النهار

"الأحزاب تنتفض" في نقابة المهندسين... عودة مشهديّة 14 و8 آذار؟
اسكندر خشاشو
المصدر: "النهار"
"الأحزاب تنتفض" في نقابة المهندسين... عودة مشهديّة 14 و8 آذار؟
نقابة المهندسين في بيروت.
A+   A-
عشيّة انتخابات نقابة المهندسين، لاختيار نقيب جديد و5 أعضاء لمجلس النقابة، تبدو الصورة مغايرة كليّاً لانتخابات عام 2021، عندما سيطرت منظّمات المجتمع المدنيّ تحت اسم "النقابة تنتفض"، وسجّلت فوزاً نظيفاً بالمراكز الشاغرة كاملة.
أمّا اليوم فتعود الأحزاب لتنتفض وتتصدّر الساحة، وتطلق معركة شرسة من دون "كفوف"، في مقابل تراجع واضح وكبير للتيّار المدنيّ.
 
لم يعلن أحد من الأطراف عن لائحته بشكل رسميّ وكامل، والاتّصالات مكثّفة ومستمرّة إلى ما قبل ساعات قليلة من فتح صناديق الاقتراع، إلّا أنّ المشهد الكبير بات واضحاً، بعد تثبيت تحالف "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل" و"الكتائب" في مقابل تحالف "التيار الوطني الحر" و"الثنائيّ الشيعيّ"، فيما يستمرّ بعض الأسماء المستقلة صاحبة الحضور النقابيّ في المعركة من دون التراجع أمام التحالفات الكبيرة.
 
ثبّتت حركة "أمل" تحالفها مع "التيار الوطني الحر" الذي يرشّح فادي حنا لمركز نقيب، بعد تردّد وأخذ وردّ استمرّ أسابيع، لتعطي دفعاً مهمّاً للائحة، في مقابل سحب الاشتراكيّ مرشّحَيه لعضوية مجلس النقابة فراس أبو دياب ومحمّد السيد بطريقة مفاجئة، وإعلان دعمه لمرشّح خارج التحالفات الرئيسيّة وهو جورج غانم، بما يخلط الأوراق من جديد.
 
وعلمت "النهار" أنّ سحب الاشتراكيّ مرشّحَيه أتى بسبب رفض "التيّار" ضمّ أربعة مرشّحين مسلمين إلى لائحته، وإصراره على أن تضمّ اللائحة 3 مرشحين مسيحيين من ضمنهم النقيب وثلاثة مسلمين، هذا الأمر بدوره أحرج حركة "أمل" التي أصبحت أمام حلّين، إمّا التمسّك بحلفها مع الاشتراكيّ والابتعاد عن "حزب الله" وتشتيت الأصوات ما يريح "القوات اللبنانية"، أو التخلّي عن الاشتراكيّ وعقد تحالف الضرورة مع "التيار" بما يخلق فرصة للفوز بالنقابة، خصوصاً أنّ سحب الحركة أو "حزب الله" أيّاً من مرشحيهما يمكن أن يؤدّي إلى تراخي المهندسين الشيعة، في حين أنّهما في أمسّ الحاجة إلى شدّ العصب لتحقيق الفوز.
 
ضحّت "أمل" بالتحالف مع الاشتراكيّ الذي سيقترع لمرشّحها لمجلس النقابة لكنّه سيعاقب "التيّار" بعدم التصويت لمرشّحيه، ومن دون الذهاب إلى الدخول في لعبة الصراع المسيحيّ بين "القوات" و"التيار"، إلّا أنّه وبحسب مهندسين تقدّميّين هذا لا يلغي فكرة دعم مهندسي "القوات" والكتائب في العضوية.
 
وعلى هذا تصبح لائحة تحالف "التيار-الثنائيّ" تضمّ بشكل مؤكّد فادي حنا لمركز نقيب، بول ناكوزي (كتائبيّ سابق خاض انتخابات المندوبين بالتحالف مع التيار الوطني الحر) أحمد نجم الدين عن "الأحباش"، هيثم إسماعيل عن حركة "أمل"، ويبقى الاسمان الباقيان معلّقين إلى حين الإعلان عنهما اليوم بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر".
 
