كثرت التحليلات والقراءات السياسية والإعلامية والديبلوماسية في الأيام الماضية، على خلفية قرع طبول الحرب في المنطقة، ولبنان له نصيبه بفعل اشتعال جبهته الجنوبية، وعلى هذه الخلفية ثمة معلومات بالغة الأهمية يردّدها أكثر من مطلع على بواطن الأمور من سفراء غربيين وعرب معتمدين في لبنان إلى مرجعيات سياسية، حيث يجمعون على أن معركة رفح آتية لا محالة والقرار الإسرائيلي اتُّخذ.
وبالتالي ليس هناك خلافات بين الأميركيين والإسرائيليين بل تباينات، وواشنطن ستغطي هذه العملية وثمة هيكلة لوضع المنطقة بعد عملية رفح، التي قد تشتعل بفعلها جبهات الجنوب وصولاً إلى الجولان وربما غور الأردن وكل الساحات في المنطقة، وما القصف الإسرائيلي على قواعد لـ"حزب الله" في مدينة حلب، إذ يقال إنها من أبرز القواعد الصاروخية الموجودة في المنطقة، إلا مؤشر على هذا المعطى، والأيام القليلة المقبلة ستشهد غارات مكثفة من هذه النوعية تمهيداً للعمليات الميدانية الكبيرة التي تلي الغارات الجوية، لذلك فالساحة الداخلية تعتبر هشّة وأرضها خصبة وقابلة للاشتعال، خصوصاً ما يتردد عن حشود كبيرة على الحدود الشمالية لإسرائيل، الأمر الذي يشير إليه أكثر من محلل استراتيجي، فضلاً عن أن ذلك يأتي في وقت ضائع وهو الأخطر، أكان على صعيد استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية أو ما جرى في بعض المحطات، دون إغفال الدعم الذي تلقته مصر والذي يقدر بـ35 مليار دولار للنهوض اقتصادياً بعد الكبوات التي أصابتها، على غرار ما حصل مع لبنان بفعل تردّي العملة الوطنية، إلى دور إماراتي في هذا الصدد، على خلفية ما اتخذ من قرارات في مؤتمر الدوحة إلى القاهرة وباريس، حيث حضرت هذه المؤتمرات شخصيات خليجية مخابراتية من الطراز الرفيع إلى مسؤولين إسرائيليين وأميركيين وفرنسيين، ما يعني أننا أمام مرحلة هي الأدق في تاريخ لبنان والمنطقة، وهذا ما ستتبدّى معالمه في وقت ليس ببعيد.
في السياق تشير مصادر سياسية مطلعة لـ"النهار"، إلى مفاوضات ديبلوماسية تجري بين واشنطن وطهران، شهدت في الآونة الأخيرة تقدّماً، بعيداً عن الأضواء والإعلام، ولا أحد ينكرها من المقربين من الطرفين، الأمر الذي تضج به مجالس كبار السياسيين الذين استقوا معلوماتهم من مصادرها، وذلك سيؤدي في نهاية المطاف إلى تحالف أو تقارب على انتخاب رئيس للجمهورية من خلال الثنائي الإيراني- الأميركي، ليتحول إلى ثلاثي مع المملكة العربية السعودية، لأن الرئيس العتيد سيأتي وفق الخط البياني الممتد من واشنطن إلى طهران والرياض دون استبعاد الدور القطري، حيث له مركزيته في تسوية الأمور وضبط إيقاعها كما كانت الحال خلال تسوية الدوحة وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وصولاً إلى الدور الإيراني، حيث لا أحد يمكنه طمسه بفعل العلاقة الوطيدة الأيديولوجية والعقائدية والتحالفية بين إيران و"حزب الله".
ولا بد من أن تؤخذ هذه العناوين على محمل الجد، لأن ذلك بات حقيقة ساطعة، لكن قبل ذلك ثمة هزات واضطرابات واشتعال للجبهات واللعبة مفتوحة في هذا الإطار على كافة الاحتمالات، وفي المحصلة السؤال المطروح كيف ستكون الأوضاع الميدانية ونتائجها، ليُبنى على الشيء مقتضاه حول شكل التسوية من سيربح أو يخسر؟ ولا يمكن في هذا الإطار تجاوز "حزب الله"، حيث يقول كبار المقربين منه، إن عشرة بالمئة من قوة الحزب استُعملت عسكرياً حتى الآن، وبناءً على ذلك فالسؤال: هل ستندلع الحرب في الجنوب وتكون على غرار 2006 لتشمل معظم المناطق اللبنانية؟ البعض يستبعد أن نصل إلى هذه المسألة، لكنْ هناك فتح لجبهات كثيرة من الجولان والجنوب، لكن إذا اقتضى الأمر وأخذت أشكال المعركة في رفح ما يشبه الانهيار لحماس عندئذ قد يكون لـ"حزب الله" أكثر من دخول ميداني من لبنان إلى سوريا ومناطق كثيرة، لذا قد تلجأ إسرائيل إلى توسيع نطاق عملياتها في العمق اللبناني، إذ تسعى فرنسا وواشنطن إلى ضبط الوضع، لكن حتى الساعة ليس ثمة ما يدل على أن باريس تمكنت من إقناع إسرائيل بتجاوز عملية رفح، وعدم القيام بأي عمل عسكري كبير في لبنان.