المطران الياس عودة (حسن عسل).
اعتبر متروبوليت بيروت للرم الأرثوذكس المطران الياس عودة أنّه "يُــجــاهِــرُ كَــثِــيــرُونَ الــيَــوْمَ بِــأَنَّــهُــم مُــلْــحِــدونَ، مُــفــاخِــرِيــنَ بِــعَــدَمِ إيــمــانِــهــمِ، مُــنــجَــرّيــنَ وَراءَ مَــوْجَــةٍ تَــجْــعَـــلُــهُــمْ يَــظْــهَـــرُونَ عَــصْــرِيِّــيــنَ أَمــامَ أَتْــرابِــهِــم، مُــعْــتَــقِــديــنَ أَنَّ اللهَ أَصْــبَــحَ فِـكْـرَةً قَــدِيــمَــةً، وهُــوَ يُــعِــيــقُ حُــرِّيَّــتَــهُــم وفِــكْــرَهُــم وتَــطَــوُّرَهُــم. لـكـنَّ الــفِــكْــرَ الإِلْــحــادِيَّ مــا هُــوَ إِلَّا تَــسْــيِــيــرٌ شَــيْــطــانِــيٌّ لِــضَــعِــيــفِــي الإِيــمــانِ، إذ يَـسْـتَـخْـدِمُـهُــم الــشَّــيْــطــانُ مِــنْ أَجْــلِ اصْــطِــيــادِ مَـنْ شـابَـهَـهُــمْ فـي الـفِـكْـرِ والـفُــتـورِ الإِيـمـانِـيِّ.
لَــقَــدْ ظَــهَــرَتْ عَــبْــرَ الــتَّــارِيــخِ جَــمــاعــاتٌ سِــيــاسِــيَّــةٌ، أَو فَــلْــسَــفِــيَّــةٌ، عَــمِــلَــتْ عــلــى الــتَّــشْــكِــيــكِ بِــكَــلامِ الــكِــتــابِ الــمُــقَــدَّسِ، وبِــجَــمِــيــعِ الأَحْــدَاثِ الــخَــلاصِــيَّــةِ، حَــتَّــى إِنَّــهــا نَــصَــبَــتْ شَــرْخًــا بَــيْــنَ الــدِّيــنِ والــعُــلــومِ، مُــتَّــهِــمَــةً الــكَــنِــيــسَــةَ بِــأَنَّــهــا تَــرْفُــضُ الــعِــلْــمَ لأَنَّــهُ يَــفْــضَــحُ هَــشــاشَــةَ الإِيــمــانِ بِــإِلَــهٍ غَــيْــرِ مَــنْــظــورٍ، وتــالِــيًــا غَــيــرِ مَــوْجــودٍ، غــيــرَ مُــدْرِكــيــن أنَّ الــتَــقَــدُّمَ فــي الــعِــلْــمِ يُــؤدّي إلــى إيــمــانٍ أعــمَــق، لأنَّ الــعــالِــمَ يُــدرِكُ ضَــعْـــفَــه ومَــحــدودِيَّــتَــه أمــامَ عِــظَــم قُــدرةِ الــخــالِــق".
وأضاف في عظة قداس الأحد: "يَــدّعــي الــمُــلْــحِــدونَ أَنَّ الــكِــتــابَ الــمُــقَــدَّسَ يَــحْــتَــوِي عــلــى أَســاطِــيــرَ وخُــرافــاتٍ، وبِــأَنَّــهُ كِــتــابٌ غــامِــضٌ ومُــشَــوَّشٌ وغَــيْــرُ أَكِــيــدٍ. تَــنْــبَــعُ أَفْــكــارُهُــمْ هَــذِهِ مِــنْ عَــدَمِ فَــهْــمِــهِــمْ لأَحْــداثِ الــكِــتــابِ، ولا لِــلــعَــمَــلِ الــخَــلاصِــيِّ الَّــذِي ابْــتَــدَأَ مُــنْــذُ الــعَــهْــدِ الــقَــدِيــمِ، فَــأَخَــذُوا يُــحِــيــكُــونَ الــنَّــظَــرِيَّــاتِ والــمُــؤَامَــراتِ لِــكَــيْ يُــقْــنِــعــوا قَــلِــيــلــي الإِيــمــانِ بِــمــا يَــدّعــون، فَــأَضَــلُّــوا الــكَــثِــيــريــن. هُــنــا، لا بُــدَّ مِــنَ الــتَّــحــذيــرِ مِــنْ بَــعْــضِ الــجَــمــاعــاتِ الَّــتــي عــادَتْ إلــى الــعَــمَــلِ بِــنَــشــاطٍ، مُــرْتَــدِيَــةً ثَــوْبَ الــحَــمَــلِ، ومــا هِــيَ إِلَّا ذِئــابٌ خــاطِــفَــةٌ، كَــجَــمــاعَــةِ شُــهــودِ يَــهــوَه الَّــتــي تَــزورُ الــمَــنــازِلَ بِـحُــجَّــةِ الــتَّــبــشــيــرِ بِــاللهِ، فَــتَــقــودُ ضَــعــيــفــي الإِيــمــانِ إلــى الــهــاوِيَــة. فَــاحْــذَروا مِــنْ هَــؤلاء، وتَــدَرَّعــوا بِــقِــراءَةِ الــكِــتــابِ الــمُــقَــدَّسِ وفَــهْــمِــهِ، عَــبْــرَ الإطِّــلاعِ عَــلــى تَــفــاســيــرِ الآبــاءِ الــقِــدِّيــســيــنَ، والــرُّجــوعِ إلــى كَــهَــنَــةِ رَعــايــاكُــم، أَيْ إلــى الــكَــنــيــسَــةِ الــحَــقــيــقــيَّــةِ، ولا تُــصَــدِّقــوا مَــنْ يَــأتــونَــكُــم بِــلا صِــفَــةٍ واضِــحَــةٍ ويُــشَــوِّشــون عُــقــولَــكــم".
وتابع: " يَــظُــنُّ الــبَــعْــضُ أَنَّ الإِلْــحــادَ تَــطَــوُّرٌ، ويَــدُلُّ عَــلــى انْــفِــتــاحٍ فِــكْــرِيٍّ، وأنَّ الإبْــتِــعــادَ عَــن الــتَّــدَيُّــنِ يَــجْــعَــلُ الإِنــســانَ قَــرِيــبًــا مِــنْ كُــلِّ الــبَــشَــرِ مَــهْــمــا كــانَ انْــتِــمــاؤُهُــمْ أو جِــنْــسُــهُــم أو عِــرْقُــهُــم، مُــتَــجــاهِــلــيــن قَــوْلَ الـرســولِ بــولــس: «لأنّــكــم جــمــيــعــاً أبــنــاءُ الله... لــيــس يــهــوديٌّ ولا يــونــانــيّ، لــيــس عَــبْــدٌ ولا حُــرٌّ، لــيــس ذَكَــرٌ وأنــثــى، لأنّــكــم جَــمــيــعــاً واحــدٌ فــي الــمــســيــحِ يــســوع»".