في الجهة المقابلة ومع انسحاب الحزب التقدّميّ الاشتراكيّ تعاني لائحة المهندس بيار جعارة من عدم الاتّزان بالحضور الإسلاميّ على الرغم من دعم "تيار المستقبل" الواضح لها، وهي تضمّ حتّى الآن المرشّح المقاصديّ ناصر عيدو فقط، فيما لا تزال الاتّصالات مستمرّة لضمّ مرشّح آخر يعطي نوعاً من التوازن للائحة.
 
وبعكس ما يشاع عن تخوّف قوّاتي من عدم التزام "المستقبل" بمرشحيها، أو عدم حماسته للمعركة باعتبار أنّ ما يهمّها معركة مهندسي الشمال وتحالفها مع "القوّات" في بيروت فقط لكسب أصوات المهندسين القوّاتيين في الشمال، فالمصادر تؤكّد أنّ "المستقبل" عمل ما عليه وحرّك ماكينته، وأكبر دليل حضور أمين عام "التيّار" شخصيّاً إفطار مهندسي بيروت، وهي واثقة من قدرته على الحشد والتأييد.
وبهذا تكون اللائحة مؤلّفة من بيار جعارة على مركز نقيب، وليد حداد كتائب، جاك غصن "قوات"، ناصر عيدو (مقاصد-مستقبل) جويس المتني عن الفرع السابع مع مقعد واحد شاغر لمحاولة تعبئته عبر الاتّصالات.
 
وبالرغم من تقدّم الأحزاب، فإنّ الطريق لا تبدو معبّدة أمامها بالكامل باستمرار شخصيّات مستقلّة لها ثقل وحضور على مستوى المهندسين ونقابيّين عريقين يمكن أن يشكّلوا مفاجأة، خصوصاً في ظلّ الأوضاع الحاليّة وما وصل إليه الوضع الاقتصاديّ، إضافة إلى الهجرة النخبويّة من مهندسين وغيرهم وتفضيلهم الخيارات المستقلّة، وعن هذا يبرز أسماء كنائب نقيب المهندسين الحاليّ جوزف مشيلح الذي يملك تاريخاً نقابيّاً طويلاً، وهو ملمّ بالشأن النقابيّ منذ عام 2000، ويحظى بتأييد خرّيجي الجامعة اللبنانيّة في روميه حيث عمل لمدّة طويلة أستاذاً فيها، وهو أحد خرّيجيها أيضاً، وخاض أكثر من انتخابات كان آخرها على لائحة "النقابة تنتفض"، ويعتبر من بين الأسماء المنافسة بجدّية.
 
كما يستمرّ عدد من منظمات المجتمع المدنيّ اليسارية، والتي كانت جزءاً أساسياً من تحالف "النقابة تنتفض" بترشيح روي داغر، وهو كان فاز في السنة الماضية في انتخابات مجلس النقابة أمام تحالف الأحزاب الذي تشكّل.
 
المهندس المستقلّ جورج غانم الذي نال دفعاً مهمّاً بدعم الحزب التقدمي الاشتراكي له، وهو يملك أيضاً حضوراً محترماً لدى المهندسين نظراً إلى تاريخه المستقل والواضح.
 
ويبقى أيضاً المهندس نقولا شيخاني الذي خاض معركة قضائية في وجه مجلس النقابة التي رفضت ترشّحه، واستحصل على حكم قضائيّ مكّنه من الترشّح، وهو يحظى بدعم عدد مجموعات المجتمع المدنيّ أيضاً، ولديه حضور كبير بين المهندسين.
 
وفي هذا الإطار ترى مصادر في اللائحة المدعومة من "القوّات" أنّ المهندسين غانم ومشيلح وشيخاني باستمرارهم بالترشّح يؤثرون بشكل مباشر عليهم وخصوصاً أنّ مؤيديهم هم من المهندسين أصحاب "الهوى السياديّ" ويشبهون مهندسي اللائحة أي "يأكلون من الصحن نفسه"، داعية إيّاهم إلى نظرة أشمل وأوسع إلى مستقبل النقابة، خصوصاً أنّه في واقع الاصطفافات الحالية تبدو حظوظهم ضعيفة، وهم من حيث لا يدرون يؤدّون خدمة كبيرة إلى رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل عبر إنجاح أحد أبرز المقرّبين منه فادي حنا.
 
ومن المتوقّع أن يشارك نحو 8 آلاف مهندس في انتخابات الأحد، وأن تكون النتائج متقاربة جدّاً وقد لا يتجاوز الفارق عشرات الأصوات.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium