أ.خ
تصدّرت هبة الاتحاد الأوروبي للبنان الأولويات السياسية وأعادت فتح ملف النازحين مجدّداً في جولة جديدة.
وبين الهبة والرشوة انقسم اللبنانيون ومعهم الطبقة السياسية، وتلقت الحكومة ورئيسها هجومات عنيفة، فما كان من رئيسها إلّا أن رمى الكرة إلى "ملعب" المجلس النيابي. وبعدما اعتبر الهبة "إنجازاً" لحكومته، فإنّ علامات استفهام تُطرَح عن المسار الذي يمكن أن تتّخذه الأمور في الجلسة الموعودة التي حدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعدها في منتصف الشهر الجاري.
وساد جدل قانوني حول ما يمكن لمجلس النواب أن يفعله تجاه هذا الأمر، وكيف يمكن أن يحاسبها إذا ثبت أن هناك رشوة أو صفقة، وخصوصاً أن الجلسة هي تشاورية للاطلاع، وما الذي يمنع من تحوّلها جلسة مزايدات شعبوية لا أكثر ولا أقل في ظلّ تصدّر الملفّ اهتمام الناس.
وفي هذا السياق أكّد الخبير الدستوريّ الدكتور جهاد إسماعيل، في حديثٍ لـ"النهار"، أن "الهبة الأوروبية تُقبل بموجب المادة ٥٢ من قانون المحاسبة العمومية، بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء لأنّ قيمتها تتجاوز المبلغ المحدد في المادة ٥٢، ما لم تكن قد جاءت في إطار معاهدة أو اتفاقية، عندئذٍ تتطلّب موافقتين، مجلس الوزراء ومن ثم مجلس النواب وفق ما يُستشف من أحكام المادة ٥٢ من الدستور".
وعن جدوى اجتماع مجلس النواب لمناقشة الهبة الأوروبية قال إسماعيل "إن لم تكن الهبة وردت في سياق اتفاقية أو معاهدة، لا يمكن لمجلس النواب أن يمارس الرقابة السياسية، عبر حجب الثقة على حكومة مُعتبرة مستقيلة لأنها غير مسؤولة سياسياً أمامه، ولكن يمكنه أن يصدر، نتيجة اجتماعه، توصية أو قراراً لإرشاد المخاطب به، وهو حكومة تصريف الأعمال، في اتباع هذا الخيار أو ذاك، لأنّ صفة الإلزام تندرج، برأينا، في القانون أو في القرار عندما يُتخذ في حالات أوجبها النظام الداخلي عند رفع الحصانة أو عند إنشاء لجان تحقيق برلمانية، وكلّ توجّه يخرج عن هذه الحالات يتّخذ طابع "التوصية" الّتي تتضمّن أحكاماً إرشادية لا تقريرية".
وعمّا إن كان في مقدور مجلس النواب توجيه الأسئلة والاستجواب لحكومة تصريف الأعمال يشير إسماعيل الى أن "من الثابت أن الاستجواب ليس شيئاً مقصوداً لذاته، وإنما هو وسيلة لمناقشة سياسة الحكومة في مسألة معيّنة، حيث يتوقف على نتيجته حجب الثقة أو عدمه، ما يعني أن هناك تلازماً بين شكل الحكومة والاستجواب، وبالتالي ليس معقولاً استجواب حكومة فقدت الثقة البرلمانية أصلاً ، بينما في إمكان النواب توجيه الأسئلة البرلمانية الى حكومة تصريف الأعمال والعمل، استطراداً، بأحكام المواد ١٢٤، ١٢٥، ١٢٦، ١٢٧، ١٢٨، ١٢٩ من النظام الداخلي لمجلس النواب؛ لكونها مدخلاً للنواب في بناء قناعاتهم أو توجيههم نحو المسؤولية القضائية، ذلك أن انتفاء المسؤولية السياسية أمام مجلس النواب لا يُسقط المسؤولية القضائية الّتي يمارسها مجلس النواب بمقتضى صلاحية الاتهام بالخيانة العظمى الّتي لم يجرِ تحديد منطلقاتها في نصٍّ دستوري أو قانوني، أو بإخلال في الواجبات، ومن ثم إعمال المحاكمة أمام المجلس الأعلى الذي يتكوّن، عملاً بالمادة ٨٠ من الدستور، من سبعة نواب ينتخبهم مجلس النواب، وثمانية قضاة، ولا سيما أن نطاق صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، بعد تمدّد فترتها الزمنية، يتسع، ويغيّر، بالتالي، من مفهوم الحكومة، وهذا الاتساع والتغيير يُوجبان على النواب تفعيل مسؤولياتهم في المسؤولية القضائية، لا تعطيلها، بعدما فقدوا حق الرقابة السياسية".
وأوضح إسماعيل "فور اتباع المسار القانوني، أي عند اقتناع النواب بأن هناك شُبهات معيّنة، يقدّم طلب الاتهام بموجب عريضة يوقع عليها ١/٥ أعضاء المجلس النيابي على الأقل، عندئذ يقرّر المجلس، بعد الاستماع إلى مرافعات الادعاء والدفاع بأكثرية مطلقة من أعضاء المجلس، إما رد طلب الاتهام أو إحالة المتهم إلى لجنة التحقيق البرلمانية الّتي تضع تقريراً عن القضيّة قبل إحالته الى المجلس النيابي لإصدار قرار الاتهام، وبالتالي محاكمة المتهمين أمام المجلس الأعلى".