وأضاف: " كَــثــيــرًا مــا نَــســمَــعُ بــعــضَ الــفَــنَّــانــيــنَ والــمَــشــاهــيــرَ يَــتَـحَــدَّثــونَ بِــهَــذِهِ الــطَّــريــقَــةِ، الأَمْــرُ الَّــذي يَــدُلُّ عَــلــى جَــهــلِــهِــم لِــلــكِــتــابِ الــمُــقَــدَّسِ الَّــذي يَــعْــبُــقُ بِــالــمَــحَــبَّــةِ، ويَــذْخَــرُ بِــأَقْــوالِ الــرَّبِّ الــدَّاعِــيَــةِ إلــى قَــبُــولِ الآخَــرِ، حَــتَّــى الأَعْــداء، ويُـحَــذِّرُ مِـنْ تَــنْــصــيــبِ الـبَـشَـرِ أنْــفُــسَـهـم قُـضــاةً دَيّــانــيــن، ويُـشَـدِّدُ عــلــى أهــمــيَّــةِ الــحُــريّــةِ الــتــي مَــنَــحَــهــا اللهُ لــلإنــســانِ عــنــدمـا خَــلَــقَــه عـلى صـورَتِـه ومِـثـالِـه. يَــنْــسَــى هَــؤُلاءِ أَنَّ اللهَ خَــلَــقَ الــعِــلْــمَ والــعُــلَــمَــاءَ، والــطِّــبَّ والأَطِــبَّــاءَ، فَــكَــيْــفَ يَــفْــصِــلُــونَ بَــيْــنَ الــخــالِــقِ وخَــلِــيــقَــتِــه؟ تَــكْــمُــنُ الــمُــشْــكِــلَــةُ فــي مَــنْ يَــعْــتَــنِــقــون أَفــكــاراً غَــريــبَــةً عَــنْ إيــمــانِــهِــم لــيُــصــبِــحــوا مَــقــبــولــيــنَ مِــنَ الآخَــريــن، فــيــمــا الــمُــؤمِــنُ لا يَــســعَــى إِلَّا إلــى أَنْ يَــكــونَ مَــقــبــولًا مِــنْ رَبِّــهِ، ووارِثًــا لِــمَــلَــكــوتِــه، فَــيَــكــونُ الأكــثــرَ حُــرّيــةً والأكــثــرَ انــعـِـتــاقــاً مِــنَ الــقُــيــودِ والأغــلالِ لأنّــه عَــرَفَ الــحَــقَّ فَــحَــرَّرَه".
كما أكد أنّه "كَــثِــيــرَة تَــدَخُّــلاتُ الــرَّبِّ فــي حَــيــاتِــنــا حَــتَّــى لا نَــفْــقِــدَ إِيــمــانَــنــا. لَــكِــنَّــنــا نَــخْــتــارُ أَحْــيــانًــا كَــثِــيــرَةً أَنْ نَــصُــمَّ آذانَــنــا، ونُــعْــمِــي عُــيُــونَــنــا وقُــلُــوبَــنــا عَــنْ مَــعْــرِفَــةِ الــحَــقِــيــقَــةِ ورُؤْيَــةِ الآيــاتِ والــمُــعْــجِــزاتِ الــيَــوْمِــيَّــةِ الــحــاصِــلَــةِ بِــتَـدبــيــرٍ إِلَــهِــيّ. صَــحِــيــحٌ أَنَّ الــعِــلْــمَ اكْــتَــشَــفَ الــكَــثِــيــرَ، إِلَّا أَنَّ أُمــورًا عَــدِيــدَةً لا تَــزالُ خَــفِــيَّــةً عَــلَــيْــهِ ويَــقِــفُ عــاجِــزًا عِــنْــدَهــا. لِــهَــذا، يَــنْــتَــهِــي إِنْجــيــلُ الــيــوم بِــالــقَــول: «وآيــاتٍ أُخَــرَ كَــثِــيــرَةً صَــنَــعَ يَــســوعُ أَمــامَ تَــلامِــيــذِهِ لَــمْ تُــكْــتَــبْ فــي هَــذا الــكِــتــابِ، وأَمَّــا هَــذِهِ فَــقَــدْ كُــتِــبَــتْ لِــتُــؤْمِــنــوا بِــأَنَّ يَــســوعَ هُــوَ الــمَــسِــيــحُ ابْــنُ اللهِ، ولِــكَــيْ تَــكــونَ لَــكُــمْ، إِذا آمَــنْــتُــمْ، حَــيــاةٌ بِــاسْــمِــهِ»".
