته، لا باعتماد أجندات غير لبنانية".