تختلط المعطيات المتعلقة بالاستعدادات الجارية لعقد جلسة مناقشة نيابية الأربعاء المقبل لملف هبة المليار يورو الأوروبية المتفرعة من ملف النازحين السوريين في لبنان. اذ فيما تترقب الأوساط السياسية والنيابية ما اذا كانت الجلسة ستكون جلسة مزايدات بلا جدوى او جلسة توفير الحد الأدنى المعقول من توافق يؤدي الى اصدار توصيات جادة وذات صدقية في ملف النازحين فان معالم توتر بدأت تتصاعد في افق العلاقات بين لبنان والاتحاد الأوروبي لم يعد ممكنا تجاهلها. وستكون الأيام الثلاثة الفاصلة عن موعد الجلسة الأربعاء المقبل فرصة كافية لبلورة الاتجاهات النهائية التي ستحكم أجواء وخلاصات الجلسة علما انه يبدو لافتا تقدم وطغيان ملف النزوح السوري على محتلف التطورات والملفات الداخلية الأخرى حتى بما فيها التطورات الميدانية التصعيدية في الجنوب.
وطبقاً لما أوردته "النهار" امس عن مساع متقدمة لبلورة توافق واسع حول ملف النازحين في الجلسة تواصلت امس الاتصالات والمشاورات في هذا الاتجاه ويبدو ان ثمة مسعى لوضع مسودة أفكار مسبقة تعرض على الكتل والنواب قبيل الجلسة بما يحصنها ويوفر خروجها بنتيجة مجدية.
في هذا السياق واستعدادا للجلسة المنتظرة، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة امس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي ستكون له كلمة تفصيلية في الجلسة عن الهبة الأوروبية والخطوات الحكومية حيال ملف النازحين السوريين. ووفق بيان صادر عن عين التينة تناول اللقاء آخر تطورات الاوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية، على ضوء مواصلة اسرائيل عدوانها على لبنان وقطاع غزة.
اما العامل اللافت في ملف النزوح فيتمثل في تواصل وتصاعد الأحداث الأمنية التي من شأنها إذكاء الأجواء الساخنة حيال النازحين السوريين. فعلى الحدود اللبنانية - السورية، واثناء محاولة وحدة من الجيش تؤازرها دورية من مديرية المخابرات توقيف عدد من المهربين في منطقة دير العشاير – البقاع، حاول السوري (خ.ع.) طعن عناصر الوحدة بحربة، فأطلقوا النار باتجاهه ما أدى إلى إصابته، ونُقل إلى أحد المستشفيات حيث فارق الحياة. وبحسب ما جاء في بيان صادر عن قيادة الجيش، أوقِف السوري (أ.و.) وتجري المتابعة لتوقيف بقية المتورطين. وبوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص.
اما في الداخل، فألقى حراس الليل في بلدية جبيل، فجر امس، القبض على عصابة سورية لتهريب السوريين الى لبنان عبر الحدود بطريقة مبتكرة. وفي التفاصيل، أن المهرب السوري أوصل السوريين، امرأتين وطفلين، الى الحدود السورية - في منطقة العريضة، وختم اوراقهم واخرجهم من سوريا وانزلهم بعد الحاجز وسلمهم الى سائق لبناني، بعد ذلك ختم السائق الاول اوراقه الثبوتية على الحدود اللبنانية وعاد وتسلم ركابه من السائق اللبناني. وعلم ان السيدتين والطفلين لديهم اقارب يعملون في أحد المحال التجارية في مدينة جبيل .والتحقيقات الجارية من قبل الاجهزة الامنية المختصة لمعرفة التفاصيل كافة.
وفي اطار الاجراءات الامنية لتنظيم الوجود السوري، اشارت معطيات الى ان الأمن العام سيتوقف عن منح إقامات لأفراد عائلة أي سوريّ حاصل على إقامة بموجب كفالة من لبنانيّ.
وامس كتب رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في منشور على حسابه عبر منصة "إكس": "برافو" للأمن العام. هذه خطوة أولى على طريق الألف ميل. نحن في انتظار الخطوات التالية".
في المواقف السياسية من القضية، وخلال مؤتمر للبلديات في البترون لبحث الوجود السوري في المنطقة، رأى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل أن "البترون اليوم تقدّم نموذجاً جديداً عملياً وعملانياً لحلّ مشكلة النازحين السوريين بقضائها تحت سلطة البلديات وتطبيق القوانين اللبنانية". وأوضح باسيل "أننا لا نريد أن نخرّب العلاقة الإنسانية مع الشعب السوري، ولا نريد حتى أن نخرّب العلاقة المميزة مع دولتهم، ولا أن نفقد الحس الانساني لدينا بالتعاطف مع شعب تعذّب وتهجّر من أرضه ولا تريد ان نكون عنصريين، فقط نريد ببساطة ان نكون وطنيين وهذا يحتّم علينا ان نفضّل شعبنا وبلدنا على اي شعب وبلد آخر". واضاف: منذ اللحظة الاولى عندما كان العدد 3000 فقط، طالبت بضبط الحدود وطالبت بعد دراسة الخرائط والمواقع بإنشاء مخيّمات على الحدود من الجهة السورية، بما يجنّبنا انتشاراً عشوائياً للنازحين السوريين في المدن والبلدات من جهة، وانتشاراً للمخيّمات داخل لبنان من جهة ثانية"...
بدوره، في المؤتمر عينه، قال عضو "تكتل الجمهورية القوية" النائب غياث يزبك: "نلتقي اليوم حول هم واحد، هم وطني، هم بتروني، هم كل القضاء وكل لبنان، الوجود السوري الذي يضعنا جميعًا في خطر كبير، وأضاف "هو هم وجودي نعيشه في منازلنا وعلينا أن نتوحد جميعاً لمواجهته على أمل أن نتوصل إلى حل نموذجي لمواجهة الكارثة".