وقال عودة: "يـا أحِـبّـة، كـمـا شَـكَّ تـومـا بـقـيـامَـةِ الـربِّ كـثـيـرون يَــشُـكّــون بِــقُــدرَةِ لـبـنـانَ عـلـى الـنُـهـوض. إنَّ قِــوى الــشَــرِّ والــفَــســادِ والــضَــلالِ لــن تَــقــوى عــلــيــه وإن بَــدَتْ أنّــهــا الأقــوى، وأنّــهــا غَــلَــبَــتْ الــمــتَــشَـبِّــثــيــنَ بــالــحَــقِّ والــخَــيــر، لأنَّ الــبــاطِــلَ سَــيُــســحَــقُ والــشَــرَّ سَــيُــغــلَــبُ، وهـذا الـلـيـلُ الـذي طـالَ سَــيَــنْـجَــلـي مـا دام هــنـاك نِـسـاءٌ ورِجـالٌ شُــرَفـاءُ، يَـعْــمَـلـون مِـنْ أجْـلِ إنْـقـاذِه مِـنْ بَـراثِـنِ الـفَـسـادِ والـشَــرِّ الـمُـعَــشِــشَـيْــن فـي بَـعــضِ الـقُـلـوبِ الـمُـظْــلِــمَـةِ، الـتـي عَــمِـلَـتْ طـيـلَـةَ سَـنَـواتٍ عـلى اسـتِــنْــزافِـه، واسـتِـغْـلالِ طـاقـاتِـه، ونَـهْــبِ ثَــرَواتِـه، وإفْــراغِــه مِـنْ دورِه ومِـنْ أبـنـائـه، مُـعَــرقِـلَـةً انـتِـخـابَ رئـيـسٍ ومُـعَــطِّــلَـةً عَــمَــلَ الـمـؤسَّـسـات. لـكـنَّ الــغَــلَــبَــةَ دومــاً لــلــحــقِّ، والــربُّ الــقــديــرُ الــذي غَــلَــبَ الــمــوتَ وداسَ الــجــحــيــمَ وأقــامَ الــمَــوتــى إلــى حــيــاةٍ جَــديــدةٍ سَــيُــقــيــمُ لــبــنــانَ مــن سَــقْــطَــتِــه بِــفَــضْــلِ الــمــؤمــنــيــنَ مِــنْ أبــنــائــه، ذَوي الــنُــفــوسِ الــكــبــيــرةِ والــقُــلــوبِ الــرَحــيــمــة، الــمُــتَــشَــبِّــثــيــنَ بِــهِ والــعــامِــلــيــنَ عــلــى تَــطــبــيــقِ دُســتــورِه، وصَــوْنِ حُـدودِه وحِــمــايــةِ أبــنــائــه، الـنـاشِـريـنَ مَــفــاهــيــمِ الــسَــلامِ والــعـَـدالــةِ والــمُــســاواةِ والأُخُــوَّة. وصــانِــعـــو الــسَــلامِ يُــطَــوِّبُــهــم الــربُّ، والــمــؤمــنــون بـه لا يَــخْــزَون".
وختم قائلاً: "دَعــوَتُــنــا الــيَــومَ أَنْ نُــؤمِــنَ بِــالــمَــســيــحِ مُــخَــلِّــصًــا لِــحَــيــاتِــنــا، حَــتَّــى لَــوْ لَــمْ تُــشــاهِــدْهُ عُــيــونُــنــا، وأَنْ نُــصَــلِّــي مِــنْ أَجْــلِ كُــلِّ مَــنْ يُــشَــكِّــكُ بِــوُجــودِهِ وبِــأَعْــمــالِــهِ الــخَــلاصِــيَّــةِ، حَــتَّــى يُــبْــصِــروا الــحَــقِــيــقَــةَ ويَــهْــتِــفــوا مِــثْــلَ تُــومــا: «رَبِّــي وإِلَــهِــي».