النهار

ذكرى 13 نيسان المشؤومة: ازدحام الهواجس من جبيل إلى بيت مري وبينهما تداعيات النزوح الثقيلة
عباس صباغ
المصدر: "النهار"
ذكرى 13 نيسان المشؤومة: ازدحام الهواجس من جبيل إلى بيت مري وبينهما تداعيات النزوح الثقيلة
الجيش ينتشر في محيط الشياح (حسن عسل).
A+   A-
يطوي اللبنانيون الذكرى الـ49 للحرب المشؤومة التي أنهكت بلدهم لأكثر من 15 عاماً فيما لا تزال بعض تداعياتها ماثلة، مع تسجيل أكثر  من حادث أمني في الشهر الحالي. فإلى أيّ حدّ تمّ تجاوز القطوع؟ وماذا عن تداعيات النزوح السوريّ؟

مشهد انتشار الجيش اللبناني بآلياته وعديده على طول الخط الفاصل ما بين عين الرمانة والشياح، عشية تشييع منسق "القوات اللبنانية" في جبيل المغدور باسكال سليمان، وبعد ساعات على الإعلان عن العثور على جثة الصيرفي محمد سرور في بيت مري، يعيد إلى الأذهان معالم حقبة سوداء من المفترض أن يكون اللبنانيون قد تجاوزوها منذ ثلاثة عقود.
 
"توتر فوق جمر الجرائم"
منذ الإعلان عن فقدان الاتصال بمنسّق "القوات اللبنانية" في جبيل، باسكال سليمان، الأحد الفائت، دخلت البلاد في مرحلة القلق وما تبعها من تحركات ميدانية، في جبيل من خلال قطع الطريق الدولية من قبل مناصري "القوات"، تبعتها إشكالات محدودة مع النازحين السوريين، بعد إعلان الجيش توقيف ضالعين آخرين في خطفه، وأكد أنه "متابَعةً لموضوع المخطوف باسكال سليمان، أوقفت مديرية المخابرات في الجيش ثلاثة سوريين إضافيين مشاركين في عملية الخطف، ويجري التحقيق معهم لكشف ملابسات العملية".
ذلك الإعلان زاد من النقمة على النازحين السوريين، فانتشرت الدعوات في أكثر  من منطقة لضرورة مغادرة النازحين خلال مهلة أقصاها الجمعة الفائت. بيد أن الاتصالات السياسية المتسارعة أفضت إلى ترجيح كفّة الهدوء وانتظار تفاصيل عملية الخطف، ثمّ الإعلان عن مقتل سليمان.
أمام ذلك المشهد المكفهّر، جاء الإعلان عن العثور على جثة الصيرفي سرور في منزل في بيت مري؛ وذلك بعد نحو أسبوع على اختفائه. وتبيّن من تسريبات التحقيقات الأولية أن المغدور قتل خلال استجوابه لجمع معلومات عن نشاطه.
المعطيات أفادت بأن جهاز الموساد الإسرائيلي يقف خلف جريمة قتل سرور فيما لم تصدر بعد أيّ توضيحات من الأجهزة الأمنية بانتظار استكمال التحقيقات.
الجريمتان وقعتا خلال اسبوع واحد، ممّا استدعى إجراءات أمنية غير عادية، نفّذها الجيش بشكل لافت، لا سيما بين منطقتي عين الرمانة والشياح، وكذلك في منطقة الحدث، فضلاً عن إجراءات احترازية في أكثر من منطقة لمنع انزلاق الأمور إلى ما لا يرغب اللبنانيون في عودة الوقوع فيه، خصوصاً أن الأوضاع متوترة في المنطة برمتها.
وقبل ساعات من تشييع سليمان، ارتفع منسوب الإجراءات الأمنية وسط دعوات من كلّ الأطراف إلى الهدوء وعدم القيام بما يجرّ البلاد إلى صدام لا تحمد عقباه.
 
" لا عودة إلى الاقتتال الداخلي"
صحيح أن الشارع مشحون بتناقضات التوجّهات الحزبية واختلاف القراءات للأحداث الراهنة على الجبهة الجنوبية أو بما يتّصل بإعادة الزخم لمؤسسات الدولة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، بعد عام ونصف العام على الشغور في سدة الرئاسة، وبعد تعذّر اتفاق اللبنانيين على انتخاب رئيسهم. لكن الواضح أن لا قرار لدى المكوّنات اللبنانية بالعودة إلى الاقتتال الداخلي، بعد أن تجرّع الجميع كأس الحرب المأسوية، وبالتالي لا تزال الأوضاع تحت السيطرة حتى تاريخه.
وفي السياق، يؤكد وزير داخلية سابق لـ"النهار" أن " لا حرب بين اللبنانيين، وأن الأحزاب اللبنانية لا تريد، وليس في مصلحتها العودة إلى الاقتتال الداخلي، بغض النظر عمّا يحدث في الشارع من توتير وشحن للنفوس".
ويركن إلى أن "الأحزاب تعرف خطورة الانزلاق إلى الحرب، على الرغم من شحن النفوس غير المقبول، إلا أنها تدرك أن الحرب لا يُمكن أن تحقق لها أي مكاسب؛ والمطلوب تالياً الركونُ إلى التهدئة والإفادة من المواقف الحكيمة التي صدرت عن مرجعيّات سياسيّة وروحيّة".
بيد أن النزوح السوري بات يثقل كاهل لبنان ومواطنيه، بعد أكثر  من 12 عاماً على استقبال أكثر  من مليون ونصف المليون نازح سوريّ، وسط قرار خارجيّ واضح بعدم تسهيل عودة هؤلاء إلى ديارهم، على الرغم من عودة الأمان إلى أغلبية المحافظات السورية.
ويتوقف متابعون لملف النزوح أمام مفارقة تكمن في أن النازحين اللبنانيين إلى سوريا، سواء خلال الحرب أو جراء الاعتداءات الإسرائيلية، لم يخالفوا القوانين والأنظمة السورية، ولم يرتكبوا المخالفات التي تضرّ بالدولة التي استقبلتهم. وفي المقابل، هناك تصرّفات مخالفة للقوانين اللبنانية من النازحين السوريين، وما ارتفاع نسبة الموقوفين السوريين إلى نحو 30 في المئة من مجموع الموقوفين في لبنان سوى دليل على خطورة تلك المخالفات وتداعياتها على المجتمع اللبناني.
إلى ذلك تشير مصادر أمنية إلى ضرورة التنبه لمكائد تنصب في لبنان، منها استغلال الأوضاع الراهنة واللجوء إلى اغتيالات أو اعتداءات ضد أطراف معينة، ثم ترك الدليل الذي يُدين خصوم الطرف المستهدف، وذلك بهدف إيقاع الفتنة.
ولا تستبعد تلك المصادر أن يكون العدو الإسرائيلي خلف بعض الأحداث التي يشهدها لبنان.
 

اقرأ في النهار Premium